المساعدات الغذائية تبدأ الاثنين بالدخول إلى مضايا.. والنظام السوري يساوم: السلاح مقابل الغذاء

«أطباء بلا حدود» تصف البلدة بـ«السجن المفتوح»

المساعدات الغذائية تبدأ الاثنين بالدخول إلى مضايا.. والنظام السوري يساوم: السلاح مقابل الغذاء
TT

المساعدات الغذائية تبدأ الاثنين بالدخول إلى مضايا.. والنظام السوري يساوم: السلاح مقابل الغذاء

المساعدات الغذائية تبدأ الاثنين بالدخول إلى مضايا.. والنظام السوري يساوم: السلاح مقابل الغذاء

وضعت أزمة بلدة مضايا المحاصرة من قبل النظام السوري وحلفائه بريف دمشق الغربي، على سكة الحل، أمس، رغم إرجاء تنفيذه إلى يوم الاثنين المقبل، حين يتوقع أن يبدأ دخول قوافل المساعدات الإنسانية إلى البلدة الواقعة إلى الجنوب من مدينة الزبداني، بحسب ما أبلغ المدنيون المحاصرون في داخلها. وفي هذه الأثناء، تجري مساومات على إدخال المواد الغذائية إليهم، وهي تتمثل في مبادلة البنادق الحربية بعشرة كيلوات من الأرز أو الحنطة أو الحبوب.
وفي حين سرت معلومات عن دخول قافلة مساعدات بعد ظهر أمس، قال مصدر ميداني في مضايا لـ«الشرق الأوسط»: «سمعنا بأن قافلة دخلت، لكن لم يصل أي شي إلينا حتى الساعة».
وبدوره، أكد القيادي المعارض في مضايا أبو المهاجر، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتصالات التي أجريت مع قيادة «حركة أحرار الشام» والأمم المتحدة، أفضت إلى التأكيد لهم بأن المساعدات الإغاثية «ستبدأ بالدخول إلى البلدة المحاصرة يوم الاثنين، وستشمل المواد الإغاثية من غير وجود تأكيدات ما إذا كانت ستتضمن المواد الطبية». وتقول الأمم المتحدة إن نحو 40 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، بحاجة عاجلة لمساعدات لإنقاذ حياتهم في مضايا المحاصرة من قبل القوات الموالية للنظام.
جدير بالذكر أن سلطات النظام السوري في دمشق، أعطت أول من أمس (الخميس)، الإذن للوكالات الإنسانية بإدخال مواد إغاثة إلى البلدة، في أعقاب تقارير عن وفيات بسبب الجوع بين المدنيين، الذين نزح كثيرون منهم إلى البلدة من مدينة الزبداني المجاورة التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
وأشار أبو المهاجر إلى خروق للحصار تجري على الحواجز التابعة للقوات النظامية، تتمثل في «ابتزاز المقاتلين في الداخل»، موضحًا أن تلك القوات «تعطي عشرة كيلوات من الأرز أو الحنطة أو الحبوب، مقابل تسليم بندقية حربية»، وذكر أن ذلك «يعني أن هناك خطة واضحة بتجريد المقاتلين المعارضين من أسلحتهم في الداخل، تمهيدًا لخطة تهجيرهم من المنطقة».
وتابع أبو المهاجر: «هناك ابتزاز لتسليم السلاح. الواضح أنهم يريدون وضع يدهم على المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية وتهجير السكان منها. فعمليًا، إذا أخذوا السلاح، فهذا يعني أنهم احتلوا المنطقة»، ومن ثم أعرب عن «شكوك الأهالي من أن يكون إدخال المساعدات كافية جدا»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن حركة «أحرار الشام» وسائر القوات المنضمة إلى «جيش الفتح» «يضغطون الآن على بلدتي كفريا والفوعة عسكريًا وعبر تشديد الحصار عليهم، بهدف إدخال المساعدات إلى مضايا». وللعلم، فإن بلدتا كفريا والفوعة اللتين تسكنهما أغلبية شيعية بريف محافظة إدلب، تحاصرهما قوات المعارضة السورية، ولقد أدخلت البلدتان في اتفاق لوقف إطلاق النار ضمن ما يُعرف باسم «اتفاق الزبداني – كفريا والفوعة»، ومن المرجح أن تدخل المساعدات إلى البلدات الثلاث في وقت واحد.
من ناحية أخرى، أعلن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، أن القوافل باتت جاهزة للدخول إلى مضايا وكفريا والفوعة، لكنه أوضح أن توقيت دخولها «لم يحدد بعد، ومن المرجح أن تدخل الأحد أو الاثنين»، مؤكدًا لـ«الشرق الأوسط» أن المساومة على تسليم السلاح مقابل دفعات من الغذاء «تمت وهي واقعية في البلدة المحاصرة».
وأردف عبد الرحمن أن البلدات الثلاث تعاني من الحصار وفقدان المواد الغذائية «ولو كانت المعاناة في كفريا والفوعة بمستويات أقل»، وأوضح أن آخر الدفعات الأغذية التي دخلت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «كانت كافية لشهرين كحد أقصى، وسط تقديرات بأن تنتهي كمياتها في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومنذ ذلك اليوم لم تدخل المساعدات إلى البلدات الثلاث، بسبب الأعمال العسكرية».
أما المتحدث باسم «مكتب حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة روبرت كولفيل، فلقد وصف الوضع في مضايا بـ«الوضع مروع»، مشيرا إلى أنه «من الصعب التأكد من حجم المعاناة في مضايا بسبب الحصار».
وفي الوقت نفسه، أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» أمس (الجمعة) أن 23 شخصا قضوا جوعًا في بلدة مضايا السورية المحاصرة منذ الأول من ديسمبر الماضي، التي تستعد الأمم المتحدة لإرسال مساعدات إنسانية إليها. وقالت المنظمة إن بين الأشخاص الـ23 الذين ماتوا جوعا، «ستة لا تتجاوز أعمارهم العام وخمسة فوق الستين من العمر». وأضافت المنظمة أن الوفيات حصلت في مركز صحي محلي تشرف عليه المنظمة.
وأورد مدير عمليات منظمة «أطباء بلا حدود»، بريس دو لا فيني، في بيان: «هذا مثال واضح على تداعيات استخدام الحصار كاستراتيجية عسكرية». وقال إن الطواقم الطبية اضطرت إلى تغذية الأطفال بالأدوية السائلة لأنها المصدر الوحيد للسكر والطاقة، ووصف مضايا بـ«السجن المفتوح». ثم استطرد: «لا سبيل للدخول أو الخروج، وليس أمام الأهالي سوى الموت».
هذا، ورحبت المنظمة بقرار نظام دمشق السماح بدخول المساعدات الغذائية، لكنها شددت على «ضرورة أن يكون إيصال الأدوية الضرورية لإنقاذ الحياة، أولوية أيضًا. وقالت المنظمة في جنيف إن قافلة المساعدات ستتوجه إلى مضايا في غضون الأيام المقبلة، رغم أن الترتيبات لم تنجز بعد.
ومن ناحيته، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن 13 شخصا حاولوا الهرب بحثا عن الطعام قتلوا بعد أن داسوا على ألغام زرعتها قوات النظام أو برصاص قناصة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.