الجمهوريون يسعون لمنع رفع العقوبات عن إيران وفرض رقابة مشددة على تنفيذ «النووي»

وزير الخارجية الأميركي: واشنطن ستواصل مهمة ضمان وفاء إيران بالتزاماتها ورقابة أنشطتها في المنطقة

جمهوريون في مجلس النواب الاميركي يصطفون لمشاهدة رئيس المجلس بول رايان لدى توقيعه قانون {اوباما كير} في واشنطن (غيتي)
جمهوريون في مجلس النواب الاميركي يصطفون لمشاهدة رئيس المجلس بول رايان لدى توقيعه قانون {اوباما كير} في واشنطن (غيتي)
TT

الجمهوريون يسعون لمنع رفع العقوبات عن إيران وفرض رقابة مشددة على تنفيذ «النووي»

جمهوريون في مجلس النواب الاميركي يصطفون لمشاهدة رئيس المجلس بول رايان لدى توقيعه قانون {اوباما كير} في واشنطن (غيتي)
جمهوريون في مجلس النواب الاميركي يصطفون لمشاهدة رئيس المجلس بول رايان لدى توقيعه قانون {اوباما كير} في واشنطن (غيتي)

بعد أن أقرت لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب مساء أول من أمس، مشروع قانون يمنح الكونغرس سلطة أكبر على رقابة الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران، يدفع الأعضاء الجمهوريون لمناقشة مشروع القانون والتصويت عليه في مجلس النواب بكامل هيئته الأسبوع المقبل ثم عرضه على مجلس الشيوخ.
وينص مشروع القانون الذي يسمي «قانون الشفافية لأعمال إيران المالية الإرهابية» على زيادة رقابة المشرعين الأميركيين على تفاصيل تنفيذ الاتفاق النووي بين القوى العالمية الست وإيران الذي تم توقيعه في يوليو (تموز) الماضي. ومن شأنه أيضا أن يمنع الولايات المتحدة من رفع العقوبات على بعض الأفراد والشركات والمصارف الإيرانية، وهو الأمر الذي من المرجح أن يثير غضب طهران بما يجعلها قد تتراجع عن بعض التزاماتها. ويدفع الديمقراطيين لحشد الأصوات للاعتراض على مشروع القانون محذرين من عواقب انسحاب إيران من الاتفاق وعدم تنفيذه.
ويعد مشروع القانون الجديد محاولة من جانب الجمهوريين لفرض رقابة أكبر على شروط الاتفاق بعد أن فشلوا في حشد المعارضة الكافية للاتفاق في تصويت الكونغرس العام الماضي. وقال اد رويس رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب «إن جوهر المشكلة هي سياسات الرئيس أوباما الخارجية التي تحتاج إلى تغيير» وتساءل رويس في خطابه أمام معهد أميركان إنتربرايز صباح الجمعة حول تردد الإدارة الأميركية في فرض عقوبات أكثر صرامة ضد إيران بعد قيامها بتجارب صواريخ باليستية عابرة للقارات وإطلاق صاروخ على مقربة من حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس هاري ترومان إضافة إلى احتجاز طهران لأميركيين في السجون الإيرانية.
وأكد رويس أن تقاعس الإدارة الأميركية عن فرض عقوبات ضد إيران أدى إلى تشكك الحلفاء والشركاء في الشرق الأوسط في التزامات واشنطن وعدم إشارك واشنطن في المشاورات بين المملكة العربية السعودية ومصر وغيرهما من دول الخليج السنية.
وشدد رويس على ضرورة العمل لإيصال رسالة لإيران أنه سيكون هناك عواقب حقيقية لإقدامها على اختبار صاروخ باليستي في انتهاك للقرارات مجلس الأمن الدولي.
ويقول المحللون إنه في حال تمرير الكونغرس لهذا المشروع فإنه قد يقوض جهود إدارة أوباما لتنفيذ الاتفاق التاريخي مع إيران ويؤدي إلى مواجهة ساخنة بين الكونغرس والرئيس الأميركي حول سياسات إدارته الخارجية، وبصفة خاصة مع إيران، في وقت تدفع إيران على دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ بشكل سريع خلال العام الجاري.
وينتقد الجمهوريون الإدارة الأميركية لتلكئها وترددها في فرض عقوبات على إيران بعد قيام طهران بتجربتين لاختبار صواريخ باليستية في مخالفة وانتهاك واضح للقوانين الدولية كما يسعى الجمهوريون للحصول على التزام من الإدارة الأميركية لعدم تخفيف الضغط على إيران فيما يتعلق بتصرفات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة ودعمها للإرهاب.
وفي حال تمرير مشروع القانون فإنه من شأنه أن يضع قيودا على إدارة أوباما في رفع بعض الأفراد الإيرانيين والمؤسسات المالية والمصارف الإيرانية من قائمة العقوبات التي وضعتها وزارة الخزانة الأميركية حتى يشهد الرئيس أمام الكونغرس أن هؤلاء الأفراد والمؤسسات المالية ليست متورطة في برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية أو أية أنشطة إرهابية.
وقال مساعدون بالكونغرس إن المشرعين يضغطون لدفع إدارة أوباما فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب تجارب الصواريخ الباليستية وقالت مصادر بالإدارة الأميركية إن إدارة أوباما تبحث عدة خيارات لفرض عقوبات.
في المقابل تحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري مساء أول من أمس مدافعا عن التزام إيران بتنفيذ تعهداتها في إطار الاتفاق النووي بأسرع وقت والتزام بلاده بمتابعة مدى التزام إيران بتنفيذ تلك التعهدات. وأشار وزير الخارجية الأميركي إلى أن تنفيذ الاتفاق وما يتدرج تحته من خطة شاملة للعمل المشترك التي تم الاتفاق عليها في 14 يوليو الماضي ستبدأ خلال أيام معدودة. وقال كيري «لقد شهدنا بالفعل نتائج مهمة للغاية وقد شحنت إيران معظم مخزونها من اليورانيوم المخصب للخارج على متن سفينة روسية حيث سيتم القضاء على تلك المواد ومنع إيران من إمكانات تصنيع قنبلة أو سلاح نووي».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.