برلمان طرابلس يعلن النفير العام.. وحكومة الثني تنفي أي اتصالات مع حكومة السراج

وزير خارجية إيطاليا: ليبيا ليست صالة رياضية لعرض العضلات

فيدريكا موغريني الممثلة السامية ونائبة رئيس الاتحاد الأوروبي  خلال مؤتمر صحافي مع  رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
فيدريكا موغريني الممثلة السامية ونائبة رئيس الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

برلمان طرابلس يعلن النفير العام.. وحكومة الثني تنفي أي اتصالات مع حكومة السراج

فيدريكا موغريني الممثلة السامية ونائبة رئيس الاتحاد الأوروبي  خلال مؤتمر صحافي مع  رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
فيدريكا موغريني الممثلة السامية ونائبة رئيس الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

في ظل وجود ثلاث حكومات في ليبيا، وسع تنظيم داعش بنسخته المحلية عملياته الإرهابية موقعا عشرات القتلى والجرحى في عمليتين انتحاريتين لا يفصل بينهما سوى ساعات قليلة فقط.
وبينما يسابق الجميع الزمن لإقناع طرفي الصراع على السلطة، سواء مجلس النواب الموجود في طبرق بأقصى الشرق، أو المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في العاصمة طرابلس، نفى ناطق باسم الحكومة الانتقالية الموالية لمجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»، وجود أي اتصالات بين حكومته وحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة رجل الأعمال فائز السراج عضو مجلس النواب عن العاصمة طرابلس.
وقال حاتم العريبي، المتحدث باسم الحكومة التي يترأسها عبد الله الثني من مقرها في مدينة البيضاء لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد أي اتصال مباشر ونحن كحكومة مؤقتة أول من دعم الحل السلمي والحوار برعاية الأمم المتحدة. واعتبر أن تنظيم داعش يتمدد في ليبيا بسبب ترك المجتمع الدولي للشعب الليبي في مواجهة الإرهاب دون دعم حقيقي، لافتا إلى أن التنظيم الإرهابي لديه دعم لا تمتلكه قوات الجيش الليبي، على حد قوله. كما انتقد العريبي مواقف المجتمع الدولي تجاه ما يجرى حاليا، وفى إشارة إلى تعرض خزانات النفط لنيران «داعش»، ومحاولة السيطرة على منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية، قال العريبي: «نحن لن نترك الوطن ومواردها تحرق دون أي تحرك من المجتمع الدولي ولم نر سوى بيانات لا تغني ولا تسمن من جوع».
ونص الاتفاق الذي تم توقيعه في المغرب على تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن رئيسي البرلمانين التابعين للسلطتين الحاليتين يرفضان هذه الحكومة.
من جهته، أعلن نوري أبو سهمين، رئيس برلمان طرابلس غير المعترف به دوليا، حالة النفير والتعبئة العامة للوحدات المدنية والعسكرية إثر الانفجار الذي استهدف مركزا لتدريب الشرطة بزليتن، أول من أمس.
وطالب قرار أبو سهمين الذي يعتبر نظريا بمثابة القائد الأعلى للجيش الموالي للسلطات الموازية في طرابلس، المؤسسات المدنية والعسكرية بأعلى حالات الانضباط وحفظ الأمن بحسب المادة الثالثة.
كما أجاز القرار لوزير الدفاع اتخاذ التدابير اللازمة لتقييد حرية الإقامة والتنقل والسفر وإحاطة البعثات الدبلوماسية والأجانب بالتعامل مع الجهات المسؤولة والإبلاغ عن تنقلاتهم. كما طالب القرار بتسخير الموارد البشرية والمالية كافة لخدمة المجهود الحربي.
وجاء هذا القرار بعدما تبنى تنظيم داعش التفجير الانتحاري الذي أوقع 7 قتلى في مدينة رأس لانوف النفطية في شرق ليبيا، بعد ساعات فقط من تفجير أكثر دموية أسقط نحو 280 من قوات الشرطة ما بين قتيل وجريح في مدينة زليتن شرق العاصمة طرابلس.
ونشرت وكالة موالية للتنظيم الإرهابي اعترافه بتنفيذ عملية انتحارية بسيارة مفخخة لأحد مقاتلي «داعش» عند بوابة معسكر الدعم التابع لحرس المنشآت النفطية جنوب مدينة رأس لانوف، وهى منطقة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا التي تتخذ من طبرق في الشرق مقرا.
ودفعت المخاوف من تزايد نفوذ المتطرفين وإقامة معقل جديد لهم على أبواب أوروبا بالغربيين إلى تكثيف الجهود من أجل جمع طرفي النزاع في حكومة تتولى إدارة شؤون البلد الغارق في الفوضى منذ سنوات.
والتقت الممثلة السامية ونائبة رئيس الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغريني، أمس، في تونس، مع أعضاء مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة رجل الأعمال فائز السراج عضو مجلس النواب عنها لعاصمة طرابلس.
وناقشت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي مع السراج وأعضاء في حكومته، بدء العمل على الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي للحكومة بعد توقيع الاتفاق السياسي الليبي في منتجع الصخيرات بالمغرب العام الماضي.
وتعهدت في مؤتمر صحافي مشترك مع السراج بتقديم مائة مليون يورو على شكل مساعدات إلى ليبيا، لكنها شددت في المقابل على أنه «لا بد من اتحاد الأطراف الليبية لمكافحة الإرهاب»، وبعدما رأت أن الوضع الأمني في ليبيا يشكل تحديا كبيرا لإيصال المساعدات، وأكدت أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بدعم الشعب الليبي ومستعد لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية.
كما اجتمعت المسؤولة الأوروبية أيضا مع المشاركين في الحوار السياسي الليبي وكذلك مع رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني إن «ليبيا ليست صالة رياضية لعرض العضلات». وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة أنباء آكي الإيطالية: «يجب علينا تجنب اتخاذ إجراءات متسرعة»، ووعد أن «أي عرض عضلات عسكري اليوم، يمكن أن يبرره إنذار الخطر من الإرهاب»، لكنه «لن يخلّف على أرض الواقع ما نحتاجه اليوم، ألا وهو بداية الاستقرار، بل ربما مزيد من الاضطرابات».
وأعرب عن اعتقاده بأن من المصلحة الوطنية لإيطاليا أن تكون في ليبيا، البلد الحيوي والجار، عملية استقرار تقود ببطء إلى تشكيل حكومة مستقرة.
من جهته، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بـ« الهجوم الإرهابي المميت»، الذي وقع أول من أمس، قرب قاعدة للشرطة في زليتن بغرب ليبيا. وقال في بيان وزعه أمس، إنه يستنكر محاولات المتطرفين لتجريد الشعب الليبي من هذه الموارد الطبيعية. وجدد مون دعوته لجميع الجهات الفاعلة السياسية والأمنية لخلق بيئة مواتية للحكومة تمكّنها من تحمل مسؤولياتها، متعهدا بالتزام المنظمة الدولية بدعم الشعب الليبي لتحقيق السلام والاستقرار في بلاده.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.