السلطات الأمنية تتسلم مطار عدن الدولي رسميًا من المقاومة الجنوبية

في إطار فرض سلطة الدولة واستعادة المؤسسات الحكومية

السلطات الأمنية تتسلم مطار عدن الدولي رسميًا من المقاومة الجنوبية
TT

السلطات الأمنية تتسلم مطار عدن الدولي رسميًا من المقاومة الجنوبية

السلطات الأمنية تتسلم مطار عدن الدولي رسميًا من المقاومة الجنوبية

تسلمت السلطات الأمنية والحكومية بالعاصمة المؤقتة عدن أمس الخميس رسميًا مطار عدن الدولي من المقاومة الجنوبية، التي قامت بتأمين المطار طيلة الفترة الماضية، وتمت عملية التسليم بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء اللواء حسين عرب، ووزير النقل مراد الحالمي، ومحافظ عدن العميد عيدروس الزبيدي، ومدير الأمن العميد شلال شائع، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء أحمد سيف اليافعي. وقال وزير النقل مراد الحالمي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات تسليم مطار عدن الدولي تأتي ضمن خطة اللجنة الأمنية بالعاصمة عدن في إطار فرض سلطة الدولة واستعادة المؤسسات الحكومية، مؤكدًا أن السلطات الأمنية تسلمت قبل ذلك ميناء المعلا وميناء الحاويات بكالتكس، وتقوم بتأمينهما وحدات حماية أمنية خاصة تمتلك كفاءات ومجهزة بإمكانات عالية تتبع الأجهزة الأمنية بمحافظة عدن، مجددًا تأكيده أن الملاحة البحرية لميناء عدن عاودت نشاطها إلى الميناء. وأوضح الحالمي لـ«الشرق الأوسط» أن وزارته تسعى جاهدة لاستعادة مكانة ميناء ومطار عدن الدوليين ورد الاعتبار لهما من خلال خطة تأهيل وترميم تهدف إلى تطويرهما واستعادتهما للمكانة التاريخية، شاكرًا في سياق تصريحه الإخوة في قيادة التحالف لوقوفهم ودعمهم المستمر لإعادة بناء وتأهيل مؤسسات الدولة التي دمرها الانقلابيون.
وعقب تسليم المطار للقوات الأمنية والحكومية قام وزير النقل مراد الحالمي بتفقد سير العمل في المطار وإعادة تأهيله وترميمه من جراء الحرب والدمار الذي خلفته ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح. إذ تقوم شركة إماراتية بأعمال إعادة ترميم وتأهيله. واستمع الوزير الحالمي إلى توضيح من قبل مدير مطار عدن، طارق عبده علي، عن مستوى الدمار الذي لحق بالمطار ومستوى الإنجاز الذي تحقق في إعادة ترميم الصالات والمدرج وبرج المراقبة، مؤكدًا أنه سيجري اتصالات مكثفة لسرعة تأهيل المطار في فترة زمنية قياسية، بما يعيد له حيويته ونشاطه كمطار محوري، يمكنه تنفيذ مشاريع استثمارية استراتيجية في النقل الجوي خلال الفترة القادمة. كما التقى وزير النقل بعدد من الموظفين واستمع إلى همومهم ومعاناتهم.
وأشار الوزير الحالمي إلى أن الكادر الوظيفي يحتل أولوية اهتمامه، وأنه الأساس للبناء والتنمية والرقي وسيتم معالجة كل القصور، مؤكدًا أنها «مرحلة صعبة وستمر، والقادم مشرق بإذن الله، وأن نضالات وتضحيات الناس سنقابلها بالوفاء وغرس الابتسامة في نفوس الجميع».
بدوره قال محافظ عدن عيدروس الزبيدي إن مطار عدن الدولي أصبح آمنا 100 في المائة، مشيرًا إلى صدور توجيهات رئاسية بتجنيد أفراد المقاومة الذين تولوا مهمة حماية المطار خلال الفترة الماضية في الأجهزة الأمنية والعسكرية. مضيفا: «اليوم دشنا تسلم المطار من قبل قوات الدفاع والأمن التابعة للشرعية، حيث سيعمل المطار في القريب العاجل بإذن الله».
ويأتي تسلم السلطة الشرعية للمطار في إطار الحملة التي تقودها اللجنة الأمنية بهدف بسط سيطرة الدولة على كافة المرافق والمؤسسات الحكومية لتسيير أعمالها عبر هذه المؤسسات، وأثمرت الخطوات والإجراءات التي أقرتها اللجنة الأمنية عن تسلم حماية أهم المؤسسات الحكومية الموجودة في عدن والمتمثلة بمؤسسة موانئ عدن التي كانت قد تسلمتها مطلع الأسبوع الحالي، إلى جانب تسلمها شرطة مديرية التواهي، بالإضافة إلى تسلم مقر المحافظة الكائن في مديرية المعلا، وبذلك تكون السلطات المحلية قد قطعت شوطا كبيرا في حملتها التي تقودها بهدف تسلم مؤسسات الدولة التي كانت تحت حماية أفراد المقاومة الجنوبية.
وعلى صعيد متصل تشهد العاصمة المؤقتة عدن أوضاعا أمنية مستقرة فيما يدخل حظر التجوال الذي أقرته اللجنة الأمنية بعدن يومه الثالث، وسط تجاوب كبير من المواطنين وارتياح واسع لهذا الإجراء الذي قالوا إنه ساعد وبدرجة كبيرة على تحسن الوضع الأمني في المدينة التي كانت قد شهدت الأحد الماضي اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وجماعات مسلحة خارجة عن النظام والقانون.
وأشار مواطنون في مدينة عدن في أحاديث متفرقة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التزامهم بحظر التجوال الليلي وتأييدهم للإجراءات التي اتخذتها اللجنة الأمنية بعدن يعد واجبا وطنيا تطلبه المرحلة الراهنة، مؤكدين على أن ثقتهم الكبيرة بقيادة السلطة المحلية بعدن جعلتهم يقفون إلى جانب اللجنة الأمنية في كل ما تتخذه من قرارات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.