المعارضة السورية تتجه لقصف كفريا والفوعة.. لإدخال المساعدات إلى مضايا

مصادر: مهلة 48 ساعة لمنح فرصة للحل السلمي وإنقاذ المدنيين

أطفال سوريون في لبنان يحملون لافتات تطالب برفع الحصار عن بلدة مضايا والزبداني أمام مبنى الأمم المتحدة في بيروت (رويترز)
أطفال سوريون في لبنان يحملون لافتات تطالب برفع الحصار عن بلدة مضايا والزبداني أمام مبنى الأمم المتحدة في بيروت (رويترز)
TT

المعارضة السورية تتجه لقصف كفريا والفوعة.. لإدخال المساعدات إلى مضايا

أطفال سوريون في لبنان يحملون لافتات تطالب برفع الحصار عن بلدة مضايا والزبداني أمام مبنى الأمم المتحدة في بيروت (رويترز)
أطفال سوريون في لبنان يحملون لافتات تطالب برفع الحصار عن بلدة مضايا والزبداني أمام مبنى الأمم المتحدة في بيروت (رويترز)

قالت مصادر المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن الفصائل العسكرية في الشمال، «تتجه لقصف بلدتي كفريا والفوعة» ذواتيْ الأغلبية الشيعية في شمال البلاد «بهدف إجبار قوات النظام على إدخال المواد الإغاثية إلى بلدة مضايا» المحاصرة في ريف دمشق، مشيرة إلى أن قوات المعارضة «بدأت الثلاثاء بدفع تعزيزات إلى محيط البلدتين الشيعيتين في محافظة إدلب، وأنشأت مرابض مدفعية لقصفهما، حتى لو أدى ذلك إلى خرق الهدنة» الموقعة مع النظام السوري، المعروفة باسم «اتفاق الزبداني – كفريا والفوعة».
ويأتي اتجاه المعارضة العسكري نحو التصعيد، رغم التزامها منذ ثلاثة أشهر بالهدنة الموقعة مع قوات النظام، على خلفية معاناة سكان مضايا التي يقطنها نحو 40 ألف مدني، نتيجة الجوع وفقدان السكان المواد الغذائية ووقود التدفئة والمواد الطبية. وقال ناشطون إن نحو أربعين شخصًا قضوا في البلدة نتيجة الحصار، وسط تقاعس عن إدخال المواد الغذائية إليها.
وأمام هذا الواقع الإنساني الصعب، اتخذ قادة الفصائل العسكرية في إدلب قرارًا بالتصعيد العسكري ضد بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين من قبل قوات المعارضة، ويشهدان هدوءًا عسكريًا التزاما بقرار وقف إطلاق النار بموجب اتفاقية الزبداني، الواقعة في ريف دمشق والتي تحاصرها قوات النظام وحلفاؤها، وكفريا والفوعة، منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال عضو مجلس الثورة السورية في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، إن الاستعدادات لقصف كفريا والفوعة «أنجزت مساء الثلاثاء» الماضي، مشيرًا إلى أن «قوات النظام وحلفاءها شاهدوا الاستعدادات، وبينها نقل المدافع والذخائر إلى مناطق قريبة من البلدتين، تحضيرًا لقصف البلدتين في حال عدم إدخال المواد الإغاثية إلى مضايا خلال 48 ساعة»، مؤكدًا أن تلك التحركات العسكرية المستجدة «تحمل تهديدًا واضحًا لقوات النظام». وقال: «لقد انتهت 24 ساعة من المهلة.. وفي حال عدم إدخال المواد الإغاثية إلى مضايا حتى مساء الخميس (اليوم)، فإن قرار قصف كفريا والفوعة قد اتخذ بالتوافق، وتشارك فيه معظم الفصائل في الشمال».
ويسكن في الفوعة وكفريا مئات الأشخاص، بينهم مدنيون، وتحاصرهم قوات المعارضة منذ الصيف الماضي، إثر تقدم عسكري أنجزته في ريف إدلب. وهدأت الجبهة بموجب «اتفاق الزبداني – كفريا والفوعة». وقال الداراني: «في حال استحال إنقاذ أهالي مضايا، فإن الرد سيكون عسكريًا، حتى لو كان خرقًا للهدنة»، مشيرًا إلى أن «(جبهة النصرة) اتخذت هذا القرار الأسبوع الماضي، وأعلنت النفير في ريف إدلب، لكن حلفاءها عارضوا الخطوة، قبل أن يتخذ القرار الثلاثاء بإجماع الفصائل العسكرية الكبيرة في المنطقة» في إشارة إلى «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» وغيرها، والفصائل المنضوية تحت لواء «جيش الفتح». وأضاف: «المهلة التي أعطوها لأنفسهم قبل بدء قصف البلدتين، تأتي ضمن مساعٍ لمنح الفرصة للحل السلمي وإنقاذ المدنيين، وفي حال فشلت تلك المساعي ولم يسمح النظام بإدخال المساعدات إلى مضايا، فإن القصف سيبدأ باستهداف كفريا والفوعة».
وأعلن ناشطون سوريون، أمس، إن المواد الغذائية في مضايا «فقدت تمامًا، ولم يبقَ شيء منها حتى بيد التجار والمحتكرين»، فيما تُحاصر المدينة بالألغام والقوات العسكرية التابعة للنظام وحزب الله اللبناني، كما يقول ناشطون. ورجح ناشطون ارتفاع أعداد الوفيات في مضايا في الأيام المقبلة، نتيجة سوء الغذاء والجوع، وانعدام سبل الحياة.
وتضاعف عدد سكان مضايا إثر موجة نزوح المدنيين من مدينة الزبداني إليها، بفعل العمليات العسكرية التي اندلعت في يوليو (تموز) الماضي. وبعد محاصرة كفريا والفوعة، وقعت حركة «أحرار الشام» المعارضة اتفاقا مع القوات النظامية برعاية الأمم المتحدة، نفذت منه ثلاثة بنود في الزبداني والبلدتين الشيعيتين، تمثلت في وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإخراج الجرحى. أما البند الرابع، فسيقضي بفك الحصار عن الزبداني، وتسوية أوضاع المسلحين المعارضين بعد تسليم أسلحتهم الثقيلة وإنشاء حواجز لهم في مدينة الزبداني، بعد أن رفضت قوات المعارضة مبدأ إخراج المسلحين من المدينة إلى مناطق أخرى. وبذلك، يتشابه الاتفاق مع اتفاقات أخرى عقدت في ريف دمشق، بينها اتفاق معضمية الشام الذي سقط قبل شهر.
وتعاني البلدة حصارًا عسكريًا محكمًا منذ ثلاثة أشهر، ووصلت آخر المساعدات الإنسانية إليها عبر الصليب الأحمر الدولي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، قبل شهرين تقريبًا، بمعدل سلّة غذائية واحدة لكل أسرة، ما اضطر السكان مؤخرًا، تحت وطأة الحصار القاسي، لأكل ورق الشجر. وأظهرت صورٌ مسربّة من «مضايا» عبر مواقع التواصل الاجتماعي معاناة السكان، وأظهرت أجسادًا هزيلة نتيجة الجوع المطبق.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.