لليوم الثاني على التوالي.. «داعش» يهدد حقول النفط في ليبيا

مصادر: مصير حفتر عقبة أمام حكومة الوفاق الوطني

دخان كثيف وألسنة النار تلتهم محطة تخزين للوقود بالقرب من أكبر آبار النفط في مرفأ السدرة  شرق مدينة بن جواد الليبية حيث تدور معارك ضد تنظيم داعش المتطرف (إ ب أ)
دخان كثيف وألسنة النار تلتهم محطة تخزين للوقود بالقرب من أكبر آبار النفط في مرفأ السدرة شرق مدينة بن جواد الليبية حيث تدور معارك ضد تنظيم داعش المتطرف (إ ب أ)
TT

لليوم الثاني على التوالي.. «داعش» يهدد حقول النفط في ليبيا

دخان كثيف وألسنة النار تلتهم محطة تخزين للوقود بالقرب من أكبر آبار النفط في مرفأ السدرة  شرق مدينة بن جواد الليبية حيث تدور معارك ضد تنظيم داعش المتطرف (إ ب أ)
دخان كثيف وألسنة النار تلتهم محطة تخزين للوقود بالقرب من أكبر آبار النفط في مرفأ السدرة شرق مدينة بن جواد الليبية حيث تدور معارك ضد تنظيم داعش المتطرف (إ ب أ)

دخلت المواجهات في ليبيا بين تنظيم داعش وحرس المنشآت النفطية وقوات الجيش أمس يومها الثاني على التوالي، بينما تحدثت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» عما وصفته بأنه انقسام حاد حول مصير الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي، بين أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الإنقاذ الوطني التي اقترحتها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، برئاسة فائز السراج.
وترددت أمس معلومات عن احتمال انسحاب علي القطراني وفتحي المجبري من مجلس حكومة السراج، بسبب اعتراضهما على الإصرار على تنفيذ ما ورد في الاتفاق، الذي رعته بعثة الأمم المتحدة العام الماضي في مدينة الصخيرات المغربية، بشأن اعتبار المناصب العسكرية في ليبيا شاغرة بمجرد توقيع الاتفاق، بينما يخشى أنصار حفتر ومؤيدوه من أن يؤدي تنفيذ هذا البند إلى إقصائه عن منصبه كقائد عام للجيش الوطني الموالي للسلطات الشرعية في ليبيا. وقد عقد عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي وبعض أعضاء حكومة السراج، مساء أول من أمس، اجتماعا في تونس مع وفد من بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، بهدف التوصل إلى حل لهذه المعضلة التي تهدد الحكومة، التي لم تبدأ عملها رسميا ولم تعلن عن تشكيلها النهائي بعد.
وتصر السلطات الموازية، غير المعترف بها والموجودة في العاصمة طرابلس، على الإطاحة بحفتر من منصبه، حيث أعلن عبد الحكيم بلحاج، أحد قادة ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة التي تهيمن على العاصمة طرابلس بقوة السلاح منذ نحو عامين، في تصريحات له قبل يومين، عن رغبته في إقصاء حفتر من المشهد السياسي في ليبيا بصورة نهائية. إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الإيطالية، إن تهديدات تنظيم داعش «الجديدة والمثيرة للقلق» في ليبيا احتلت المكانة الأولى في الاتصال الهاتفي الذي جرى مساء أول من أمس بين وزير الشؤون الخارجية الإيطالية باولو جينتيلوني، ورئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج.
وبحسب بيان نشرته الخارجية الإيطالية فإن السراج أعرب للحكومة الإيطالية عن قلقه العميق جراء تصاعد المواجهات العسكرية، والتقدم نحو المناطق الشرقية لمجموعات إرهابية متمركزة في سرت.
ونقل عن الوزير الإيطالي تأكيده على التزام بلاده بمكافحة الإرهاب، ودعمها الكامل لكل جهود رئاسة الوزراء الليبية وحكومة الوفاق الوطني المرتقبة في إعادة الاستقرار في البلد.
من جانبه، اكتفى المجلس الرئاسي لحكومة السراج بإصدار بيان دعا فيه إلى مقاومة عناصر تنظيم داعش في عموم الأراضي الليبية. وأعلن أنه في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف عن كثب، وأنه يدرس كل الخيارات المتاحة لمواجهة هذا العدو، وإحباط محاولته لضرب مصادر رزق الليبيين.
من جهة أخرى، قال ناطق رسمي باسم حرس المنشآت النفطية إن المعارك حول مرفأ السدرة أسفرت عن سقوط سبعة قتلى، مشيرا إلى أن الاشتباكات تركزت جنوب غرب منطقة السدرة على مسافة 20 كيلومترا، وأوضح في ذات السياق أن تنظيم داعش استأنف القصف قرب ميناء السدرة النفطي، وأن صهريجا لتخزين النفط في الميناء أصيب بصاروخ بعيد المدى، ما أدى إلى اندلاع حريق. كما نقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر موثوق استمرار الاشتباكات في منطقة وادي كحيلة، ومنطقة قارة الحداد بالقرب من ميناء السدرة، لافتًا إلى أن هناك قصفا عنيفا بالراجمات وصواريخ الهاوزر باتجاه الميناء.
وأكد المصدر ذاته أن عناصر حرس المنشآت، بمساندة قوات الجيش، نجحوا في التصدي لهجوم عنيف من قبل التنظيم، وذلك على بعد نحو 40 كيلومترا من الميناء الذي استهدفوه أيضًا يوم الاثنين الماضي في هجوم أسفر عن مقتل سبعة حراس على الأقل وإصابة 25، كما زعم عقيد في سلاح الجو في قاعدة مصراتة أن «طائرات حربية شنت غارات من الصباح حتى المساء» على مواقع لجهادي تنظيم داعش.
وهاجم مسلحو التنظيم في محاولة للسيطرة على منطقة الهلال النفطي، التي تشمل ميناءي سدرة ورأس لانوف، وهي أهم المناطق الليبية الخاصة بتجميع النفط، عددا من حقول النفط جنوب ليبيا، لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة على أي من المنشآت النفطية مثلما فعلوا في سرت. وأكدت الحكومة الليبية المؤقتة أن المواجهات أسفرت عن إصابة خزان الهروج النفطي القريب من ميناء السدرة، بينما أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن حريقا اندلع بينما كان رجال الإطفاء على وشك احتواء حريق اندلع في صهريج نفطي أيضًا في ميناء رأس لانوف القريب، الذي أصيب في الاشتباكات قبل يومين. كما حذرت المؤسسة من حدوث ما وصفته بشلل كبير في أركان الدولة الليبية، مما قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي تام في حالة سيطرة «داعش» على الموانئ والحقول الواقعة في نطاق السدرة.
من جهته، أعلن تنظيم داعش على موقع «تويتر» أن عناصره شنوا أول من أمس هجوما واسعا على منطقة السدرة لتندلع اشتباكات عنيفة مع من وصفهم بـ«أعداء الله»، كما نشر التنظيم لاحقا صورًا وأسماء لأربعة انتحاريين.
وتعتبر منطقة الهلال النفطي أغنى مناطق النفط في ليبيا، حيث تحوي أكبر ثلاثة مرافئ نفطية في البلاد، وعدة خزانات نفطية تعرضت لهجمات في العام الماضي من قبل قوات الحكومة المنافسة، التي تسيطر على العاصمة طرابلس، والتي تسببت في وقف تصدير النفط وإتلاف الخزانات.
وكان سالم الجضران، رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية، قد أعلن في بيان تلفزيوني أن قوات الجهاز تصدت للهجوم الذي تعرضت له مناطق النفط على عدة محاور، لكنه شن في المقابل هجوما حادا على الفريق خليفة حفتر ووصفه بالمجرم، وقال إنه يسعى للديكتاتورية ولإعادة النظام العسكري في البلاد.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.