اختيار الجامعة الأميركية في بيروت كواحدة من أجمل الجامعات في العالم

احتلّت المرتبة الـ 18 لتصميمها الهندسي المعماري العريق والحديث معًا

المساحات الخضراء تحتل 85 % من مجمل المساحة العامة للجامعة الأميركية في بيروت
المساحات الخضراء تحتل 85 % من مجمل المساحة العامة للجامعة الأميركية في بيروت
TT

اختيار الجامعة الأميركية في بيروت كواحدة من أجمل الجامعات في العالم

المساحات الخضراء تحتل 85 % من مجمل المساحة العامة للجامعة الأميركية في بيروت
المساحات الخضراء تحتل 85 % من مجمل المساحة العامة للجامعة الأميركية في بيروت

احتلّت الجامعة الأميركية في العاصمة اللبنانية بيروت المرتبة 18 في كتاب «أجمل الجامعات في العالم»، لمؤلفيه جان سيرّوا (أحد الأساتذة الجامعيين)، وغيوم دي لوبييه (مصور فوتوغرافي) والذي يتضمن قائمة لأجمل 23 جامعة. وجاء اختيار الجامعة الأميركية هذا، نسبة لتصميمها وهندستها المعماريين اللذين تتميّز بهما داخليا وخارجيا.
والمعروف أن هذا الحرم الجامعي يعدّ من الأقدم في لبنان، ويقع في منطقة رأس بيروت. تأسسّ على يد القسّ دانيال بلس في عام 1866. تتميّز الجامعة الأميركية في بيروت، ببيئتها الخضراء التي تحتلّ 85 في المائة من مجمل مساحتها. فيلفها حزام أخضر على أطرافها وتتوسطها واحة مشجّرة كبيرة تتلوّن بأكثر من 50 صنفا من الأشجار الخضراء التي تظلل ملاعبها وعماراتها. وهذه المساحات تعدّ مناطق غير قابلة للبناء، إذ يتمسّك القائمون على الجامعة بعدم المسّ بها، حفاظا على المشهدية الجميلة التي تخلّفها، وعلى أهميتها بيئيا كمولّد أوكسجيني طبيعي في حرمها.
هذا الكتاب الذي ضمّ أجمل الجامعات في العالم، تصدّرته جامعة بولونيا التي تأسسّت عام 1088، فاحتلّت المركز الأول فيه، فيما احتلّت جامعة قطر المركز 22. ويأخذ الكتاب متصفّحه في مشوار يتنقّل به ما بين مونتريال بكندا وبيروت، وبين البرتغال والسويد، وكذلك بين الولايات المتحدة الأميركية وآيرلندا.
وعن السبب الرئيسي لاختياره هذه الجامعات، أجاب جان سيرّوا: «هي أماكن تكشف عن الفن المعماري الذي تتميز به والمشبّع بالتاريخ». ويتابع: «هناك شغف المسه في الهدوء والسكينة اللذين يغلّفان تلك الجامعات، التي أعدها أماكن راقية بمعالمها التاريخية ورسومها وفنونها الأدبية».
وبالعودة إلى مبنى الجامعة الأميركية في لبنان، فهو يتألّف من حرمين: أعلى وأسفل. والجدير ذكره هو اللوحة الفنيّة التي يؤلّفها مشهد الجامعة من بعيد، بحيث يقفز إلى النظر الإطار العام الذي يحتضنها من خلال حرميه (العالي والمنخفض). ويتوسطهما مساحة خضراء كبيرة، وقد تمّ تشييدهما على مرّ السنين بتصاميم هندسية تنوعّت حسب الزمن الذي رافق بناءها.
ويعدّ مبنى «كولدج هول» أحد أشهر مباني حرم الجامعة المذكورة، وواحدا من رموزها المعروفة في العالم. فالساعة الضخمة المعلّقة على برجه العالي، والتي تطلّ على الشوارع المحيطة بالجامعة (شارع الحمرا والكورنيش)، إضافة إلى طوابق الفنادق العالية في بيروت، تعدّ بمثابة مرجعية زمنية لضبط ساعات مشاهدها في العاصمة بيروت. بني هذا المبنى في عام 1873، فكان الأول بين مباني الحرم الجديد. عرف في البداية في المبنى الرئيسي، ويضم المكتبة والكنيسة وصفوفا وسكنا جامعيا، كما يضم مجموعات جيولوجية وأثرية.
أما مبنى «اسمبلي هول» الذي يجمع ما بين الطابع المعماري الغربي والشرقي في آن، بحيث تلوّنه تصاميم الأرابيسك العربية، فقد تمّ تصميمه من قبل الدكتور روبرت هالداين وست، الذي كان يدرّس علوم الرياضيات والفلك وكان مديرا لمرصد الجامعة في عام 1893. هذا المبنى الذي شيّد في عام 1891، على يد الدكتور ديفيد ستيوارت دودج، بلغت كلفته يومها 30 ألف دولار، فيما كانت الميزانية المقدرة له لا تتعدى 15 ألف دولار.
وحملت غالبية مباني الجامعة الأميركية في تصاميمها الداخلية والخارجية، طابعا تراثيا أدرجها على لائحة العمارة التراثية في بيروت. فهي إما مطعّمة بالقناطر وأشكال المندلون والزخرفة العربية، وإما مغطاة بالقرميد الذي أضفى عليها مشهدية العمارة اللبنانية القديمة. أما ألوانها فيغلب عليها الترابي منها بحيث تتفاوت ما بين البيج والأصفر القاتم. أما البوابة الرئيسية لها التي أنشئت عام 1901، فكانت بمثابة ممر يطلّ على شارع بلس المحيط بها في الخارج، بينما تشهد على الحرم الجامعي في الداخل. هذا المدخل الرئيسي للجامعة من تصميم المهندس الأميركي إدوار بيرس كايسي، الشهير في أعماله في واشنطن ونيويورك. وكان في الماضي ممرا لدخول عربات الخيول وحاليا للسيارات التي تدخل الجامعة إضافة للطلاب والزوار.
وعن كيفية اختيار المهندسين المعماريين للجامعة الأميركية في بيروت، يردّ باسم برهومي رئيس قسم المباني والمنشآت فيها، بأنه عادة ما تجري مسابقات يتم على أثرها اختيار المهندس الذي يصلح أسلوبه المعماري للمبنى المقرر تنفيذه، من قبل لجنة خبراء مختصّة في هذا الموضوع يستقدم أفرادها من دول أجنبية وعربية. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد استعنا بمهندسين عدّة من اليابان وأميركا ولبنان، وأذكر بينهم هاشم سركيس (لبنان) وفانسان جيمس ومشادو سيلفيتي (أميركا)». ويضيف: «كما لا يمكننا أن ننسى زها حديد صاحبة الأسلوب الفريد والريادي في فن الهندسة المعمارية، والتي وقع الاختيار عليها لتصميم بناء معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية».
ويعدّ هذا المبنى الذي تمّ الانتهاء من تشييده في عام 2013، واحدا من الأبنية الحديثة التي شيّدت بعد عام 2000، كمركز شارلز هوسلر الطلابي، وكلية سليمان العليان لإدارة الأعمال، ومجمع راي عيراني الهندسي (يغلب عليها الواجهات الزجاجية)، وهو أحد أهم المباني التابعة لكلية الهندسة في الجامعة.
وتم تصميم مبنى عصام فارس للسياسة والشؤون الدولية لزها حديد، بفكرته الهندسية الخارجة عن المألوف، وليتماشى مع الطابعين الهندسيين الحديث والقديم السائدين في الجامعة. فأخذ أشكالا تصميمية عدة اجتمعت في لوحة واحدة، سادتها الحداثة بامتياز، بحيث لعبت المعمارية بأحجام الإسمنت المستخدم في الطوابق الأربعة المرتفعة فوق الأرض (إضافة إلى اثنين منها تحت الأرض). فبدا بنوافذه الموروبة من ناحية، وجدران واجهته الملتوية من ناحية ثانية، تصميما جريئا ونافرا للعين بين المباني الأخرى الموزعة هنا وهناك، فيدلّ بشكل قاطع على منفّذته من النظرة الأولى.
وتجدر الإشارة إلى أن ارتفاع مباني الجامعة الأميركية في بيروت، صممت لتحمل في الحرم السفلي، عمارات لا يتجاوز ارتفاعها الطوابق الثلاثة أو الأربعة. وقد تمّ بذلك الحفاظ على منظر البحر المكشوف من مباني الحرم الجامعي العليا، التي تطلّ في الوقت نفسه على المساحة الخضراء الشاسعة التي تتوسّط الجامعة. فالخط الأحمر المتّبعة حدوده في الجامعة الأميركية في بيروت يرتكز أولا وأخيرا على عدم قطع أي شجرة موجودة في حرم الجامعة من أجل مصلحة العمارة عامة مهما كان السبب.
ومن الأشجار التي تظلل باحات الجامعة الأميركية في بيروت، البلوط والسنديان والصنوبر واللبخ وشجر البانيين وغيرها، إضافة إلى أنواع زهور وورود تزرع موسميا تتنوع ما بين الأحمر والأصفر والأبيض لتؤلّف سجادة مزركشة الألوان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».