أوباما يعد بالتحرك للحد من ظاهرة استخدام الأسلحة النارية في أميركا

حوادث إطلاق النار تودي بأرواح 90 شخصًا يوميًا

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث مع وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث مع وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)
TT

أوباما يعد بالتحرك للحد من ظاهرة استخدام الأسلحة النارية في أميركا

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث مع وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث مع وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)

يعتزم الرئيس الأميركي باراك أوباما طرح مسألة تطبيق إجراءات جديدة لمكافحة انتشار الأسلحة النارية على المواطنين الأميركيين مباشرة هذا الأسبوع؛ إذ يقترح إدخال إجراءات تنفيذية جديدة في إطار محاولة أخيرة للحد من العنف المسلح خلال عامه الأخير بالبيت الأبيض.
واجتمع أوباما، أمس، مع وزيرة العدل لوريتا لينش، لمناقشة خيارات إدارته بشأن تشديد القيود على الأسلحة النارية دون تمريرها على الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون الذين لا يدعمون التغييرات التشريعية الواسعة التي يريدها الرئيس الديمقراطي.
إلا أن هذه الخيارات تبقى محدودة ومعقدة بسبب معارضة الكونغرس الواسعة للحد من اقتناء الأسلحة. ورغم أن البيت الأبيض لم يكشف عن خططه بشكل محدد، فإنهم يتوقعون أن تشمل إجراءات أكثر إلزاما لبائعي الأسلحة النارية وإخضاع المشترين لعمليات بحث.
ويؤكد الجمهوريون دعما واضحا وقويا لحق حمل السلاح، وهم يتمتعون بغالبية متينة في مجلسي الكونغرس: النواب، والشيوخ، حيث يعرف الكثير من البرلمانيين أنهم تحت سيطرة لوبي السلاح المتمثل في الرابطة الوطنية للأسلحة «إن آر إيه».
وتعمل أجهزة الرئاسة منذ أسابيع على الالتفاف على هذا العائق الكبير من خلال سلوك الطريق القانوني.
ويتوقع الخبراء أن يكشف البيت الأبيض بحلول منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي، سلسلة مراسيم تعمم فرض مراقبة السجل العدلي والوضع النفسي لكل شخص يريد شراء سلاح.
وهذا الهدف الذي يبدو حدا أدنى وتؤيده غالبية كبيرة من السكان، تبين أنه ممر يصعب عبوره في الوقت الحاضر، على الرغم من الصدمة التي أثارها مقتل عشرين طفلا في إحدى مدارس ولاية كنيكتيكت أواخر العام 2012. وذكر الرئيس الأميركي أنه «في الشهر الماضي قمنا بإحياء الذكرى الثالثة لمجزرة نيوتاون»، و«أفكر بصديقتي غابي غيفوردز»، النائبة التي وقعت ضحية إطلاق نار في تكسون بولاية أريزونا أدى إلى إصابتها بإعاقة وسقوط ستة قتلى. وقال الرئيس باسف: «مع ذلك لم يفعل الكونغرس شيئا»، على الرغم من اقتراح قانون تقدم به أعضاء من الحزبين، «ومعقول ينص على التحقق من سوابق كل شخص تقريبا يريد شراء سلاح. تذكروا أن 90 في المائة من الأميركيين يدعمون هذا الاقتراح الذي يشكل أيضا أمنية غالبية أسر الرابطة الوطنية للأسلحة». وأضاف: «لكن لوبي الأسلحة النارية حشد قواه ضده وقام مجلس الشيوخ بتعطيله».
والنتيجة، هي أنه ما زال ممكنا في الوقت الحاضر في الكثير من مناطق أميركا، خاصة لدى هواة الجمع الخاصة أو في المعارض المتنقلة، شراء سلاح من دون أي عملية مراقبة تفرضها السلطات الفيدرالية على بائعي الأسلحة المسجلين رسميا.
ويدخل الأمر في حلقة مفرغة بحيث تترجم كل محاولة لإصلاح الوضع بارتفاع مبيعات الأسلحة الفردية؛ إذ إن الزبائن يرتأون تسليح أنفسهم بشكل وقائي.
وأعلنت الرابطة الوطنية للأسلحة أنها «ستحارب بقوة جهود السلطة التنفيذية لاختصار الطريق البرلمانية»، ويمكن لإدارة أوباما أن تتوقع طعونا قضائية كثيرة ضد مراسيمها المحتملة، وكذلك اتهامات باستغلال السلطة.
ووضع أوباما في اليوم الأول من السنة الجديدة في أولوية اهتماماته مكافحة «وباء» الاستخدام الواسع للأسلحة النارية في بلاده، وما ينتج عنه من سقوط عدد كبير من الضحايا. وأعلن الرئيس الأميركي أنه سيعمل على تحريك هذه «المسألة غير المنجزة» خلال السنة الأخيرة من ولايته الثانية، مع العلم أن عدد قطع السلاح في الولايات المتحدة يفوق عدد سكان البلاد.
ويذكر أن حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة تقتل 90 شخصا يوميا.
وأشار أوباما الأسبوع الماضي: «إن قراري بالنسبة إلى السنة الجديدة هو التقدم بقدر ما هو ممكن لمواجهة وباء العنف الناتج عن الأسلحة النارية». وتبقى هذه الخيارات محدودة بسبب معارضة الكونغرس الواسعة للحد من اقتناء الأسلحة.
والأسلحة النارية قضية مثيرة للخلاف في السياسة الأميركية. ويحمي الدستور الأميركي حق حيازة الأسلحة النارية وتحظى الرابطة الوطنية للسلاح - وهي أكبر جماعة أميركية مدافعة عن حقوق حمل السلاح - بسطوة واحترام في واشنطن لقدرتها على التحكم في مالكي الأسلحة. ولم يقر الكونغرس أي تشريع للحد من انتشار الأسلحة النارية منذ تسعينات القرن الماضي.
وانتقد الجمهوريون بشكل دائم خطط الرئيس ووصفوها بأنها تتجاوز سلطته التنفيذية.
وقال كريس كريستي حاكم نيوجيرزي، وهو مرشح جمهوري لانتخابات الرئاسة لقناة «فوكس نيوز»، أول من أمس: «هذا الرئيس يريد التصرف مثل الملك أو الديكتاتور»، وأضاف: «ستكون هذه خطوة تنفيذية أخرى غير شرعية أثق في أن المحاكم سترفضها».
وكشف البيت الأبيض أن أوباما سيشارك في جلسة نقاش لمدة ساعة بشأن الحد من الأسلحة النارية تذاع على شبكة «سي إن إن» التلفزيونية الخميس المقبل.
وتعطي هذه المناسبة، التي يديرها المذيع أندرسون كوبر، أوباما فرصة للرد على الانتقادات وحشد الدعم الشعبي للإجراءات قبل إلقاء خطاب حالة الاتحاد في 12 يناير الحالي.
وشهدت الولايات المتحدة في العام الماضي، سلسلة عمليات إطلاق نار دامية خاصة اعتداء مستوحى من الفكر الجهادي في كاليفورنيا مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكان أوباما ندد بـ«روتينية» هذه المآسي بعد مجزرة سابقة وقعت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في جامعة في أوريغون.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.