وفاة 40 شخصًا بسبب الجوع والمرض نتيجة حصار النظام السوري على مضايا

المبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا قال ان تجويع المدنيين تكتيك يعمد إليه الأسد وحلفاؤه

بلدة مضايا التي دمرتها المعارك ولم ينفذ رفع الحصار عنها بعد اتفاق (الزبداني-كفريا - الفوعة)
بلدة مضايا التي دمرتها المعارك ولم ينفذ رفع الحصار عنها بعد اتفاق (الزبداني-كفريا - الفوعة)
TT

وفاة 40 شخصًا بسبب الجوع والمرض نتيجة حصار النظام السوري على مضايا

بلدة مضايا التي دمرتها المعارك ولم ينفذ رفع الحصار عنها بعد اتفاق (الزبداني-كفريا - الفوعة)
بلدة مضايا التي دمرتها المعارك ولم ينفذ رفع الحصار عنها بعد اتفاق (الزبداني-كفريا - الفوعة)

لم تجد عائلات سورية تسكن مدينة مضايا في ريف دمشق الغربي أمس، سوى أوراق شجرة الـ«أكيدنيا» المعروفة بـ«المشمش الهندي» لتقديمه وجبة عشاء لأطفالها. فقد نفد الغذاء، ولم تدخل قوافل المساعدات منذ أكثر من ثلاثة أشهر، بحسب ما تقول مصادر المعارضة السورية، وبلغ الحصار المشدد على المدينة يومه الـ175، رغم أن عشرات الآلاف يسكنونها. في وقت شدّد المبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا على ضرورة « كسر الحصار في مختلف المناطق السورية؛ لإنقاذ الأرواح البريئة، وتقريب سوريا من حل سياسي»، مبيّناً أن «تجويع المدنيين تكتيك يعمد إليه نظام الأسد وحلفاؤه كسلاح» ضد الثورة وحواضنها الشعبية.
وقال القيادي السوري المعارض أبو المهاجر الذي يسكن مضايا الآن، إن «الوضع الإنساني في مضايا المحاصرة مزرٍ جدًا ومأساوي إلى أبعد الحدود»، مشيرًا في اتصال لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن السكان «يطبخون أوراق الشجر». وقال إن عدد القتلى نتيجة الجوع والحصار «بلغ 40 شهيدًا»، فيما «سُجّلت 120 حالة إغماء بسبب الجوع». وقال إن المنظمات الدولية «لا تستجيب بحجة أن الوضع ليس آمنًا لإدخال مساعدات»، لافتا إلى أن الروس «لا يستجيبون لوقف إطلاق النار، لأنهم لم يكونوا جزءًا من اتفاق الهدنة» الذي عقد بين قوات المعارضة وقوات النظام برعاية الأمم المتحدة.
غير أن مسؤولين في الائتلاف يعتبرون القصف «ذريعة لمنع إدخال المساعدات»، رغم رصدهم تناميًا للدور الروسي في ريف دمشق، بحسب ما قال نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري هشام مروة لـ«الشرق الأوسط»، لافتا إلى أن اتفاقية الغوطة الشرقية كان «الروس ضالعين فيها، ولم تُطبّق طبعًا»، في إشارة إلى مدينة دوما وما حولها بريف دمشق. وقال: «لا أعتقد أن القصف الروسي يحول دون إدخال المساعدات، لأن المواد الغذائية يجري احتكارها من قبل ميليشيات تابعة للنظام، تحاول مبادلتها مع سكان مضايا لقاء أسعار خيالية، قد تصل إلى مائة دولار ثمنًا لكيلو واحد من الأرز، بحسب ما وصلنا من ناشطين».
ومضايا، تستقبل 40 ألف لاجئ سوري، نزحوا من الزبداني بعد أن هاجمتها القوات الحكومية السورية مدعومة بمقاتلين من حزب الله اللبناني في يوليو (تموز) الفائت، كما تستقبل نازحين من بلودان كانوا نزحوا من الزبداني أيضًا. ودخلت مضايا ضمن اتفاق وقف النار الذي شمل الزبداني، على أن تدخلها المساعدات الغذائية، وكان مقررًا أن تدخلها الأربعاء الماضي، بعد إنجاز المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني - كفريا والفوعة، الذي قضى بإخراج الجرحى من البلدات الثلاث بموجب اتفاق رعته الأمم المتحدة، تم بين «حركة أحرار الشام الإسلامية» ومسؤول إيراني. وقال هشام مروة إن الائتلاف بدأ أمس في إرسال رسائل إلى الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي ومنظمات دولية وإغاثية، بهدف التدخل وإدخال المساعدات لبلدة مضايا، مشيرًا إلى أن إدخال تلك المساعدات «كان يفترض أن يُنفذ الأربعاء الماضي بعد يومين على إنجاز المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني - كفريا والفوعة، لكن الأمر لم يتحقق، بسبب مماطلة قوات النظام».
ونقل عن مسؤولين على تماس مع الاتفاق بين النظام و«أحرار الشام» قولهم إن «النظام يحاول القول إنه لا يمكن فك الحصار عن مضايا قبل كفريا والفوعة»، علما بأن ذلك ليس جزءًا من اتفاق الزبداني - كفريا والفوعة «الذي لا يفرض إدخال المساعدات إلى مضايا مقابل فك الحصار عن كفريا والفوعة»، وهما بلدتان شيعيتان في ريف إدلب تحاصرهما قوات المعارضة، بل «إدخالها إلى مضايا بعد يومين من تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق»، بحسب تأكيد مروة.
وأضاف: «هناك محاولة ابتزاز من قبل قوات النظام بهدف الضغط على النازحين والمدنيين في الداخل، لغرض خلق فرصة جديدة لإتمام صفقة الاتفاقية الأخيرة عبر دفع مقاتلي المعارضة للخروج منها، وبهدف إجبار المقاتلين المعارضين في مناطق أخرى على الموافقة على توقيع الهدن معه»، مشيرًا إلى أن النظام «طبق سياسة التجويع في أكثر من مكان بهدف الضغط على مقاتلي المعارضة».
وأشار مروة إلى أن المرة الأخيرة التي دخلت فيها المواد الإغاثية إلى مضايا، كانت قبل أشهر و«عرفت آنذاك باسم صفقة إدخال البسكويت الفاسد»، لافتًا إلى أن الحصار «خلق فرصة إضافية لميليشيات النظام لبيع المواد الغذائية بأسعار خيالية».
وأمام تفاقم الحالة الإنسانية، تصاعدت الدعوات في الشمال لضرب كفريا والفوعة وخرق الهدنة، بهدف الضغط على النظام لإدخال مساعدات إلى مضايا، وقالت مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط» بأن «هذا الخيار مطروح، وسيكون آخر الخيارات بهدف وضع حد للموت جوعًا في مضايا».
ويتحدث ناشطون سوريون عن أن المشكلة في بلدة مضايا، وجود 6 آلاف لغم أرضي يزنرها، في محاولة من قوات النظام لمنع التسلل إليها، أو إدخال المساعدات، أو الهرب منها. وبحسب شبكة «آررا نيوز» المعارضة: «سقط القتيل والجرحى خلال محاولتهم إدخال مواد غذائية إلى البلدة، حيث انفجرت بهم ألغام فردية»، فيما تفاقم الوضع الإنساني مع حلول الشتاء والصقيع.
إلى ذلك، أعلنت «حركة العمل الوطني من أجل سوريا» أن قوات النظام واصلت حصارَها الخانق لأكثر من 90 ألف مدني في مدن مضايا والزبداني ومعضمية الشام بريف دمشق للعام الثاني على التوالي، مما رفع معدل الوفيات اليومي بسبب نقص الطعام والغذاء إلى 25 محاصرا أسبوعيًا، وسط صمت من الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان.
من جهته قال المبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا غاريث بايلي في عدة تغريدات على حسابه الرسمي، بقوله: «6 أشهر من حصار مضايا من قبل ميليشيا مساندة لنظام الأسد يسبب تجويع 40 ألف مدني ببطء حتى الموت؛ إنهم بأمس الحاجة للغذاء والمعونات».
وأوضح بايلي أن هناك 10 أشخاص قتلوا أثناء محاولتهم كسر حصار مضايا، فيما فقد 15 آخرين وستة أطفال أطرافاً لهم بسبب الألغام الأرضية التي يطوّق بها نظام الأسد كامل بلدة مضايا، مشيراً إلى وجود 850 رضيعاً بحاجة ماسة إلى الحليب من بينهم ستة أطفال ماتوا إذ لم تتمكن أمهاتهم من إرضاعهم.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.