طهران بوابة عبور «القاعدة» إلى كابل

وفرت ملاذًا آمنًا لقيادات التنظيم لرسم أهدافهم ضد الخليج وأميركا وبريطانيا

طهران بوابة عبور «القاعدة» إلى كابل
TT

طهران بوابة عبور «القاعدة» إلى كابل

طهران بوابة عبور «القاعدة» إلى كابل

شكلت إيران بوابة عبور قيادات وعناصر تنظيم القاعدة إلى أفغانستان منذ أواخر التسعينات الماضية، بل كانت مقرًا لهم للتخطيط والتمويل، ودراسة شن هجمات انتحارية التي تستهدف دول الخليج وأوروبا وأميركا، طوال السنوات الماضية، حيث وفرت لتلك العناصر التي تستقطبهم، ملاذًا آمنًا تحت حماية الاستخبارات الإيرانية، في طهران وغيرها، وسهلت لخريجي معسكر «الفاروق» طريقًا للوصول إلى هناك، حيث استقبل بعضهم ملايين الدولارات، لدعم التنظيم، وآخرين تزوجوا، وعدد منهم فتح جبهة جديدة للعودة إلى «القاعدة» في السعودية واليمن، وكذلك فتح الإسلام في لبنان، و«جبهة النصرة» و«داعش» في سوريا.
وأصبح القتيل سعيد الشهري، نائب تنظيم فرع تنظيم القاعدة في اليمن، يعمل على تسهيل دخول المقاتلين إلى أفغانستان عبر إيران، حيث تعلم طهران بوجوده، ودوره الإرهابي في استقبال المقاتلين، دون أن تقبض عليه، أو تبلغ الجهات الأمنية في السعودية، أو سفارة الرياض في طهران، وتمكن الشهري خلال وجوده في إيران من استقبال وتسهيل دخول ثلاثة أرباع المغرر بهم إلى أفغانستان.
فيما أقر الموقوف صالح القرعاوي، الذي حكم عليه بالسجن نحو 22 سنة، بأنه اتخذ في 2007، طهران مقرًا له، وتعرف على شخص سوري يدعى زين يعمل منسقًا لتنظيم القاعدة هناك ويعمل على استقبال الأشخاص وإرسالهم للتنظيم، ومن هناك بدأ بالتواصل مع الشباب في السعودية، وحثهم على الدعم والخروج للقتال، وكان حريصًا على عدم حضور أي شخص إلا وبحوزته مبلغ مالي لا يقل عن 50 ألف ريال (13.3 ألف دولار)، واعترف للمحققين، بأنه لاحظ أثناء وجوده في طهران أن الحكومة الإيرانية تتبنى الجماعات الدينية حتى لو اختلفت معها في المعتقد، إلا أنها تتفق معها في الهدف كونها على علاقة جيدة مع أكراد تنظيم القاعدة الذي يمثله في إيران عدد كبير بينهم أكراد عراقيون قاتلوا في العراق وعادوا إلى إيران من المذهب السني، وعلى ارتباط بزين السوري الموجود في طهران الذي يعمل على استقبال وتنسيق وصول الشباب القادمين من الخارج عبر إيران وربطهم بالتنظيم في وزيرستان باكستان.
وأضاف في اعترافاته «في 2007 تعرف على شخص يدعى جعفر الأوزبكي، عندما كان لدى زين السوري، وعلم أن جعفر من أهم الأشخاص الموجودين في إيران، ويملك تسهيلات عالية في استقبال وسفر الشباب لعلاقته الجيدة مع الحكومة الإيرانية، كما تعرف هناك على المسؤول الأمني بتنظيم القاعدة محمد خليل الحكايمة المكنى أبو جهاد المصري، وتزوج ابنته بعد وصوله إلى إيران بثلاثة أشهر».
وذكر القرعاوي، أنه أثناء وجوده في إيران، عندما تولى مسؤولية شؤون التنسيق لعناصر التنظيم، وحضر له شخص أردني يدعى فراس الحجيلي وعرض عليه عزمه القيام بعمل تفجير ضد مقر للقوات الأميركية في الأردن وهو عبارة من سكن يرتاده الأميركان للنقاهة والراحة بعد خوضهم الحرب في العراق، كما التقى هناك مصطفى أبو اليزيد الرجل الثالث في التنظيم، وقام بتأسيس كتائب عبد الله عزام في لبنان والشام، من مكانه في إيران.
وأقر القرعاوي، الذي عاد إلى السعودية بعد أن فقد قدميه وذراعيه وإحدى عينيه، بسبب قصف صاروخ لطائرة أميركية دون طيار (درون)، أنه سبق أن عرض عليه عن طريق جعفر الأوزبكي، أي عمل ضد المصالح الأميركية في السعودية وتأمينه له، وتواصل مع آخر اسمه تحسين الكردي عن طريق رسائل خطية أرسلها له مع شخص كردي يدعى بهزاد، أوضح له فيها تحسين بأن لديه عملاً وشيكًا في مضيق هرمز وأن العمل مرتب له من خلال مواد متفجرة مصنعه وشاهد مع تحسين فيلما تصويريا في ميناء بدر عباس الإيراني لقارب تنزل منه براميل إلى قارب آخر، وقال له تحسين بأنها المواد المتفجرة وكان يرافقه شخص آخر كردي مكلف بالعملية يرتدي الزي الإماراتي (ثوب وغترة)، وشاهد تصوير القارب وهو يتحرك في الصباح باتجاه المضيق حيث وقعت العملية ضد إحدى السفن، وأظهر التصوير أن القارب انطلق من ميناء إماراتي من خلال شخص إماراتي كي يفهم أن من قام بتنفيذ العملية أشخاص متشددون في الإمارات، وكان تحسين يحذره بعدم إخبار أي شخص بأن مكان انطلاق القارب هو ميناء بندر عباس، وبعد وقوع العملية تبنتها كتائب عبد الله عزام، وأنها هي من قامت بتنفيذها لإكسابها هالة إعلامية كبيرة.
وأضاف: «إثر دراسة العملية، التي تم تنفيذها في مضيق هرمز مع علي العمر تبين له من خلال تاريخ تنفيذها أن الناقلة كانت يابانية ولم تكن أميركية أو بريطانية، وأن العمل الذي قام به تحسين بعلم وتخطيط من السلطات في إيران، ويؤكد ذلك خروج القارب من ميناء بندر عباس الإيراني».
وكشف القرعاوي خلال التحقيقات، عن المخططات الإيرانية، أن تحسين الكردي تحدث عن عملية تفجير أعد لها من قبله في إيران، ويرغب في تنفيذها، وهي عبارة عن استخدام طائرة ركاب تتحرك من مطار طهران ومن هناك يستطيع تحسين إركاب شخص يحمل مواد متفجرة سائلة معه عن طريق شخص مسؤول يعمل في مطار طهران، له علاقة به يسهل له مرور ما يرغب تحسين الكردي، ويكون خط سير الرحلة من طهران لدبي (ترانزيت) بحيث يتم نزول الركاب في مطار دبي، دون مغادرتهم ولن يتم تفتيشهم هناك أثناء عودتهم للطائرة، بمن فيهم الراكب حامل المتفجرات، وتواصل الرحلة سفرها إلى بريطانيا على أن يفجر ذلك الشخص ما بحوزته بمطار هيثرو في لندن، حال وصوله عندها يتم الإعلان بتبني كتائب عبد الله عزام ذلك العمل.
فيما أقر عبد الرحمن اليحيى، الذي حكم عليه بالسجن 20 سنة، بأنه سافر إلى إيران، ومكث هناك فترة من الزمن، وانتقل إلى لبنان وانضم إلى حركة «فتح الإسلام»، ثم دخوله إلى سوريا بجواز سفر مزور ليقوم بالإشراف على مكتب تنسيق دخول المقاتلين إلى العراق، حيث كان يتواصل أثناء وجوده في إيران مع مقاتلي «القاعدة» عبر الإنترنت، وقيامه بالتحريض على الانضمام.
واعترفت خلية إرهابية، مكونة من 36 شخصًا، مثلت أمام القضاء السعودية، بأن بعض المدانين، تواصلوا عبر المواقع الإلكترونية مع عنصر من تنظيم القاعدة في إيران ويدعى (صلاح) لتسليمه تزكية مذيلة بتوقيع عضو مجلس شورى الإمارة سراج الدين حقاني معنونة بـ«الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة»، لعرضها على المشايخ والتجار للحصول على تبرعات مالية منهم، فيما شرع في الحصول على الدعم المالي لمصلحة التنظيم، وذلك بطلبه مبلغ مليون ريال (375 ألف دولار)، من أحد المتهمين، لشراء سفينة لاستخدامها في تهريب المقاتلين والأسلحة من اليمن إلى إيران.
وفي شمال اليمن، حرصت قيادات القاعدة تحت زعامة القتيل ناصر الوحيشي، على الالتقاء مع الاستخبارات الإيرانية في 2009، لأن «القاعدة» في شمال اليمن لا يستطيعون التنقل إلا بالمال، والاستخبارات الإيرانية لها نفوذ تستطيع الوصول إلى التنظيم بسهولة، وكان الإيرانيون يتفاوضون مع التنظيم لدعمهم بالمال، مقابل دخول تلك الأسلحة إلى مكة المكرمة، قبيل موسم الحج 1429، وكانوا يريدون زعزعة أمن الحجاج.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.