حكومة فائز السراج تجتمع في تونس.. وفرنسا تحضر لغارات جوية في ليبيا ضد «داعش»

في ظل تواصل اختلاف مواقف الدول المجاورة حول فاعلية التدخل الأجنبي

حكومة فائز السراج تجتمع في تونس.. وفرنسا تحضر لغارات جوية في ليبيا ضد «داعش»
TT

حكومة فائز السراج تجتمع في تونس.. وفرنسا تحضر لغارات جوية في ليبيا ضد «داعش»

حكومة فائز السراج تجتمع في تونس.. وفرنسا تحضر لغارات جوية في ليبيا ضد «داعش»

عقد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، المنبثقة عن مباحثات السلام بين أطراف النزاع الليبي، اجتماعه الثاني في تونس وخصصت الجلسة لوضع اللائحة الداخلية وآلية اتخاذ القرار داخل المجلس.
وترأس فائز السراج إلى ساعة متأخرة من ليلة السبت، الاجتماع الذي حضره أعضاء مجلس النواب، الرئيس أحمد معيتيق، وعلي القطراني، وفتحي المجبري، وموسى الكوني، وعبد السلام كاجمان، ووزيرا الدولة عمر الأسود، وأحمد حمزة. ووفق مصادر ليبية شاركت في هذا الاجتماع، فقد عقد المجلس ذاته اجتماعًا أول، يوم الجمعة الماضي، وتناول سبل تنظيم العمل الداخلي للمجلس وأولويات المرحلة المقبلة، وخصوصًا الجانب المتعلق بالإسراع في مشاورات تشكيل الحكومة وإتمام الترتيبات اللازمة وفقًا للاتفاق السياسي لبدء عمل الحكومة من العاصمة الليبية طرابلس.
وكان إبراهيم فتحي عميش رئيس وفد مجلس النواب الليبي، وعوض محمد عبد الصادق رئيس وفد المؤتمر الوطني العام الليبي، قد وقعا في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في منطقة قمرت بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، إعلان مبادئ لحل الأزمة الليبية وتسوية المعضلة السياسية.
وتوصل الفرقاء الليبيون، بتدخل من منظمة الأمم المتحدة، إلى الاتفاق حول تشكيل حكومة وفاق وطني ليبية، وذلك وفق ما جاء في نص الاتفاق السياسي الليبي الذي وقعه في 17 ديسمبر الماضي أعضاء في كل من البرلمان المعترف به دوليًا ومقره طبرق، والمؤتمر الوطني العام، ومقره طرابلس، إلى جانب شخصيات سياسية ومستقلين وممثلين عن المجتمع المدني.
ووفق ما تضمنه نص الاتفاق، تقود حكومة الوفاق الوطني مرحلة انتقالية تفضي إلى إجراء انتخابات برلمانية في فترة زمنية لا تتعدّى سنتين، وتوسيع تركيبة المجلس الرئاسي، لتتكون من تسعة أشخاص هم رئيس المجلس وخمسة نواب وثلاثة وزراء دولة. ومنذ يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عينت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الألماني، مارتن كوبلر، مبعوثًا أمميًا جديدًا إلى ليبيا خلفا للمبعوث السابق، برناردينو ليون.
وتعيش ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي سنة 2011 فوضى أمنية وسياسية، على وقع خلافات سياسية حادة أدت إلى غياب الدولة وانقسام السلطة السياسية إلى حكومتين، إحداهما في الغرب ومقرها طرابلس والثانية في الشرق ومقرها طبرق.
وكان الفرقاء الليبيون قد وقعوا يوم 12 يوليو (تموز) الماضي في مدينة الصخيرات المغربية على مسودة اتفاق السلم والمصالحة المقترحة من قبل الأمم المتحدة، في ظل غياب وفد برلمان طرابلس أحد الطرفين الرئيسيين للحوار.
على صعيد متصل، حذر تقرير فرنسي من تعقيدات التدخل الأجنبي الوشيك في ليبيا، وقال، وفقًا لصحيفة «لوموند» الفرنسية، إن تمدد تنظيم داعش نحو خليج سرت أو نحو مواقع النفط سيعجل بالتدخل العسكري. وأشار التقرير ذاته إلى أن التدخل سيأخذ شكل غارات جوية انطلاقًا من القاعدة العسكرية «مادما» الفرنسية، الموجودة شمال النيجر، وهي ستستهدف مواقع «داعش» في ظل تواصل اختلاف وجهات النظر بين تونس ومصر والجزائر وفرنسا وبريطانيا والسودان حول حدود التدخل لحل الأزمة الليبية، ورفض بعض دول الجوار التدخل العسكري في ليبيا. كما أشارت الصحيفة إلى إمكانية نشر قوات لتأمين مؤسسات الحكومة الليبية الجديدة، وتعارض تونس والجزائر والسودان التدخل العسكري، فيما تؤيد مصر والنيجر وتشاد ومالي فرضية التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا لفرض التسوية السياسية ومحاربة «داعش».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.