2015 في أفغانستان.. عام تمدّد «داعش» على حساب طالبان

روسيا وإيران تعربان عن قلقهما.. وزعماء قبليون يشكلون ميليشيات لمواجهته

2015 في أفغانستان.. عام تمدّد «داعش» على حساب طالبان
TT

2015 في أفغانستان.. عام تمدّد «داعش» على حساب طالبان

2015 في أفغانستان.. عام تمدّد «داعش» على حساب طالبان

عام 2015 كان عام حضور تنظيم داعش في نسخته الأفغانية بامتياز، حيث سعى التنظيم إلى تجنيد مقاتلين منشقين عن حركة طالبان إلى صفوفه، واتخذ من عدة محافظات أفغانية تقع بالشرق والشمال الشرقي منطلقا لمراكزها ونواة لأنشطته المستقبلية. كذلك شنّ التنظيم الجديد عمليات عسكرية كبيرة ضد وجود مسلحي طالبان في ولاية ننغرهار القريبة من الحدود الباكستانية، في شرقي البلاد، التي تحوّلت بعض مديراتها إلى معقل أساسي للتنظيم في أفغانستان.
وكان أول شريط فيديو نشر على موقع التنظيم الأفغاني قد سجّلت وقائعه في ولاية ننغرهار حيث أقدم «داعش» على إعدام عشرة من وجهاء قبائل الباشتون بطريقة وحشية لم يعهدها الأفغان من قبل، وهم الذين عانوا أربعة عقود من حرب ضروس مزقت البلاد، وذلك بتفجير هؤلاء الوجهاء بوضع قنابل تحتهم.
في ضوء الجرائم البشعة التي ارتكبها ويرتكبها تنظيم «داعش أفغانستان» ارتفعت الأصوات المناهضة للتنظيم المتطرف في شرق أفغانستان، كما باشر البعض بتشكيل فصائل مسلحة كما فعل أخيرًا حاجي ظاهر قدير، النائب الأول لرئيس البرلمان الأفغاني، وهو نجل القيادي السابق الراحل في «المجاهدين» الحاج عبد القدير. فلقد شكل حاجي ظاهر، الذي كان أبوه قد اغتيل خلال السنوات الأولى من حكم حكومة حميد كرزاي في كابُل، ميليشيا مسلحة قال إنها موالية للحكومة من أجل التصدّي لعناصر «داعش» في مناطق الشرق الأفغاني. وبالفعل، قامت مجموعة مسلحة منتمية له باعتقال أربعة من عناصر «داعش» وقطع رؤوسهم كإجراء انتقامي مماثل لما يقوم به التنظيم من جرائم ذبح للموالين للحكومة في ولاية ننغرهار.
الواقع أن ظهور «داعش أفغانستان» بات مقلقا لأفغانستان والدول المجاورة لها، وخصوصًا روسيا الاتحادية وإيران اللتين تعتبران التوسع الداعشي في أفغانستان خطرًا يهدد الأمن القومي لكل منهما. ومن هذا المنطلق، عرضت موسكو مساعدات عسكرية للحكومة الأفغانية المدعومة من واشنطن من أجل محاربة التنظيم المتطرف والقضاء عليه قبل أن يتوسّع ويزداد خطره. لكن يبدو أن السلطات في العاصمة الأفغانية كابل ما زالت تتريث في قبول هذه المساعدات من قبل روسيا بسبب التحفظات الأميركية والغربية. وهذا الأمر دعا القيادة الروسية إلى فتح قنوات اتصال مع حركة طالبان، العدو اللدود لتنظيم «داعش أفغانستان».
وحسب التقارير المتوافرة أخيرًا، فإن مسؤولين روس كبارًا، بل ذكر في بعض الإعلام أن منهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، التقوا زعيم طالبان الجديد الملا أختر منصور في مدينة دوشنبه، عاصمة جمهورية طاجيكستان (السوفياتية سابقًا). وتفيد التقارير أن الهدف هو تكثيف الجهود من أجل محاربة «داعش أفغانستان» ووضع حد لنشاطه التوسعي، ولا سيما، أن عشرات المقاتلين المتشدّدين المنتمين إلى دول آسيا الوسطى ينضمّون، وباستمرار، إلى صفوف «داعش»، وأن الأرض الأفغانية باتت منطقة خصبة لهم. وهي كما هو معروف قريبة من روسيا، ما يسمح للمتشدّدين بشنّ عمليات ضد روسيا والدول المتحالفة معه انتقامًا من روسيا لحملتها العسكرية الدامية الحالية في سوريا.
من جانب آخر، شهد العام 2015 تطوّرات مهمّة على الصعيدين السياسي والأمني في أفغانستان التي ما زالت تعاني من حرب شعواء تشنها حركة طالبان، التي عادت بكل قوتها إلى الساحة القتالية - الأمنية من خلال تصعيد غير مسبوق بعد التأكد من وفاة زعيم الجماعة المؤسّس الملا عمر قبل سنتين ونصف. طالبان نجحت إلى حد كبير في لملمة خلافاتها وتمكّنت من ترتيب بيتها الداخلي - كما يُقال - بعد تعيين أمير جديد للجماعة خلفا للزعيم المؤسس الراحل هو نائبه الملا أختر منصور الذي بويع في مدينة كويتا عاصمة ولاية بلوشستان الباكستانية.
المبايعة شارك فيها جمع غفير من قادة طالبان ومقاتليها رغم وجود أصوات معارضة في باكستان، وداخل أفغانستان أيضًا، على الطريقة التي تمت فيها البيعة. وحقًا، شهدت مناطق عدة في جنوب أفغانستان وشرقها اشتباكات عنيفة بين موالين للزعيم الجديد لطالبان ومعارضيه خصوصًا في ولاية زابل، بجنوب البلاد، حيث ينتشر مقاتلون ينتمون إلى القائد الميداني في طالبان الملا منصور داد الله الذي رفض مبايعة «الأمير الجديد». ولقد أدى موقف الملا منصور إلى انشقاق فعلي ورسمي في صفوف طالبان حدث عقب إعلان «أمير جديد» للمجموعة المعارضة هو الملا رسول.
وفي حين ما زالت المجموعات والأجنحة في طالبان تشتبك فيما بينها رغم الإنجاز العسكري المهم الذي حققته لبعض الوقت - عندما نجحت بالسيطرة لبضعة على ولاية كندوز خلال هذا العام المنقضي قبل أن تتمكّن القوات الأفغانية من استرجاعها بمساعدة الغارات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الأميركية - فإن الحركة تواجه اليوم تحدّيًا جديًا؛ إذ بدأ تنظيم «داعش أفغانستان» - أو «داعش ولاية خراسان» كما يدعو نفسه - يتمدّد على حساب طالبان في بعض الأقاليم والولايات الأفغانية، ولا سيما في جنوب البلاد وغربها، بالإضافة إلى ولاية ننغرهار قرب الحدود الباكستانية التي تعتبر راهنًا معقلاً أساسيًا لتجنيد مقاتلين جدد في صفوف التنظيم المتطرف في أفغانستان وعموم المنطقة. ولقد حذّرت حركة طالبان في بيانات صدرت باسمها على مواقع إلكترونية تابعة لها «داعش» من اعتمادها خطط التمدد في أفغانستان، مؤكدة أنها ستتصدى بالقوة للتنظيم. ومن ثَم، شهدت مناطق عدة في ننغرهار وكذلك في ولاية أوروزغان، في الجنوب، مواجهات دامية بين طالبان ومقاتلين يزعمون أنهم ينتمون إلى «داعش أفغانستان» مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من الطرفين، وتمكنت طالبان من طرد مسلحي «داعش» من بلدات في ولاية ننغرهار.
من جهة أخرى، تعرّض «داعش» الذي كان قد عيّن على رأس ما يسميها «ولاية خراسان الإسلامية» المدعو حافظ سعيد، وهو من القيادات السابقة في «طالبان باكستان» ضربة كبيرة وموجعة أيضًا بعد إعلان عبد الرحيم مسلم دوست، مساعد قائد التنظيم في أفغانستان، هجره التنظيم بسبب ما وصفه بـ«همجية مقاتلي (داعش) في أفغانستان بحق المدنيين»، وذلك في أعقاب جريمة إعدام الوجهاء الباشتون العشرة «تفجيرًا» بقنابل بعد اتهامهم بمعاداة التنظيم والانتماء إلى حركة طالبان.
جدير بالذكر، أن الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية كانتا في الماضي تقللان من خطر «داعش أفغانستان» غير أنهما اليوم باتتا مقتنعتين بأن التنظيم يشكل خطرا داهمًا ليس لأفغانستان فحسب بل لمنطقتي وسط آسيا وجنوبها أيضًا. وفعلاً، حيث ظهرت بوادر الخطر في عدة دول مجاورة لأفغانستان ودول جنوب آسيا من خلال تبني التنظيم سلسلة تفجيرات هنا وهناك. تقول الدوائر الأمنية التابعة لحكومة أفغانستان في كابُل بأنها تتصدّى جدّيًا وتحارب التنظيم المتطرف «نيابة عن جميع الدول في المنطقة بما فيها دول آسيا الوسطى». وتذكّر بأنها بحاجة إلى دعم سياسي وعسكري خارجي من خلال تعزيز قدرات الجيش الأفغاني وتجهيزه بأسلحة متطورة لكي يتمكن من القضاء على التنظيم في الأراضي التي تحرك فيها حاليًا قبل أن يتحول إلى خطر متوسّع ومتشظّ يصعب احتواؤه السيطرة عليه على غرار ما يحدث في العراق وسوريا.
ثمة خبراء ومحللون عسكريون أفغان مقتنعون بأن «داعش أفغانستان» تنظيم يحمل أجندات دولية وإقليمية. ويذهب بعضهم إلى القول بأن الهدف من الحرص التوسّع والانتشار في هذا الجزء من العالم، بالذات، قد يكون موجهًا لدول كبيرة في المنطقة على رأسها روسيا والصين وإيران، معتبرين أن التنظيم المتطرف قد لا يشكل خطرًا كبيرًا بالنسبة للنظام الأفغاني إلا أنه سيوجه ضربات ويتغلغل في دول آسيا الوسطى من خلال مئات من المتشدّدين من رعايا هذه الدول، وبالأخص من الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى، كانوا قد انضموا في الآونة الأخيرة إلى التنظيم، وربما كان هؤلاء يتهيئون الآن لتوجيه ضربات لروسيا بعد مشاركتها القتالية في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد في حربه ضد المعارضة والقوى الإسلامية المعتدلة والمتشدّدة على حد سواء.
من ناحية ثانية، يشير الخبراء والمحللون إلى أن التنظيم المتطرف في أفغانستان وإن كان لا يزال في طور الإنشاء والتحضير حتى الساعة، فإنه من الضرورة بمكان تحاشي التساهل مع هذه الظاهرة التي قد تكبر في ظل ضعف الحكومة الأفغانية المركزية وتواضع إمكانيات أجهزتها الأمنية، ولا سيما، أن غالبية القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي «ناتو» المقاتلة غادرت البلاد مع نهاية العام 2014، وانتقال الملف الأمني كاملاً إلى الجانب الأفغاني. ويرى هؤلاء أن الأشهر القليلة المقبلة ستوضح مدى قدرة التنظيم على تجنيد مقاتلي طالبان إلى صفوفه مستفيدًا من الخلافات الداخلية التي تشهدها في الحركة ومدى تقبّل المجتمع الأفغاني لهذه الظاهرة الغريبة التي لا تنسجم مع عادات المجتمع الأفغاني المحافظ وتقاليده.
وما يذكر أنه في نهاية العام اتهم النائب الأول لرئيس البرلمان ظاهر قدير مسؤولين حكوميين، لم يسمِّهم، بأنهم «متورّطون في لعبة» انتشار وحضور «داعش أفغانستان». وتابع القول بأنه يملك أدلة ومستندات تشير إلى أن هليكوبترات مجهولة تتولّى نقل عناصر «داعش» إلى ننغرهار، مضيفًا بأنه أمر مجموعات مسلحة تنتمي إليه باستهداف هذه الهليكوبترات التي تساعد التنظيم على التوسّع وتقدّم لعناصره المساعدات. غير أن الحكومة الأفغانية رفضت الاتهامات الموجّهة إليها، ووصفت تصريحات ظاهر قدير بأنه لا أساس لها من الصحة، مؤكدة اعتزام الحكومة القضاء على «داعش» وكل المجموعات المسلحة المتطرفة المماثلة التي تهدّد أمن أفغانستان.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.