الثلوج والصقيع يفاقمان معاناة اللاجئين السوريين شرق لبنان

الجيش يقصف تحركات المسلحين في أطراف عرسال

لاجئة سورية تزيل الثلج من أمام كوخها في مخيم جنوب لبنان (إ.ب.أ)
لاجئة سورية تزيل الثلج من أمام كوخها في مخيم جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

الثلوج والصقيع يفاقمان معاناة اللاجئين السوريين شرق لبنان

لاجئة سورية تزيل الثلج من أمام كوخها في مخيم جنوب لبنان (إ.ب.أ)
لاجئة سورية تزيل الثلج من أمام كوخها في مخيم جنوب لبنان (إ.ب.أ)

لم تهدأ مخاوف اللاجئين السوريين في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، إثر انحسار العاصفة الثلجية، وذلك على ضوء الثلوج الكثيفة التي تساقطت، وغمرت مخيمات اللاجئين، في حين لم تمنع العاصفة الجيش اللبناني من مواصلة إجراءاته العسكرية في الجرود، لملاحقة المجموعات المتشددة.
وبينما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الجيش اللبناني «قصف تحركات المسلحين في جرود وادي رافق في عرسال»، وذلك استمرارًا لتدابيره الآيلة لمنع تسلل المسلحين المتشددين إلى داخل البلدة، تواصلت معاناة اللاجئين السوريين الذين يقطنون في مخيمات داخل بلدة عرسال وخارجها في المنطقة الحدودية مع سوريا. بعد أن تراكمت الثلوج فوق خيامهم، وعزلت المنطقة عن محيطها نتيجة انقطاع الاتصالات، بينما بدأ اللاجئون في المنطقة الحدودية شرق البلدة باستخدام الأخشاب وصناديق الورق المقوى (كرتون) للتدفئة، خوفًا من نفاد مادة مازوت التدفئة.
وبث ناشطون صورًا في مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر الخيام قد غطت بالثلوج التي حاضرت اللاجئين، قائلين إن المخيمات «تشهد أوضاع مأساوية بسبب درجات الحرارة المنخفضة وتساقط الثلوج».
وأكد الناشط الإعلامي السوري ثائر القلموني لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع «صعب ومأساوي»، مشيرًا إلى أن الثلوج تحاصر المخيمات.
كما أكد اللبناني وسام الأطرش الذي جال على مخيمات اللاجئين في داخل بلدة عرسال، أن «الوضع مأساوي»، لافتًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مخيم الشهداء قرب الملعب «اجتاحته السيول بعد أن غمرت الثلوج محيطه، وتسربت الأمطار إلى داخل الخيام». وأشار إلى أن البلدة ككل «عزلت عن محيطها نتيجة انقطاع الطرقات».
هذا، وأطلقت منظمتا «فريق شباب الإحسان التطوعي» و«لمسة حنية»، أمس (السبت)، حملة طوارئ لتقديم المساعدة الممكنة للسوريين الموجودين في مخيمات عرسال في ظل أزمة الشتاء والبرد.
وتحت وسم «أنقذوا أطفالنا في عرسال»، غرد العشرات مطالبين بإنقاذ الأطفال «قبل أن يموتوا بردًا». وقال أبو الهدى الحمصي الذي يقيم في عرسال إن اللاجئين «يعانون، إذ لا يجدون ما يأكلون ولا يجدون ما يدفئ أطفالهم»، مشيرًا إلى أن نداءات الاستغاثة «انطلقت قبل وصول العاصفة».
وارتفعت الثلوج إلى مستوى 30 سنتيمترًا في بلدة عرسال، وغطت الخيام والطرقات والحقول المحيطة، بينما انتشرت صور في مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر أطفالاً يزيلون الثلوج عن الخيام.
وتتضاعف المخاطر التي تحيط باللاجئين السوريين المقيمين في مخيمات عشوائية خارج نطاق البلدة، في المنطقة الجردية المحاذية للحدود السورية. وقالت مصادر ميدانية في عرسال إن هؤلاء «غطتهم الثلوج التي وصلت سماكتها إلى 40 سنتيمترًا»، مشيرة إلى أن مخزونهم من المواد الغذائية «قليل، بالنظر إلى أن حركة التنقل بين البلدة وجرودها كانت محدودة قبل العاصفة».
وخوفًا من تفاقم الوضع الصحي للأطفال، شكلت الهيئة الطبية في بلدة عرسال اللبنانية كادرًا طبيًا لمساعدة قاطني المخيمات خلال الظروف الجوية السيئة التي تجتاح المنطقة. وقال مدير الهيئة الطبية، قاسم الزين، في تصريح لوكالة «سمارت» السورية المعارضة، إنه «سيكون من مهام الكادر الطبي توزيع الأدوية ونقل المرضى الموجودين في المخيمات البعيدة الذين يحتاجون لعمليات جراحية أو ولادة أو عناية مشددة إلى المشافي»، مشيرًا إلى أن الطاقم الطبي «سيزور المخيمات والأماكن التي يصعب الوصول إليها، يوميًا أو مرة كل يومين، مؤكدًا أن فريقًا طبيًا آخر سيعمل على زيارة المخيمات الأخرى».
ويوجد في بلدة عرسال وجرودها، نحو مائة ألف لاجئ سوري، فروا من مواقع المعارك العسكرية في القلمون وريف حمص الجنوبي في عام 2013، ويسكن نحو 15 ألف لاجئ في المنطقة الحدودية خارج نطاق بلدة عرسال، بحسب ما يقول ناشطون سوريون.
وانحسر تساقط الثلوج، أمس، حيث شهدت المناطق انفراجات في الطقس، رغم أن الصقيع تضاعف، كما تضاعف الجليد خصوصًا في المناطق الجبلية وفي البقاع في شرق لبنان، حيث يقيم عشرات الآلاف من السوريين اللاجئين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.