المالح يتهم موسكو بممارسة تكتيكات الشيشان

دعا إلى نقل ملف سوريا من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة

هيثم المالح
هيثم المالح
TT

المالح يتهم موسكو بممارسة تكتيكات الشيشان

هيثم المالح
هيثم المالح

طالب رئيس الدائرة القانونية للائتلاف السوري هيثم المالح بسحب ملف بلاده من مجلس الأمن إلى الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الروسي والإيراني لسوريا. وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن أي مفاوضات تحت ضغط الحرب التي يشنها النظام الأسد ومعه روسيا وإيران ستكون عبثية، ولا جدوى منها، وأكد أنها مضيعة للوقت، حيث تسعى روسيا لإدارة المعركة بنفس الخطط التي اتبعتها في الشيشان. واقترح المالح أن تقدم خمس دول عربية مشروع قرار إلى الهيئة العامة للأمم المتحدة لوقف القصف الجوي ضد الشعب السوري، وأن تقوم الدول العربية بالسعي للحشد لإنهاء ما يسمى بالكارثة الإنسانية في سوريا وإنقاذها من فيتو مجلس الأمن الذي تحتفظ به روسيا طوال الوقت.
وشدد المالح على أنه لا يوجد طريق آخر لإنقاذ سوريا إلا بهذا الإجراء، وقال إن استمرار الملف في مجلس الأمن يعني أننا أمام فيتو روسي دائم هدفه تدمير سوريا لصالح النظام، وحول الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، أوضح أنه يستبعد التوصل إلى نجاح في المفاوضات التي تتم تحت القصف الروسي وإخلاء 45 ألف مواطن من منطقة المعضمية ووضع سواتر ترابية لعزلها وإخراج المواطنين منها، وأضاف: «هل يعقل ما يحدث على الساحة السورية من قتل وتدمير ومجاعة لسكان داريا والزبداني، حتى بعد تفاوض إيران مع المقاتلين؟»، وقال إن الأسد لا يملك القرار، لأن من يدير المرحلة هما طهران وموسكو، متهما روسيا بأنها تحاول تضييع الوقت كما فعلت في الشيشان.
وردا على سؤال حول نتائج زيارة دي ميستورا للسعودية ولقائه مع الهيئة العليا للتفاوض التي تم تشكيلها مؤخرا أوضح المالح أنه «يحاول تشكيل أعضاء الهيئة، وأتوقع أن أكون من بين الأعضاء، ولكن تقديري الخاص أنه لا جدوى من التفاوض إلا إذا تم تنفيذ النقاط الست التي سبق أن قدمها في السابق كوفي أنان خلال مفاوضات جنيف 1، وهي سحب السلاح من المدن والقرى والإفراج عن المعتقلين ووقف إطلاق النار، عندئذ يمكن أن نسير إلى خطة سلام». وحول رؤيته للعناصر المقاتلة التي تنضم إلى المفاوضات قال إن العناصر المقاتلة حضرت اجتماع الرياض وأبدت استعدادها للتفاوض، ومن بينها «جيش الإسلام» و«أحرار الشام».
وكشف المالح عن اجتماعات تشاورية يقوم بها حاليا المبعوث الأممي التي تستمر حتى يوم 20 الشهر الحالي بهدف انتقال التفاوض إلى جنيف يوم 24 من نفس الشهر، وأوضح أن الهيئة العليا للتفاوض تناقش في الرياض خطة المفاوضات والفريق المفاوض، وشدد المالح على أهمية تشكيل هيئة حكم انتقالي تتمتع بصلاحيات الرئيس، وأنه لا مكان للأسد الذي قتل ودمر الشعب السوري.
ودعا المالح إلى انتهاء الاحتلال الروسي والإيراني لسوريا، وقال: «هل يعقل أن تتحول معظم المدن السورية إلى مستعمرات عسكرية لهم»، وأضاف: «يوجد في سوريا أكثر من 30 فصيلا إيرانيا تقاتل الشعب السوري، والنظام لا يمتلك من نفسه شيئا».
وكان المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب قد شكك في امتلاك نظام الأسد مقومات المفاوض، وقال حجاب «كيف يمكن التفاوض مع نظام فاقد للسيادة ولا يسيطر إلا على 18٪‏ من الأراضي السورية؟ ولا تشمل سيطرته أي محافظة بكاملها سوى محافظة طرطوس».
وأكد حجاب على أن نظام الأسد قد فقد السيطرة على جميع الطرق التي تصل سوريا بدول الجوار، ومعظم المعابر الحدودية خارج سيطرته.
وأضاف حجاب أن سيطرة نظام الأسد تقتصر على 8 في المائة‏ من حقول النفط والغاز في سوريا، وتسيطر قوى أخرى على الـ 92 في المائة‏ المتبقية، فهل يمكن التفاوض مع نظام لا يملك السيادة على موارده.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.