الأزهر يشن هجومًا على قناة مسيحية بدعوى أنها «تشكك» في أحكام الإسلام وعقائده

المشيخة دعت لوقفها.. والمتحدث باسم الكنيسة لـ {الشرق الأوسط}: نرفض أي تجريح للأديان

الأزهر يشن هجومًا على قناة مسيحية بدعوى أنها «تشكك» في أحكام الإسلام وعقائده
TT

الأزهر يشن هجومًا على قناة مسيحية بدعوى أنها «تشكك» في أحكام الإسلام وعقائده

الأزهر يشن هجومًا على قناة مسيحية بدعوى أنها «تشكك» في أحكام الإسلام وعقائده

شن الأزهر الشريف هجوما عنيفا على قناة فضائية مسيحية بدعوى أنها تشكك في عقائد وأحكام الإسلام، وبينما دعت مشيخة الأزهر، أمس، الكنيسة المصرية بشكل عاجل لوقف بث هذه القناة وتدعى قناة «الحياة تي في» وتصحيح مسار القنوات الفضائية المسيحية الأخرى، قال القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الكنيسة تقف ضد أي تجريح للأديان.. ونرفض أي إساءة لإخواننا المسلمين»، مضيفا: «الكنيسة غير مسؤولة عما تبثه هذه القناة».
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد الفضائيات المسيحية التي تبث إشاراتها عبر القمر الصناعي المصري «نايل سات»، ويرى مراقبون أن «هذه القنوات تحاول إشعال الفتن بين المسلمين والمسيحيين من خلال برامج حوارية تتهم الإسلام بأنه دين يدعو للعنف ويرفض الآخر»، لكن المتحدث باسم الكنيسة قال إن «أغلب هذه القنوات تبث من خارج مصر».
وحذرت مشيخة الأزهر من قنوات مسيحية تقوم بإثارة الأحقاد والضغائن وتهديد أمن المجتمع المصري وزعزعة استقراره. وقالت المشيخة في تقرير رسمي لها، أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن «هذه القنوات تبث أفكارا متطرفة سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية، وتبغي إثارة الفتن والقلاقل بين أبناء الوطن في هذه الأوقات العصيبة».
وتابعت المشيخة في تقرير لها أعده «مرصد الأزهر»، أنه لاحظ بقلق بالغ مؤخرا أن هناك قنوات فضائية مسيحية تبث على «نايل سات»، خصوصا قناة «الحياة تي في»، التي «تبث برامج حوارية تتعرض لعقائد المسلمين ونصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة وتلصق كل نقيصة بالإسلام وتشكك في عقائده وأحكامه بطريق سافرة لا تقوم على دليل ولا تمت للمنهج العلمي بصلة»، مضيفة: «القناة المذكورة تستضيف من تقدمهم على أنهم مسلمون مرتدون عن الإسلام ومعتنقون للمسيحية، وتظهرهم في برامج حوارية أخرى.. وهذه القناة تقدم نفسها على أنها مسيحية، وهو الأمر الذي يستفز مشاعر المسلمين ويخلق حالة من الكراهية تجاه إخوانهم المسيحيين، والذين طالما عاشوا معا يتبادلون مشاعر الاحترام والتقدير».
وأضاف تقرير «مرصد الأزهر»: «كان من اليسير على الأزهر الرد على كل الشبهات والأباطيل التي تثيرها هذه القناة؛ إلا أن الأزهر لا يريد أن يدخل في جدل غير مجد، والذي من شأنه أن يذكى نارا لفتنة ويغذى الأحقاد ويهدد السلم المجتمعي والنسيج الوطني»، معربا عن أنه يحترم «كل الأديان السماوية ويؤمن بسنة التنوع والاختلاف؛ لكنه في الوقت نفسه يرفض رفضا مطلقا أي مساس بأديان ومعتقدات الآخرين».
وأوضحت المشيخة أنها على يقين من أن «الكنيسة الوطنية المصرية لا يمكن بحال أن تُقر أو ترضى عما تبثه قناة (الحياة تي في)، فهي شريك أصيل في بيت العائلة المصرية، الذي يترأسه كل من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقصية، الذي يحرص على مكافحة كل ما من شأنه أن يهدد كيان المجتمع المصري ويفرق بين أبنائه، ويمزق نسيجه ووحدته الوطنية».
ودعا «مرصد الأزهر» قادة الكنيسة المصرية للعمل على توجيه وتصحيح مسار هذه القنوات، «خصوصا قناة (الحياة تي في)، التي من شأنها إثارة الأحقاد والضغائن وتهديد أمن المجتمع المصري وزعزعة استقراره والتفرقة بين أبنائه، حفاظا على مصلحة الوطن العليا»؛ لكن المتحدث باسم الكنيسة المصرية، قال: «ليس للكنيسة أي سلطة على وقف بث هذه القناة.. ولسنا مسؤولين عنها». وكانت الكنيسة المصرية قد أكدت، أمس، أن القنوات الرسمية التابعة لها هي قنوات «سى تى فى»، و«أغابي» أو «المحبة»، و«مي سات»، و«كوجى»، و«لوجوس»، و«سى واى سى» فقط.. «أما باقي القنوات فلا علاقة للكنيسة بها».
ويقول مراقبون إن هناك عددا كبيرا من الفضائيات المسيحية المصرية والعربية تم تدشينها خلال السنوات الماضية بدعم من المنظمات المسيحية في المهجر، للتعبير عن مشكلات الطائفة المسيحية (الأقلية) في مصر؛ لكن هذه القنوات تخلت عن مشكلات المسيحيين، وأخذت تتحدث في الأمور العقائدية للمسلمين، وهو ما يرفضه الأزهر.
وأعرب المتحدث باسم الكنيسة في تصريحات له، أمس، عن رفض الكنيسة وسائل الإعلام والقنوات الفضائية التي تنشر العنف والتعصب وتحرض ضد الآخر، مؤكدا أن الكنيسة تسعى دائما لنشر ثقافة الحب والسلام.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.