القضاء الفنزويلي يعلق انتخاب نواب المعارضة

اعتبرت أن هذه الخطوة قد تضع البلاد بأسرها على حافة كارثة

القضاء الفنزويلي يعلق انتخاب نواب المعارضة
TT

القضاء الفنزويلي يعلق انتخاب نواب المعارضة

القضاء الفنزويلي يعلق انتخاب نواب المعارضة

علق القضاء الفنزويلي أول من أمس انتخاب ثلاثة من نواب المعارضة، مما يحرمها من أغلبية الثلثين الموصوفة التي فازت بها في الانتخابات التشريعية.
ووافقت محكمة العدل العليا على طعن في انتخاب عدد من مرشحي المعارضة، تقدم به الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا، وهو حزب الرئيس نيكولاس مادورو وريث الرئيس الراحل هوغو شافيز.
وكانت المعارضة قد فازت للمرة الأولى منذ 16 عاما بالأغلبية في البرلمان خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفازت بالأغلبية الموصوفة المحددة بثلثي المقاعد. لكن الإدارة الانتخابية في المحكمة أمرت «بتعليق فوري ومؤقت لمفعول انتخاب» ثلاثة نواب عن ولاية أمازوناس في جنوب فنزويلا، كما ورد في قرار المحكمة الذي نشر على موقعها الإلكتروني.
ويحرم القرار مؤقتا على الأقل تحالف المعارضة المجتمعة في طاولة الوحدة الديمقراطية من أغلبية الثلثين (112 من أصل 167 مقعدا) في البرلمان الذي يتألف من مجلس واحد في فنزويلا. وتمنح هذه الأغلبية المعسكر السياسي، الذي يمتلكها صلاحيات واسعة، بينها الدعوة إلى استفتاء، وإقامة مجلس تأسيسي وحتى ضمان الرحيل المبكر للرئيس عبر تقليص مدة ولايته.
وحتى قبل صدور قرار المحكمة، وصفت المعارضة في رسالة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الدول الأميركية، والسوق المشتركة للجنوب «بالانقلاب القضائي» طلب الطعن الذي تقدم به حزب الرئيس مادورو، إذ قالت الرسالة الإلكترونية التي وقعها الأمين العام لتحالف المعارضة خيسوس توريالبا إن «البلد والمنطقة والعالم تشهد محاولة انقلاب قضائي على القرار الذي عبر عنه الشعب الفنزويلي عبر صناديق الاقتراع».
وحذرت المعارضة من أن الموقف «اللامسؤول» للحزب الاشتراكي «يضع البلاد بأسرها على حافة كارثة، ويمكن أن يؤدي إلى عواقب خطيرة في كل المنطقة». كما أعلن تحالف المعارضة أن نوابه الـ112 الذين انتخبوا سيتولون مهامهم في الخامس من يناير (كانون الثاني) الجاري- كما هو مقرر على الرغم من تعليق المحكمة العليا انتخاب ثلاثة منهم.
وكانت المعارضة المجتمعة في تحالف «طاولة الوحدة الديمقراطية» (يمين الوسط) قد فازت بأغلبية الثلثين في البرلمان، أي بـ112 مقعدا من أصل 167. في أجواء من الاستياء الشعبي الذي تثيره الأزمة الاقتصادية التي تضرب هذا البلد النفطي.
وتسمح هذه الأغلبية الموصوفة للمعارضة، التي ستبدأ عملها في البرلمان في الخامس من يناير الجاري، موعد تولي النواب الجدد مهامهم، بالاستفادة من صلاحيات واسعة بما في ذلك الدعوة إلى استفتاء وتشكيل جمعية تأسيسية.
وخلال الدورة الأخيرة لنواب تيار شافيز، وافق هؤلاء على تعيين 34 قاضيا في محكمة العدل العليا مما أثار غضب المعارضة التي شككت في شرعيتهم، ودانت هذه الخطوة «اليائسة» لـ«برلمان يحتضر».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.