تحقيق في اعتداءات بولاية نورث داكوتا الأميركية على المسلمين

ازدياد المضايقات بعد تصريحات المرشح الجمهوري ترامب

فريدة عثمان استاذة جامعية مسلمة في {هانتر كوليدج} تعرضت للإهانة من أميركي بينما كانت تنتظر القطار في محطة بنسلفانيا بنيويورك  ({نيويورك تايمز})
فريدة عثمان استاذة جامعية مسلمة في {هانتر كوليدج} تعرضت للإهانة من أميركي بينما كانت تنتظر القطار في محطة بنسلفانيا بنيويورك ({نيويورك تايمز})
TT

تحقيق في اعتداءات بولاية نورث داكوتا الأميركية على المسلمين

فريدة عثمان استاذة جامعية مسلمة في {هانتر كوليدج} تعرضت للإهانة من أميركي بينما كانت تنتظر القطار في محطة بنسلفانيا بنيويورك  ({نيويورك تايمز})
فريدة عثمان استاذة جامعية مسلمة في {هانتر كوليدج} تعرضت للإهانة من أميركي بينما كانت تنتظر القطار في محطة بنسلفانيا بنيويورك ({نيويورك تايمز})

في الوقت الذي يتزايد فيه الجدل حول تصريحات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، بمنع المسلمين من دخول أميركا، نفى أمس، عمدة مدينة غراند فوركز (ولاية نورث داكوتا) أنه دعا إلى طرد المسلمين من المدينة، والبالغ عددهم ألف شخص، مؤكدا أن صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية حرفت تصريحاته التي نقلت عنه قوله: «إذا لا يريدون الاندماج معنا، فماذا يريدون؟ لا أعرف، قد يجب طردهم». لكن، أمس، قال العمدة لصحيفة «فوركز هيرالد» التي تصدر في المدينة، إن مراسل «واشنطن بوست» ضغط عليه حتى قال ما قال.
وقالت الصحيفة المحلية ذاتها بعد نقلها تصحيحا لما نشر في «واشنطن بوست» إن «أفرادا من شرطة مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) وصلوا إلى المدينة للتحقيق في أعمال العنف ضد المسلمين هناك، والتي زادت مؤخرا».
وقالت الصحيفة إن شرطة المدينة اعتقلت شابا أبيض بتهمة حرق مطعم يملكه مسلم صومالي مهاجر، وإن «إف بي آي» تريد التحقيق في الحادث، والحوادث المماثلة قبله، على اعتبار أنها «جرائم كراهية».
وتعود الحادثة بعد أن شب حريق في مطعم «جوبا» الذي يملكه المهاجر الصومالي عبد العزيز موالين (36 عاما)، الذي استغرب ما حدث، داعيا المسلمين في الوقت ذاته إلى ألا يغضبوا أو يتجاوبوا للاستفزازات بقوله: «يجب ألا نسمح لهم (غير المسلمين) أن يرونا غاضبين. هذه هي صورتنا في أذهانهم، ويجب أن نقضى عليها، لا أن نؤكدها».
وأضاف ناصحا الجالية المسلمة هناك: «يجب أن يروننا جيرانا طيبين، ومواطنين أميركيين مخلصين».
حالات التوتر زادت بين الجالية المسلمة والأميركيين، إذ تقول الأميركية ميرنا مارتنسون (65 عاما) «نحن، كأميركيين، دائما نقبل المهاجرين. لكن، بالنسبة للمسلمين، لا نعرف ماذا سنفعل معهم، ولا نعرف ماذا سيفعلون هم معنا».
وبدت ديبرا نيسلاند (62 عاما) أقل خوفا، وقالت: «سمعت ما حدث للمطعم الصومالي. وأعتقد أن التصريحات العدائية ضد المسلمين (مثل تصريحات ترامب) تخطت حدودها المعقولة. نتحدث عن هجوم باريس وهجوم كاليفورنيا. لكننا لا نتحدث عن هجوم (غراند فوركز)، هنا. لا نتحدث عن الهجوم على المطعم الصومالي».
وحسب شرطة المدينة، فإن مجموعة من الصوماليين المسلمين المقيمين في المدينة قدموا شكوى ضد شاب أميركي أبيض مر بهم وهم يحتسون الشاي في أحد المقاهي وصرخ فيهم قائلا: «عودوا من حيث أتيتم».
وقالت إدن (24 عاما)، طالبة أميركية صومالية في كلية الهندسة في جامعة نورث داكوتا: «أحمل دونالد ترامب مسؤولية ما حدث لنا، ولغيرنا من المسلمين في الولايات المتحدة. وأيضًا الإعلام. صار كل واحد يقول أي شيء ضدنا. كانت الولايات المتحدة تحتاج إلى عدو داخلي، وصرنا نحن العدو الداخلي».
وحسب صحف ولاية نورث داكوتا، فقد وقع أكثر من ثلاثة آلاف شخص في ولاية نورث داكوتا على مشروع قانون في الولاية، لرفض سكن أي لاجئ أو مهاجر. وفي الشهر الماضي، عقد مجلس بلدية المدينة اجتماعا عاما لمناقشة الموضوع. وقال نصف الحاضرين تقريبا: «لا بد من الاعتراف بأن العالم يتغير، وأن الولايات المتحدة تتغير أيضًا، وأن لا بد من قبول غير الأوروبيين البيض». لكن، قال آخرون، على لسان واحد منهم: «لا نرفض المهاجرين. لكن، نرفض ثقافتهم. إذا كانت ثقافتهم أحسن من ثقافتنا، لماذا تركوا بلادهم وجاءوا إلى هنا». وقال آخر، مع تصفيق من الحاضرين: «بنينا نحن البيض هذه المدينة. لم يبنها السود، أو المسلمون، أو اللاتينيون».
وقال تيري بيجيرك، عضو مجلس بلدية المدينة الذي ينوي الترشح لعمادة المدينة العام المقبل: «لماذا لا يلعب المسلمون رياضة الهوكي (كرة الجليد)، وهي الرياضة الأولى في هذه المدينة؟ لماذا لا يأكلون الـ(هوت دوغز)، وهو الساندويتش المفضل هنا؟». وأضاف أنه لا يؤيد العنف ضد المسلمين، لكن «هذه دولة حرة، ولا نقدر على ضمان راحة كل شخص».
وبعد أسبوع من اجتماع مجلس البلدية، دعا بيجيرك مهاجرا مصريا قبطيا، أسامة دكدوك، ليلقي محاضرة عن كيفية مواجهة انتشار المسلمين في المدينة، وفي أميركا، وفي كل العالم. حضر المحاضرة قرابة خمسمائة شخص (عشرة أضعاف الذين حضروا اجتماع مجلس البلدية). وكان بيجيرك يجلس إلى جانب دكدوك، وهو يرفع بيد الكتاب المسيحي المقدس، وباليد الأخرى نسخة من الدستور الأميركي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.