الجفاف يرهن أداء الحكومة المغربية في آخر عام من ولايتها

يسبب كارثة في القطاع الزراعي

الجفاف يرهن أداء الحكومة المغربية في آخر عام من ولايتها
TT

الجفاف يرهن أداء الحكومة المغربية في آخر عام من ولايتها

الجفاف يرهن أداء الحكومة المغربية في آخر عام من ولايتها

تكبد الفلاحون المغاربة خسائر فادحة بسبب التأخر الكبير للأمطار، حسب بوشتة بوصوف، نائب رئيس الغرفة الفلاحية لمنطقة الدار البيضاء - سطات، إحدى أكبر المناطق المنتجة للقمح في المغرب. وقال بوصوف لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع كارثي بالنسبة للفلاحين، مضيفا «الفلاح صرف أموالا في شراء البذور والمخصبات وأشغال الحرث. وبسبب الجفاف، فإن كل هذا المجهود ذهب هباء منثورا. غير أننا لم نقنط من رحمة الله، فلو جاءت الأمطار خلال الأيام المقبلة بالشكل الكافي فسنتمكن من إنقاذ الموسم الزراعي».
في الأسواق بدأت المنتجات الزراعية تقل وأسعارها ترتفع. ويرجع بوصوف ذلك إلى إحجام الفلاحين عن بيع ما تبقى لديهم في المخازن من محاصيل السنة الماضية، التي كانت قياسية بسبب وفرة الأمطار. ويقول بوصوف إن الفلاحين يفضلون الاحتفاظ بما لديهم بدل طرحه في السوق بسبب ضيق أفق محاصيل الموسم المقبل. ويضيف: «هناك أيضا مشكلات كبيرة بالنسبة لمربي الأغنام والعجول بسبب جفاف المراعي وغلاء الأعلاف».
وفي منطقة الغرب (شمال الرباط) التي تعتمد بشكل كبير على السقي نظرا لكثرة أنهارها وسدودها، يعيش الفلاحون أوضاعا لا تقل مأساوية. ويقول الهراوي محمد، رئيس جمعية منتجي ومصدري الحوامض في منطقة الغرب: «المشكلة التي يعاني منها الفلاحون هنا هي ارتفاع نسبة ملوحة الماء، التي وصلت في بعض المناطق إلى 2 في المائة». ويضيف الهراوي: «بسبب الجفاف ترتفع الأملاح إلى سطح الأرض، وتقل المياه بشكل كبير في الوديان. وعندما تطلق مياه السدود، فإنها تغسل الأملاح وتتشبع بها وهي في طريقها إلى الحقول. وقد تصبح غير صالحة للسقي عندما تتجاوز نسبة الأملاح مستوى معينا».
وحول حجم الأضرار التي لحقت بزراعة الحبوب في منطقة الغرب، أشار الهراوي إلى أنها كانت كارثية. وأضاف: «في جل المناطق التي عرفت بعض الأمطار القليلة في بداية الموسم، كانت الخسائر تامة ونهائية؛ إذ إن تلك الأمطار جعلت البذور تنبت قبل أن يقتلها الجفاف. ورغم أن بعض الفلاحين حاولوا إنقاذ المحصول بمد قنوات الري وسقي الحقول، فإن ذلك جاء متأخرا، إذ ظلوا ينتظرون المطر ويأملون إلى آخر لحظة. أما في بعض المناطق التي لم تصلها تلك الأمطار، فالتربة بقيت حمراء، ولا تزال هناك بذور تحتها تنتظر الفرج».
بعد أيام فقط سينتهي الموسم العادي للأمطار، فالنهار بدأ يطول وتتراجع ساعات الليل، لكن الفلاح المغربي ما زال يهدهد بعض الأمل.
ويقول الهراوي: «نحن ننتظر ونعلق الآمال على الأمطار المتأخرة في نهاية الموسم. أي خلال الأسبوع المقبل إلى أسبوعين. فلو جاءت هذه الأمطار فستنقد 50 في المائة من الموسم الزراعي بالمغرب، شريطة أن تكون عامة». ويضيف الهراوي أن الأمطار حتى لو تأخرت إلى شهر فبراير (شباط)، فستكون مفيدة على الأقل في مجال الرعي.
في غضون ذلك، تستعد الحكومة لمواجهة آثار الجفاف الذي أرخى بظلاله على أدائها في آخر عام من ولايتها. وينتظر الفلاحون المتضررون في الكثير من المناطق أن تعلن الحكومة مناطقهم مناطق منكوبة، ليستفيدوا من تعويضات التأمين الزراعي المدعوم من طرف الحكومة، وأيضا من إجراءات إعادة جدولة ديونهم لدى مصرف القرض الفلاحي التابع للحكومة.
في سياق ذلك، أعلنت الحكومة تخفيض الرسوم الجمركية على استيراد القمح من 50 في المائة إلى 30 في المائة بهدف ضبط أسعار السوق الداخلية ومواجهة مخاطر نقص تموين الأسواق.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.