اتفاق بين أكبر فصيلين معارضين بريف دمشق على تجميد الهدن مع النظام

تفعيل جبهتي حرستا والمرج بالغوطة الشرقية

صبي من دوما في ريف دمشق يحمل منشورًا رماه الطيران الحربي يحذر فيه من أن جيش النظام قادم (رويترز)
صبي من دوما في ريف دمشق يحمل منشورًا رماه الطيران الحربي يحذر فيه من أن جيش النظام قادم (رويترز)
TT

اتفاق بين أكبر فصيلين معارضين بريف دمشق على تجميد الهدن مع النظام

صبي من دوما في ريف دمشق يحمل منشورًا رماه الطيران الحربي يحذر فيه من أن جيش النظام قادم (رويترز)
صبي من دوما في ريف دمشق يحمل منشورًا رماه الطيران الحربي يحذر فيه من أن جيش النظام قادم (رويترز)

أكدت مصادر سورية معارضة في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن «جيش الإسلام» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» في الغوطة الشرقية، وهما أكبر فصيلين عسكريين في ريف دمشق، توصلا إلى اتفاق قضى بتجميد أي نوع من الهدن مع النظام السوري، والردّ على اغتيال زعيم «جيش الإسلام» زهران علوش عبر فتح جميع الجبهات مع القوات النظامية، وتجددت الهجمات على محور حرستا، وقطع أوتوستراد دمشق – حمص الدولي، فضلاً عن «تنشيط الأعمال العسكرية على محور المرج». في وقت نفى فيه مصدر رسمي في «جيش الإسلام» الأنباء التي تداولتها الأوساط الإعلامية عن انسحاب التنظيم من الهيئة السورية العليا للمفاوضات في أعقاب اغتيال قائده «زهران علوش».
وقالت المصادر، إن القرار الذي تلا اغتيال علوش، يوم الجمعة الماضي، يعد الأول بعد تعيين أبو همام بويضاني قائدًا لـ«جيش الإسلام»، ويشمل التصعيد العسكري في الغوطتين الشرقية والغربية، علمًا بأن الغوطة الغربية لا يتمتع فيها «جيش الإسلام» بنفوذ وتشهد عمليات عسكرية واسعة منذ ثلاث سنوات على محور داريا، إضافة إلى تجدد المعارك في معضمية الشام مرة أخرى، إثر سقوط هدنة سابقة كانت وقعت مع القوات النظامية.
وأكدت المصادر أن القرار «يعني تجميدًا لأي اتفاق كان اتخذ في وقت سابق بين قوات المعارضة وقوات النظام، وإلغاء له»، مشيرة إلى أن الغوطة الشرقية «ستشهد معارك عسكرية ضخمة خلال الأيام المقبلة، وستكون جزءًا من الردّ على اغتيال علوش، علمًا بأن الفصيلين اتفقا على الردّ».
وشهدت الغوطتين الشرقية والغربية أمس، تصعيدًا عسكريًا كبيرًا، مع تجدد المعارك على ثلاثة محاور في الغوطة الشرقية، تخللها قصف جوي نفذته قوات النظام استهدفت فيها مواقع في الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» باندلاع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى على أوتوستراد دمشق – حمص من جهة مدينة حرستا، من غير تسجيل خرق استراتيجي على تلك الجبهة التي كانت قبل شهرين مسرح عمليات واسعة، أسفرت عن تقدم قوات المعارضة على جبهة حرستا – ضاحية الأسد، وقطع بموجبها الطريق الدولي الذي يربط العاصمة السورية بمدينة حمص وسط البلاد. وبث ناشطون أمس، صورة لطائرة استطلاع صغيرة، قالوا إن «جيش الإسلام» أسقطها على جبهة أوتوستراد دمشق حمص الدولي.
وبالموازاة، دفعت قوات المعارضة بتعزيزات إلى جبهة مرج السلطان، في محاولة لصد هجمات نفذتها قوات النظام، محاولة التقدم إلى قلب الغوطة الشرقية. وأفاد ناشطون بأن العمليات العسكرية «أسفرت عن مقتل وإصابة 25 من قوات النظام على جبهة المرج، حيث فشل الهجوم، وأحرز مقاتلو الفصائل المقاتلة تقدمًا في بعض النقاط في منطقة المرج».
وأكد ناشطون مقتل عناصر من القوات النظامية «في هجوم لمقاتلي جيش الإسلام على نقاط في منطقة المرج في الغوطة الشرقية بريف دمشق»، حيث «تقدموا في نقاط بمحيط مطار المرج الاحتياطي بعد استهدافها بقذائف الدبابات وقذائف الهاون مع ساعات الصباح الأولى».
وذكرت شبكة أخبار جوبر، أن الطيران الحربي استهدف منطقة المرج بغارة جوية محملة بأربع صواريخ، فيما قصفت الطائرات الحربية مدينة حمورية في الغوطة الشرقية، فضلاً عن قصف مدينتي عربين ودوما. كما فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، فيما سمعت أصوات إطلاق نار في منطقة التل من جهة حي النازحين. واتسع القصف ليشمل مناطق في حي جوبر عند أطراف العاصمة ما أدى لسقوط جرحى، واتهم نشطاء قوات النظام باستخدام غازات في القصف، ومعلومات مؤكدة عن إصابة عدة أشخاص.
هذا، وذكر «المرصد السوري» أن الطائرات الحربية ألقت منشورات على مدينة دوما، وكتب عليها: «هذه نهاية المال القذر.. عد إلى ربك، خير الخطائين التوابون»، وهي مرسومة على صورة 100 دولار أميركي وعلى طرفها الأول صورة أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، والطرف الآخر جثة مقاتل، إضافة إلى منشورات أخرى تضمنت تحذيرات تطالب تسليم المقاتلين أنفسهم.
وفي الغوطة الغربية، تعرضت مناطق في المزارع المحيطة بمخيم خان الشيح بالغوطة الغربية، لقصف من قبل قوات النظام التي قصفت أيضًا مناطق بين مدينتي داريا ومعضمية الشام بالغوطة الغربية. كما اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في أطراف بلدة الدير خبية بريف دمشق الغربي.
وفي سياق التصعيد العسكري في ريف دمشق، أفاد المرصد السوري بمقتل 17 مقاتلاً على الأقل من مقاتلي فصائل إسلامية جراء استهدافهم من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها في مزارع بلدة كفرشمس بريف درعا الشمالي الغربي، حيث تم استهدافهم عبر تفجير ألغام كانت قد زرعتها قوات النظام والمسلحين الموالين لها داخل مقار لهذه الفصائل، وتم تفجيرها بعد دخول المقاتلين إليها. وتعد منطقة كفر شمس من ضمن مناطق مثلث الجنوب السوري الذي يضم ريف درعا الشمالي الغربي وريف دمشق الجنوبي الغربي وريف القنيطرة الشمالي، حيث شهدت هذه المنطقة خلال الأشهر الفائتة معارك عنيفة وعمليات كر وفر بين قوات النظام وحزب الله اللبناني والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من طرف، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من طرف آخر، كما يشار إلى أن عدة مناطق في ريفي دمشق والسويداء شهدت في عدة حالات مماثلة خلال الأشهر الفائتة، عمليات استهداف لمقاتلين بعبوات ناسفة، يتم تفجيرها أثناء مرورهم بها.
إلى ذلك، نقل موقع «الدرر الشامية» تأكيد عضو المكتب السياسي في «جيش الإسلام» وأحد ممثليه في مؤتمر الرياض د. محمد بيرقدار، أنه لا يمكنهم أن يتخذوا قرارًا بالانسحاب من الهيئة السورية العليا للمفاوضات بناء على ردة فعل اغتيال قائدهم، مؤكدًا أنهم في تشاور مع قوى الثورة، وفي حال اتخذ مثل هذا القرار سيكون مبنيًّا على مصلحة الثورة السورية لا مصلحة فصائلية.
واعتبر «بيرقدار» أن عملية استهداف «زهران علوش» من قِبَل العدوان الروسي كانت مقصودة، وأن روسيا طرحت «الحل السياسي» كمناورة، مستدلاً بذلك على استهداف طائراتهم للمدارس في الغوطة الشرقية عشية مؤتمر الرياض، وكذلك استهداف قائد أكبر قوة مشاركة في المؤتمر في إشارة لـ«زهران علوش».
وكانت مصادر دبلوماسية وإعلامية كثيرة رجحت اتجاه جيش الإسلام إلى الانسحاب من الهيئة السورية العليا للمفاوضات عقب مقتل قائده «زهران علوش» بغارات للطيران الروسي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.