أميركا: لا إرهاب داخليًا في أعياد الميلاد.. لكن الخارجي يستمر

الصحف الأوروبية: العداء للمسلمين في دول غربية.. واللاجئون هربوا من نيران الحرب إلى بيئة متجمدة

أميركا: لا إرهاب داخليًا في أعياد الميلاد.. لكن الخارجي يستمر
TT

أميركا: لا إرهاب داخليًا في أعياد الميلاد.. لكن الخارجي يستمر

أميركا: لا إرهاب داخليًا في أعياد الميلاد.. لكن الخارجي يستمر

عادت الصحف الأوروبية، التي صدرت خلال الأيام القليلة الماضية، لتسلط الضوء على معالجة أزمة الهجرة واللجوء، مع استمرار الاهتمام بمكافحة الإرهاب وتنظيم داعش في سوريا والعراق، إلى جانب ملفات أخرى مثل العنصرية ضد الإسلام والمسلمين في بعض دول الغرب.
وتناولت الصحف البريطانية وضع المهاجرين واللاجئين في أوروبا، وتزايد العداء للمسلمين في الدول الغربية. وكتبت صحيفة «الإندبندنت» في افتتاحيتها تقول إن الذين يمنعون المسلمين من دخول بلدانهم إنما يشجعون تنظيم داعش، ويدعمون أفعاله.
على الجانب الآخر نشرت صحيفة «التايمز» تقريرا كتبته فيونا هاملتون تقول فيه: إن المسلمين في بريطانيا يقاطعون برنامج الحكومة لمكافحة التشدد ويصفونه بأنه عنصري. وتضيف أن هذا يعني أن المسلمين يرفضون تقديم المعلومات التي قد تساعد الشرطة على منع وقوع هجمات إرهابية.
ونشرت صحيفة «الغارديان» تقريرا كتبه، جوناثان فريلاند، عن مخيم المهاجرين واللاجئين في كالي الفرنسية. ويقول فريلاند إن اللاجئين في كاليه يعيشون ظروفا قاسية، وفي غياب أي دور حكومي، بينما انبرى عدد من المتطوعين للمساعدة بجهود فردية وإمكانيات محدودة، لكنها ذات فاعلية.
ويصف الكاتب المخيم بأنه شبيه بأحياء الصفيح العشوائية، غير أنه في قلب أوروبا، وهو يؤوي 6 آلاف شخص يقيمون على أرض مهجورة، مليئة بالفضلات البشرية، ولا وجود فيها للماء ولا للطرق أو البنية التحتية. ويتعجب فيرلاند من ألا أحد يشرف على المخيم، أو يهتم به، ويقول لو إن هذه الكارثة كانت من الكوارث التقليدية لاهتمت بها الأمم المتحدة وكبرى المنظمات الإنسانية، ولكنها تحدث في قلب أوروبا، التي هي في غنى عن المساعدة. فلا وجود للأمم المتحدة أو منظمة غوث اللاجئين، بينما سجلت منظمة أوكسفام حضورا بسيطا مع الصليب الأحمر الدولي، وأطباء بلا حدود، التي تتدخل لأول مرة في فرنسا. ونشرت صحيفة «ديلي تلغراف» تقريرا عن لاجئين آخرين هربوا من نيران الحرب والقنابل فوجدوا أنفسهم في بيئة متجمدة، تحيط بهم الثلوج من كل جانب، والشمس لا تكاد تطلع عليهم في منتجع شمالي السويد. تحدث صحافي «ديلي تلغراف»، ريشتارد أورانج، مع لاجئين من أفغانستان وبعضهم من سوريا استقبلتهم السويد، التي استقبلت أكبر حصة من اللاجئين في أوروبا وصلت 170 ألف شخص، وهو عدد سكان مدينة أوبسالا، رابع أكبر مدينة في البلاد. وأما الصحافة الفرنسية فقد نشرت صحيفة «لوموند» مقابلة خاصة مع زعيم حزب العمال الكردستاني جميل بايك. القيادي الكردي الذي التقته «لوموند» في أعالي جبل قنديل على الحدود بين العراق وإيران قال إن الأكراد لن يلقوا سلاحهم وإن جميع قنوات الاتصال مع تركيا مغلقة حاليا، كما أنه أشار إلى أهمية الدور الكردي في الحرب على تنظيم داعش.
و بسبب عطلة الكونغرس حتى الشهر المقبل، وسفر الرئيس باراك أوباما إلى مسقط رأسه في هاواي لاحتفالات أعياد الميلاد، هدأت واشنطن، وهدأت الأخبار السياسية الداخلية. وسيطرت على التغطية الإعلامية صور وأخبار وفيديوهات «شوبنغ» (التسوق). صباح السبت، غطت قنوات تلفزيونية ازدحام الأميركيين لدخول المحلات التجارية للاستفادة من عادة سنوية: تخفيضات هائلة في اليوم التالي للكريسماس.
خلال الأسبوع، غطت أخبار أعياد الميلاد على ما عداها. نقل تلفزيون «سي إن إن» استعدادات جنود أميركيين للاحتفال بالكريسماس في أفغانستان. هذه عادة سنوية، رغم أن عدد هؤلاء الجنود انخفض كثيرا منذ نهاية مهمة قوات حلف الناتو هناك. وقدمت قنوات تلفزيونية كثيرة برامج عن أطعمة ومشروبات الكريسماس. وعن سفر كثير من الأميركيين إلى عائلاتهم أو أصدقائهم للمشاركة في الاحتفالات.
بسبب المخاوف من عمليات إرهابية، وبسبب كثرة المسافرين جوا، كثفت الشرطة الأميركية حراسة كثير من المطارات. وشوهدت كلاب شرطة كثيرة تفتش عن متفجرات، أو تجوب وسط المسافرين لتخفيض القلق بسبب السفر، أو بسبب الخوف من الإرهابيين. غير أن الأجهزة الأمنية قالت، يوم السبت، إن يوم الكريسماس مر من دون هجمات إرهابية.
لكن، لم يهمل الإعلام الأميركي استمرار الإرهاب، أو الحرب ضد الإرهاب، خارج الولايات المتحدة.
صباح أول من أمس، نقل تلفزيون «فوكس» خبر أن زهران علوش، مؤسس منظمة «جيش الإسلام»، ومسؤولين آخرين في المنظمة، قتلوا في الغارات الجوية الروسية في شرق دمشق.
وقبل ذلك، تابع تلفزيون «سي إن إن» تقارير من نيجيريا عن دفن جثث ما لا يقل عن 300 من المسلمين الشيعة الذين قتلوا خلال غارات تنظيم بوكو حرام في بيت الزعيم الشيعي النيجيري إبراهيم زكزكي، في زاريا. وكانت «بوكو حرام» أعلنت تحالفها مع «داعش» التي تناوئ الشيعة.
وصباح السبت، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرا طويلا عن ظاهرة جديدة للمقاومة الفلسطينية: «طعن شبان فلسطينيون لجنود إسرائيليين».
وقالت الصحيفة إن الإسرائيليين يناقشون زيادة الإجراءات الأمنية، ولا يتكلمون كثيرا عن أسباب انتشار هذا النوع من المقاومة. وأيضا، خبر أن اثنين من الفلسطينيين طعنا المارة في البلدة القديمة في بوابة يافا في القدس، مما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة واحد. وخلال إطلاق النار الذي أعقب ذلك، قتل المهاجمان برصاص حرس الحدود الإسرائيلي.



شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)
TT

شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يميناً

إيلون ماسك (رويترز)
إيلون ماسك (رويترز)

استقالت رسامة الكاريكاتير الأميركية -السويدية الأصل- آن تيلنيس، الحائزة على جائزة «بوليتزر»، من عملها في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الأسبوع الماضي، بعد رفض قسم الآراء في الصحيفة رسماً كاريكاتيرياً يصوّر مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس مع مليارديرات آخرين من عمالقة التكنولوجيا، وهم ينحنون أمام تمثال للرئيس المنتخب دونالد ترمب. وفور إعلان الخبر رأى كثيرون أن الواقعة الجديدة تختصر صورة المرحلة المقبلة في الولايات المتحدة.

مارك زوكربيرغ (آ ب)

إعادة تموضع

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بعدما بدا أن ترمب يتجه إلى العودة مجدداً إلى البيت الأبيض، بدأ الكثير من مسؤولي الشركات الكبرى ووسائل الإعلام الأميركية، رحلة «إعادة تموضع» تماشياً مع العهد الثاني لترمب. وهو ما تُرجم بداية بامتناع وسائل إعلام كانت دائماً تُعد رمزاً لليبرالية، مثل: «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، عن تأييد أي من المرشحين الرئاسيين، فضلاً عن تغيير غرف التحرير في محطات تلفزيونية عدة، ومراجعة الكثير من سياسات الرقابة والإشراف والمعايير الناظمة لعملها، إلى إعادة النظر في تركيبة مجالس إدارات بعض شركات التكنولوجيا.

وبعيداً عن انحياز الملياردير إيلون ماسك، مالك تطبيق «إكس»، المبكر لترمب، واتجاهه للعب دور كبير في إدارته المقبلة، كانت الاستدارة التي طرأت على باقي المنصات الاجتماعية والإعلامية مفاجئة وأكثر إثارة للجدل.

ان تيلنيس (جائزة بوليتزر)

خضوع سياسي أم تغيير أعمق؟

البعض قال إنه «خضوع» سياسي للرئيس العائد، في حين عدّه آخرون تعبيراً عن تغيير أعمق تشهده سياسات واشنطن، لا يُختصر في ترمب، بل يشمل أيضاً كل الطبقة السياسية في الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي، وحتى المزاج الشعبي الذي أظهرته نتائج الانتخابات.

في بيانها الموجز، قالت تيلنيس التي تعمل في «واشنطن بوست» منذ عام 2008، إن قرار الصحيفة رفض رسمها الكاريكاتيري «مغيّر لقواعد اللعبة» و«خطير على الصحافة الحرة». وكتبت: «طوال ذلك الوقت لم يُمنع رسم كاريكاتيري قط بسبب مَن أو ما اخترت أن أوجّه قلمي إليه حتى الآن». وأدرجت تيلنيس مسوّدة من رسمها الكاريكاتيري في منشور على موقع «سبستاك»، يظهر بيزوس، مؤسس «أمازون» ومالك الصحيفة، مع مؤسس شركة «ميتا» مارك زوكربيرغ، وسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، وباتريك سون شيونغ مالك صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، و«ميكي ماوس» التميمة المؤسسية لشركة «والت ديزني»، ينحنون أمام تمثال ترمب.

وطبعاً كان من الطبيعي أن «يختلف» ديفيد شيبلي، محرّر الآراء في الصحيفة، مع تقييم تيلنيس، وبالفعل قال في بيان إنه يحترم كل ما قدمته للصحيفة، «لكن يجب أن يختلف مع تفسيرها للأحداث»، معتبراً قرار منع نشر رسم الكاريكاتير «تفادياً للتكرار»، بعدما نشرت الصحيفة مقالات عن الموضوع.

... وزوكربيرغ يعود إلى أصوله

بيد أن تزامن منع الكاريكاتير مع الخطوة الكبيرة التي اتخذتها شركة «ميتا» يوم الثلاثاء، عندما أعلن مارك زوكربيرغ أن «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» ستُنهي عملية التدقيق في الحقائق من قِبل أطراف ثالثة، قرأها العالم السياسي بوصفها نوعاً من الاستسلام؛ إذ قال زوكربيرغ في مقطع فيديو نشره على «فيسبوك» إن «(ميتا) ستتخلّص من مدقّقي الحقائق، وستستعيض عنهم بملاحظات مجتمعية مشابهة لمنصة (إكس)»، وهو ما رآه البعض «تضحية بقيم الشركة على (مذبح) دونالد ترمب وسياسة (حرية التعبير)» للحزب الجمهوري الجديد. بالنسبة إلى المحافظين اليمينيين، الذين يعتقدون أن المشرفين ومدققي الحقائق ليبراليون بشكل شبه موحّد، واثقون بأن النهج الأكثر تساهلاً في تعديل المحتوى سيعكس الواقع بشكل أكثر دقة، من خلال السماح بمجموعة أوسع من وجهات النظر. وعدّ هؤلاء، ومنهم بريندان كار الذي اختاره ترمب لإدارة لجنة الاتصالات الفيدرالية، قرار «ميتا» انتصاراً.

في المقابل، أعرب الليبراليون عن «فزعهم»، وعدّوه «هدية لترمب والمتطرّفين في جميع أنحاء العالم». وقال معلقون ليبراليون إن من شأن خفض معايير التأكد من الحقائق من قِبل أكبر منصة في العالم يُنذر بمجال رقمي أكثر غرقاً بالمعلومات الكاذبة أو المضللة عمداً مما هو عليه اليوم.

ابتعاد عن الليبرالية

هذا، ومع أنه من غير المتوقع أن يؤدي قرار زوكربيرغ بالضرورة إلى تحويل الإنترنت إلى «مستنقع للأكاذيب أو الحقائق»؛ لأن الخوارزميات هي التي تتحكم بما يُنشر في نهاية المطاف. فإن قراره يعكس، في الواقع، ابتعاد شركات التكنولوجيا عن الرؤية الليبرالية لمحاربة «المعلومات المضلّلة». وهذه مسيرة بدأت منذ سنوات، حين تراجعت «ميتا» عام 2019 عن التحقق من صحة الإعلانات من السياسيين، وعام 2023 عن تعديل الادعاءات الكاذبة حول انتخابات 2020.

وحقاً، كان إعلان يوم الثلاثاء هو الأحدث في سلسلة من تراجعات الشركة، واتجاهها نحو اليمين منذ إعادة انتخاب ترمب. ففي الأسبوع الماضي، عيّنت الشركة الجمهوري جويل كابلان رئيساً عالمياً للسياسة، وعيّنت، يوم الاثنين، دانا وايت، حليفة ترمب التي لعبت دوراً رئيساً خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، في مجلس إدارة الشركة. وفي السياق نفسه تضمّن إعلان يوم الثلاثاء نقل فريق الثقة والسلامة في الشركة من ولاية كاليفورنيا «الليبرالية»، إلى ولاية تكساس «الجمهورية»؛ مما يعكس دعوات من قادة التكنولوجيا اليمينيين مثل إيلون ماسك إلى تركيز الصناعة في بيئات «أقل ليبرالية» من «وادي السيليكون».

ترمب ممثلاً للأكثرية

في مطلق الأحوال، مع أن كثيرين من النقاد والخبراء يرون أن هذا التغيير يعكس بالفعل حقيقة ابتعاد شركة «ميتا» وغيرها من شركات ومواقع التواصل الاجتماعي عن الرؤية الليبرالية للحوكمة الرقمية، لكنهم يشيرون إلى أنه ابتعاد مدفوع أيضاً بالقيم الأساسية للصناعة التي جرى تبنيها إلى حد كبير، تحت الإكراه، استجابة للحظات سياسية مشحونة.

ومع تحوّل ترمب تدريجياً من كونه متطفلاً دخيلاً على الحياة السياسية الأميركية، إلى الممثل الأبرز للأكثرية التي باتت تخترق كل الأعراق -وليس فقط البيض- فقد بدا أن هذا النهج الذي يشبه نظام المناعة بات أقل ملاءمة، وربما، بالنسبة إلى شركات مثل «ميتا»، أكثر ضرراً سياسياً وأقل ربحية.