خبراء أمنيون ومسؤولون يختلفون حول كون «داعش» تهديدًا إلكترونيًا

حتى قبل مقتل «جنيد حسين» العقل الإلكتروني للتنظيم الإرهابي الجهود كانت تتركز على التجنيد وليس شن هجمات

جنيد حسين العقل الإلكتروني للتنظيم قتل بغارة درون أغسطس الماضي («الشرق الاوسط»)
جنيد حسين العقل الإلكتروني للتنظيم قتل بغارة درون أغسطس الماضي («الشرق الاوسط»)
TT

خبراء أمنيون ومسؤولون يختلفون حول كون «داعش» تهديدًا إلكترونيًا

جنيد حسين العقل الإلكتروني للتنظيم قتل بغارة درون أغسطس الماضي («الشرق الاوسط»)
جنيد حسين العقل الإلكتروني للتنظيم قتل بغارة درون أغسطس الماضي («الشرق الاوسط»)

ذكر وزير الخزانة البريطاني «جورج أوزبورن»، في خطاب ألقاه الشهر الماضي، أن مسلحي تنظيم داعش كانوا يحاولون تطوير قدراتهم لتنفيذ هجمات إلكترونية على أنظمة حيوية، مثل المستشفيات، وأنظمة التحكم في حركة النقل الجوي، ومحطات الطاقة.
وخلال هذا الشهر في الولايات المتحدة، توقع «كليفتون تريبليت»، مستشار الأمن الإلكتروني، الذي تعاقد مكتب إدارة شؤون الموظفين معه لمساعدته في العودة إلى مساره السليم بعدما تعرض لسلسلة هجمات إلكترونية من جانب الصين، أن يتمكن «داعش» في نهاية المطاف من اختراق أنظمة المكتب الفيدرالي أيضا. لكن الباحثين في مجال الأمن الخاص ممن يتعقبون أنشطة «داعش» على شبكة الإنترنت يقولون إن قدرات التنظيم في الحقيقة ليست أفضل بكثير من قدرات المراهقين البارعين في أمور التقنية الذين يشوهون المواقع من أجل الحصول على الإثارة. وتوضح تلك الرؤية وجود فجوة إدراكية متزايدة بين مخاوف المسؤولين وما يعده خبراء الأمن تهديدا معقولا.
وفي الواقع، تهمش الرجلان اللذان يعدان أكثر القراصنة تطورا لدى «داعش»، أحدهما قد مات، والآخر يقبع في السجن.
وقال «كريستوفر أهلبيرغ»، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة الاستخبارات الأميركية «ريكورديد فيوتشر»، التي تحلل التهديدات على الإنترنت: «إلى الآن، كانت الهجمات الإلكترونية المنسوبة لـ(داعش) محرجة، لكنها ليست بالضرورة معقدة أو متطورة».
وحذر أهلبيرغ من أن «داعش» يحاول توظيف بدائل للقراصنة الذين فقدهم، لكن تبدو قدراته في القرصنة - حتى الآن - بدائية.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، شن القراصنة هجوما على المحطة التلفزيونية الفرنسية «تي في 5 موند»، فقطعوا البث عنها طوال يوم كامل تقريبا. ونُسب الهجوم في البداية إلى تنظيم داعش، إلا أن خبراء أمنيين ربطوه فيما بعد بجماعة روسية تشارك فيما بدا أنها عملية عدوانية لمكافحة التجسس - استهدفت تجميع مزيد من المعلومات حول «داعش». وفي الواقع، انصب تركيز أعضاء «داعش» والمتعاطفين معه على الإنترنت على التجنيد، وليس على شن هجمات إلكترونية.
وكشف بحث أجرته شركة «ريكورديد فيوتشر» على منتديات «داعش» المحمية بكلمة مرور على الإنترنت عن مجرد مناقشة طفيفة حول هجمات إلكترونية نُفذت في أماكن أخرى على شبكة الإنترنت، على سبيل المثال، تلك الهجمات التي أطلقتها مجموعة القراصنة الناشطين المعروفة باسم «ليزارد سكواد». ولا يبرز سوى القليل عن التخطيط القرصني الذي تحركه دوافع سياسية أو ما يشابهها.
وقال السيد أهلبيرغ إن شركته - التي تجمع معلومات استخباراتية من المنتديات المفتوحة والمغلقة على شبكة الإنترنت، ومنتديات الدعاية التابعة لـ(داعش)، ووسائل الإعلام الاجتماعي، ومجموعة من الأدوات الإعلامية الأخرى - لم تشهد حتى الآن أي تصريح علني من تنظيم داعش يشير إلى أنه قد اكتسب قدرات القرصنة. وترد هجمات القرصنة بالكاد في مجلة «دابق» الخاصة بالتنظيم على الإنترنت، وكذلك في الوثائق الإرشادية الأخرى، وفقا لتحليل أجرته «ريكورديد فيوتشر». ولا تظهر كلمات «الإلكتروني» و«الهجوم الإلكتروني» و«القرصنة» في أي من 740 مادة دعائية وإرشادية حديثة خاصة بـ«داعش» فحصتها شركة السيد أهلبيرغ. وكذلك لا تركز أي من مواد «داعش» على تلك الهجمات كطموح أساسي. ومن بين اثنين من المتعاطفين مع تنظيم داعش يُعتقد أنهما يمتلكان مهارات القرصنة الأكثر تطورا، يقبع أحدهما - «أرديت فيريزي»، مواطن كوسوفي، عمره 20 عاما - في السجن في ماليزيا، وينتظر تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث يواجه عقوبة تصل إلى 35 عاما في السجن، وفقا للائحة اتهام وزارة العدل.
وقُتل الثاني – «جنيد حسين»، العقل الإلكتروني للتنظيم الإرهابي وهو باكستاني مولود في بريطانيا، عمره 21 عاما، مسؤول عن اختراق حسابات «تويتر» و«يوتيوب» الخاصة بالقيادة المركزية الأميركية في يناير (كانون الثاني) – إثر غارة جوية بطائرة من دون طيار على سوريا في أغسطس (آب).
ومع ذلك، يشعر المسؤولون بالقلق من أنه حتى في ظل استنزاف صفوف القراصنة الموهوبين لدى «داعش»، قد يتمكن التنظيم في يوم ما من تجنيد قراصنة أكثر تطورا. وقد أظهر التنظيم بالفعل براعة في استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي لجذب أعضاء جدد، بحسب «ريتا كاتز»، المديرة التنفيذية والمؤسسة المشاركة لشركة «سايت» الاستخباراتية، التي تراقب أنشطة «داعش» على الإنترنت. وجرت المناقشات الإلكترونية بين أعضاء «داعش» بشكل حصري تقريبا في المنتديات المحمية بكلمة مرور، بحسب كاتز. غير أن مواقع «تويتر» و«يوتيوب» و«تمبلر» تعرض جمهورا أكبر بكثير، فضلا عن أنها وسيلة للتواصل مع المقاتلين الآخرين والمجندين المحتملين. وقد ظهر السيد حسين والسيد فيريزي - كلاهما قرصانان معروفان - مجددا كمقاتلين تابعين لـ«داعش» على «تويتر». فقد حرض السيد حسين علنا على شن هجمات إلكترونية، ونشر معلومات عن القوات العسكرية والضباط الأميركيين، وهلل للمقاتلين الآخرين التابعين لـ«داعش»، وفقا للسيدة كاتز. وذكر السيد أهلبيرغ: «جنيد حسين وأرديت فيريزي هما بالضبط هذا النوع من الأشخاص الذين يحاول (داعش) تجنيدهم».
كانا شابين، ومنفرين من المجتمع، وماهرين في استخدام الكومبيوتر. وُلد السيد حسين في برمنغهام بإنجلترا، وبدأ في القرصنة عندما كان مراهقا مع مجموعة مؤيدة للفلسطينيين تسمى «تيم بويزون»، التي ضربت مجموعة من الأهداف، بما فيها الصفحة الشخصية لـ«مارك زوكربيرغ» على «فيسبوك»، وموقع حلف شمال الأطلسي (ناتو). وبعد قضاء ستة أشهر في السجن في بريطانيا بعد اتهامه باختراق دفتر عناوين «توني بلير»، عاد السيد حسين للظهور مع هوية جديدة: في صورته الجديدة على «تويتر»، وشاح يغطي النصف السفلي من وجهه، ويشير بسلاح إلى المشاهد، واكتسب الاسم الحركي: أبو حسين البريطاني.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان.

وأضاف دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.


اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

انضم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري إلى الإجماع اليمني الواسع المرحب برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الشعب اليمني، التي تدعو «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى إخراج قواته من حضرموت وشبوة، بالتوازي مع تقارير حقوقية تتهم هذه القوات بارتكاب مئات الانتهاكات.

وفي هذا السياق، عبّر الوزير الداعري عن تقديره العميق لرسالة نظيره وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «وما حملته من تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف، وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم) و(إعادة الأمل)، بما يعزز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وأكد الوزير الداعري، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، ثقته المطلقة «بحكمة القيادة السعودية، وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً».

وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري (سبأ)

وثمّن وزير الدفاع اليمني، عالياً، «التضحيات السعودية والدعم السخي والإسناد المتواصل في مختلف الجوانب وعلى الصعد كافة»، مؤكداً اعتزازه «بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر».

وقال الداعري: «أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف، على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية».

مئات الانتهاكات

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري الأحادي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي»، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، عن توثيق 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قواته في محافظة حضرموت، خلال الفترة من 2 ديسمبر (كانون الأول) إلى 25 من الشهر نفسه، في تصعيد وصفته بـ«المنظم والممنهج» استهدف المدنيين والبنية المجتمعية، وأسفر عن تهجير وتشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق متفرقة في المحافظة.

وقالت الشبكة، في تقرير، الاثنين، إن «طبيعة وحجم الانتهاكات المسجلة يعكسان نمطاً متكرراً من الممارسات الجسيمة التي لا يمكن توصيفها بأنها حوادث فردية أو عرضية، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدد السلم الاجتماعي، وتقوّض سيادة القانون في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً نسبياً».

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» يرفعون في عدن صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، شملت الانتهاكات جرائم قتل وإصابة، وتصفيات ميدانية خارج إطار القانون، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً لممتلكات عامة وخاصة، وتهجيراً قسرياً واسع النطاق. وأشار إلى توثيق مقتل 35 عسكرياً من أفراد الجيش و12 مدنياً من أبناء حضرموت، إلى جانب إصابة 56 شخصاً بجروح متفاوتة.

كما سجل التقرير 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون أي إجراءات قضائية، و316 حالة اعتقال تعسفي طالت مدنيين، في خرق واضح للضمانات القانونية الأساسية. وفيما يتعلق بملف الإخفاء القسري، وثقت الشبكة 216 حالة توزعت على محافظات عدة، من بينها حضرموت (53 حالة)، وريمة (41)، وحجة (31)، وتعز (28)، وذمار (26)، وأبين (19)، وإب (18)، إضافة إلى حالات من محافظات أخرى.

وأشار التقرير كذلك إلى نهب 112 منزلاً سكنياً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة، فضلاً عن التهجير القسري وتشريد آلاف الأسر، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المحافظة.

إخفاء قسري

وأكدت الشبكة الحقوقية تلقيها عشرات البلاغات الموثقة من أسر مدنية، أفادت باختفاء أبنائها قسراً، دون أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم حتى لحظة إعداد التقرير، إضافة إلى مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، في انتهاك جسيم للقانون الوطني والمعايير الدولية.

وشدد التقرير على أن هذه الممارسات «تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لالتزامات اليمن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة، وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر الإخفاء القسري».

وذهبت الشبكة إلى أن «بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما إذا ثبت طابعها واسع النطاق أو المنهجي، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب المساءلة الجنائية الفردية والمؤسسية».

«المجلس الانتقالي الجنوبي» يسعى إلى الانفصال عن شمال اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بالقوة (أ.ب)

وحذرت الشبكة الحقوقية من «تداعيات إنسانية كارثية، تشمل تفكك النسيج الاجتماعي، وتفاقم النزوح الداخلي، والانهيار الاقتصادي المحلي، وتعاظم الصدمات النفسية لدى النساء والأطفال، في ظل غياب آليات حماية فعالة للمدنيين».

وطالبت بـ«إدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة في حضرموت، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج العاجل عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها». كما دعت إلى محاسبة المسؤولين «وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب».

وأكدت الشبكة أن ما يجري في حضرموت «ليس وقائع معزولة، بل هو نمط ممنهج يهدد فرص الاستقرار والسلام في اليمن»، مجددة استعدادها للتعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة، وتزويدها بالتقارير التفصيلية والأدلة الموثقة وقوائم الضحايا.


الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

في تصعيد جديد للحرب الاقتصادية، تواصل الجماعة الحوثية فرض قيود مشددة على حركة الاستيراد في اليمن، عبر منع دخول البضائع القادمة من المنافذ البحرية والبرية الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وإجبار التجار والمستوردين على تحويل شحناتهم إلى مواني الحديدة الخاضعة لسيطرتها.

وتأتي هذه الخطوة، في وقت تعاني تلك المواني تراجعاً حاداً في قدرتها التشغيلية؛ نتيجة الضربات الأميركية والإسرائيلية التي لحقت بها خلال الأشهر الماضية.

وتؤكد مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تحتجز منذ أسابيع عشرات الشاحنات في المنافذ الجمركية التي استحدثتها على خطوط التماس؛ بذريعة مخالفة التعليمات الجديدة التي تُلزم المستوردين بإدخال بضائعهم عبر مواني الحديدة فقط.

عشرات الشاحنات محتجزة في المنافذ الجمركية التي استحدثها الحوثيون (إعلام محلي)

وتشير المعلومات، إلى أن هذه الإجراءات تستهدف بالدرجة الأولى تعظيم الموارد المالية للجماعة، بعد أن فقدت نحو 75 في المائة من العائدات الجمركية التي كانت تحصل عليها من البضائع الداخلة عبر المواني الخاضعة للحكومة.

وحسب المصادر، فإن من بين أبرز السلع التي طالتها القيود الحوثية، شحنات الأخشاب المستوردة، التي جرى منع دخولها رغم عدم شمولها بقرارات وزارتي المالية والتجارة التابعتين للجماعة بشأن المواد المحظورة.

ابتزاز منظم

وتوضح المصادر، أن الحوثيين يحاولون عقد صفقات مع التجار، تسمح بدخول الشحنات المحتجزة مقابل تعهدات خطية بعدم الاستيراد مستقبلاً عبر المنافذ الحكومية، في خطوة وُصفت بأنها «ابتزاز اقتصادي منظم».

وتشير إلى أن هذه السياسة تتزامن مع تراجع كبير في كفاءة ميناء الحديدة، الذي تضررت معظم أرصفته ورافعاته، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بـ«ميناء رأس عيسى» المخصص لاستقبال الوقود.

تراجع القدرة التشغيلية لميناء الحديدة بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية (إعلام محلي)

وعلى الرغم من فشل الجماعة في إعادة تشغيل الميناء بطاقته السابقة، فإنها لجأت إلى توجيه السفن نحو «ميناء الصليف» الأقل تضرراً، مع تقديم حوافز مالية وإدارية للمستوردين، مقابل تمرير بضائعهم عبر هذه المواني وتسويقها حتى في مناطق سيطرة الحكومة.

وفي هذا السياق، يؤكد الجانب الحكومي، أن الحوثيين لا يكتفون بتقديم الإغراءات، بل يمارسون ضغوطاً مباشرة على المستوردين لتحويل مسار شحناتهم.

وتشمل هذه الضغوط، تسهيلات تتجاوز خفض سعر الدولار الجمركي، لتصل إلى السماح بدخول سلع مخالفة للمواصفات الخليجية المعتمدة في اليمن؛ ما يشكل تهديداً مباشراً للسوق المحلية وصحة المستهلكين، مستغلين رفض الحكومة استحداث نقاط رقابة في مناطق التماس، على غرار ما قامت به الجماعة.

احتكار القمح

لم تقتصر سياسات الجماعة الحوثية على السلع المستوردة، بل امتدت إلى المواد الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها القمح والطحين. إذ منعت استيراد الطحين بحجة قدرتها على توفيره محلياً عبر المطاحن الموجودة في الحديدة، بعد أن قامت باستئجار «مطاحن البحر الأحمر» من مالكيها. غير أن مصادر تجارية تؤكد، أن الطاقة الإنتاجية لهذه المطاحن لا تغطي حتى نصف احتياجات السكان، وهو ما ينطبق أيضاً على إنتاج القمح المحلي.

وتوضح البيانات، أن المساحات المزروعة بالقمح في محافظة الجوف لا تنتج سوى أقل من 5 في المائة من احتياجات السوق، ومع ذلك يُباع القمح المحلي بأسعار تفوق المستورَد بشكل كبير، حيث يبلغ سعر كيس القمح (50 كيلوغراماً) نحو 20 ألف ريال يمني، مقارنة بنحو 12 ألف ريال للقمح المستورَد؛ ما يجعله غير قادر على المنافسة في السوق الحرة. (الدولار نحو 535 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين).

تحوّل مَزارع القمح في الجوف مصدرَ ثراء لقيادات حوثية (إعلام محلي)

وتتهم المصادر مسؤولي وزارة الصناعة والتجارة، ومصلحة الجمارك التابعة للجماعة الحوثية، بتعمد خلق اختناقات تموينية؛ بهدف تصريف مخزون القمح المحلي المكدس نتيجة ضعف الإقبال عليه.

كما كشفت عن دور ما يُعرف بـ«الحارس القضائي» في مصادرة مساحات واسعة من أراضي زراعة القمح في الجوف؛ بحجة ملكيتها لشخصيات مؤيدة للحكومة، قبل منحها لقيادات حوثية تستثمرها مقابل توريد نسب محددة من العائدات إلى حسابات خاصة بالجماعة.

ولم يتوقف العبث عند هذا الحد؛ إذ جرى - حسب المصادر - تأجير معظم مزارع القمح من الباطن لتجار نافذين، يحصلون على أموال طائلة من المال العام والمساعدات، تحت غطاء دعم الإنتاج الزراعي. وأسهمت هذه الممارسات، إلى جانب غياب الإرشاد الزراعي، في فشل مشاريع القمح المحلية، وفاقمت الأزمات التموينية وارتفاع الأسعار بين الحين والآخر.

وتكشف معلومات، من القطاع التجاري عن صراع متصاعد بين مستوردي القمح والمستثمرين المرتبطين بالجماعة؛ نتيجة إجبار المستوردين على شراء القمح المحلي مرتفع السعر، محمّلين هذه السياسات، مسؤولية تكرار الأزمات التموينية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين وخارجها.