محاكمة 60 أميركيًا «داعشيًا» خلال عام 2015

واشنطن: ثلثهم بعمر أقل من 21 عامًا

شعارات «داعش» المتطرفة استهوت الكثير من الشباب الأميركي (واشنطن بوست)
شعارات «داعش» المتطرفة استهوت الكثير من الشباب الأميركي (واشنطن بوست)
TT

محاكمة 60 أميركيًا «داعشيًا» خلال عام 2015

شعارات «داعش» المتطرفة استهوت الكثير من الشباب الأميركي (واشنطن بوست)
شعارات «داعش» المتطرفة استهوت الكثير من الشباب الأميركي (واشنطن بوست)

قال جون كارلين، مساعد وزيرة العدل الأميركية لشؤون الأمن الوطني، أمس، إن 60 أميركيا قدموا خلال هذا العام إلى محاكم بتهمة القيام بأعمال إرهابية. وثبت أن أغلبيتهم لهم صلات مع منظمة «داعش»، وتقل أعمار 55 في المائة منهم عن 25 عاما. وتقل أعمار 30 في المائة منهم عن 21 عاما.
وأضاف، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»: «لاحظنا عاملا واحدا مشتركا، وهو صلة هؤلاء بمواقع التواصل الاجتماعي. لم يكن هذا هو الحال عندما كنا نحقق في نشاطات تنظيم القاعدة. ولم تكن الأعمار في مثل هذه المجموعات أيضًا».
وأضاف: «ليس عدد الذين قدمناهم إلى محاكم هو مقياس نجاحنا. سيكون نجاحنا هو مواجهة استراتيجية داعش حتى لا يقدر على الوصول إلى الشباب في الولايات المتحدة».
وقال إنه، لأول مرة في الحرب ضد الإرهاب، صار ممثلو الاتهام يستعملون فقرة في القانون الجنائي الأميركي عن مساعدة عمل إرهابي دون الاشتراك فيه. وأن المساعدة يمكن أن تكون فقط نشر معلومات في الإنترنت تساعد الإرهابيين.
ومثل آخر من قدم إلى محكمة خلال هذا العام في محكمة فيدرالية في بلتيمور (ولاية ماريلاند)، الأسبوع الماضي، وهو الأميركي من أصل مصري محمد يوسف الشناوي (30 عاما). ورغم أنه لم يقم بأي عمل إرهابي، قدم إلى المحاكمة بتهمة تسلم أموال من «داعش» للقيام بأعمال إرهابية في الولايات المتحدة. وكانت شرطة مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) اعتقلت الشناوي في منزله في ايدجوود (ولاية ماريلاند). وقال متحدث باسم «إف بي آي» إنهم بدأوا يتابعون الشناوي في الصيف الماضي، عندما لاحظوا انه تسلم تحويلات من خارج الولايات المتحدة.
وحسب أوراق الاتهام التي قدمت إلى المحكمة، قدم الشناوي دعما ماديا لمنظمة داعش، وكذب على المحققين، وأخفى أدلة. وبلغت جملة التحويلات الخارجية التي تسلمها 9000 دولار، خلال تسعة شهور. واعترف الشناوي بأنه تسلم الأموال. وأنه انضم إلى «داعش» في بداية هذا العام. وأنه كان يريد أن يموت «شهيدا» لكنه عاد وقال إنه لم يكن ينوي تنفيذ الهجوم، وانه قبل الأموال لأن الذين أرسلوها كانوا «لصوصا»، وأنه استخدم الأموال لشراء تليفونات، وبطاقات اتصالات تلفونية، وكومبيوتر محمول.
في غضون ذلك، قال تقرير أصدره قسم مكافحة الإرهاب في جامعة جورج واشنطن (في واشنطن العاصمة) أن حجم المحاكمات والاعتقالات والتحقيقات والمتابعات التي يقوم بها مكتب التحقيقات الفيدرالي، التي لها صلات بمنظمة داعش، زادت عن مثيلاتها بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001.
وحسب التقرير، منذ بداية هذا العام، اعتقلت شرطة «إف بي آي» 56 شخصًا، بالمقارنة مع 15 في العام الماضي.
وقال لورينزو فيدينو، قائد الفريق الذي كتب التقرير إن أعمار المعتقلين تتراوح بين صبي عمره 15 عامًا فقط (لم ينشر اسمه بسبب صغر سنه)، و47 عامًا هو عمر ضابط السلاح الجوى المتقاعد تيرود بوغ. وأن متوسط الأعمار هو 26 عامًا.
في مؤتمر في مركز «اتلانتيك كاونسل» (المجلس الأطلسي) في واشنطن الشهر الماضي، قال جون كارلين، مساعد وزيرة العدل للأمن الوطني، إن الاعتقالات المتعلقة بالإرهاب فيها نسبة 80 في المائة من الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما. ونسبة 40 في المائة من الذين تقل أعمارهم عن21 عاما. ونسبة 14 من النساء.
وحسب تقرير جامعة واشنطن، تحولت نسبة 40 في المائة من المعتقلين من أديان أخرى إلى الإسلام. وهذه النسبة أكبر من نسبة 23 في المائة للذين اعتنقوا الإسلام وسط المسلمين في الولايات المتحدة. وحاول أكثر من نصف المعتقلين السفر إلى الخارج، خصوصًا إلى العراق أو سوريا، أو اعتقلوا أثناء سفرهم إلى هناك. بالإضافة إلى سبعة أميركيين قتلوا وهم يحاربون مع «داعش».
من بين الذين حوكموا خلال هذا العام، أيضا، صبي أدانته، في الشهر الماضي، هيئة محلفين في محكمة فدرالية في شيكاغو: محمد حمزة خان (19 عاما)، أميركي هندي مسلم. ويتوقع أن يحكم عليه بالسجن لفترة يمكن أن تصل إلى 15 عاما.
في هذه القضية، قدم ممثل الاتهام مجموعة كبيرة من الرسائل في موقع «تويتر»، كتبها خان، ومنها رسائل متبادلة مع ميزان الرحمن، الإسلامي البريطاني المتطرف الذي فرضت عليه الحكومة البريطانية إجراءات أمنية متشددة، وسحبت منه جواز سفره، ومنعته من الحديث في الإنترنت، ووضعت في قدمه جهازًا إلكترونيًا يساعد الشرطة على متابعة تنقلاته.
كانت تغريدات خان تحت اسمي «ليون أوف ديزيرت» (أسد الصحراء)، و«أبو عكاشة»، ووجدت إقبالاً كبيرًا في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أغلقه مكتب التحقيقات الفيدرالية. وتركز الاتهام على ردود ميزان الرحمن تحت اسم «أبو برعي»، الذي كان يعتبر واحدا من أنشط مواقع المتطرفين.
وبدا خان بسؤال: «يا أخي، ماذا تقول للمسلمين الذين يقولون إن الدعوة أهم من تأسيس دولة الخلافة، لأن المسلمين ليسوا مستعدين لدولة الخلافة؟».
ورد ميزان الرحمن: «ليس هذا عذرًا لتأجيل إعلان الخلافة. الخلافة فرض واجب. ثم تأتي بعدها البيعة لخليفة المسلمين».
وفي وقت لاحق، وذات صباح، بعد أن صلى خان الفجر حاضرا مع والده في ضاحية راقية من ضواحي شيكاغو، عاد إلى المنزل، ثم تسلل منه مع أخته (16 عاما)، واستقلا سيارة تاكسي إلى مطار شيكاغو في طريقهما إلى تركيا، حسب تذكرتين كانا اشترياها قبل ذلك بأسبوع.
وتركا مذكرة لوالديهما تقول: «لقد تأسست (الدولة الإسلامية). لهذا، يجب على كل مسلم أن يهاجر إليها، ويبايع الخليفة. ويطيعه».
في المطار، كانت شرطة «إف بي آي» تنتظرهما، فقد كانت تتابع تغريدات «تويتر». ومن بين الذين حوكموا في الصيف الماضي ثلاث داعشيات أميركيات، اثنتان في نيويورك والثالثة في فلادلفيا (ولاية بنسلفانيا)، وأربعة داعشيين أميركيين في نيويورك، واثنان في شيكاغو، وواحد في ولاية كنساس.
وهذا الأخير هو جون بوكر (20 عاما) الذي اعتقل بتهمة التخطيط لتفجير قنابل في قاعدة «فورت مانهاتن» بولاية كنساس. وكان يخطط، بعد ذلك، لهجوم انتحاري بالنيابة عن تنظيم داعش.
وفي ذلك الوقت، قال مسؤول في «إف بي آي» إن بوكر كان حاول الانضمام إلى القوات الأميركية المسلحة. لكن، رفض طلبه رفض بسبب «تعليقات متطرفة كان كتبها على الإنترنت»، وقادت هذه التعليقات لمعرفة المزيد عنه، وعن اتصالاته مع «داعش» في سوريا. ودفع هذا «إف بي آي» لمراقبته. ولإبلاغه بخدعة أنه قبل في القوات الأميركية المسلحة. وحسب وثائق «إف بي آي»، تقدم بوكر، المعروف أيضًا باسم محمد عبد الله حسن، بالطلب «بنية ارتكاب هجوم على الجنود الأميركيين، وأنه وضع خططًا لارتكاب أعمال متطرفة بعد تجنيده. ومن بينها: إطلاق النار على جنود، وخطف ضابط كبير، وتفجير عدة أماكن داخل القاعدة».
وأضاف المسؤول أن بوكر كتب في حسابه في موقع «فيسبوك»: «سنلاحق الجنود الأميركيين في الطرقات. وسنلتقطهم الواحد تلو الآخر»، وكتب أيضًا أنه تقدم بالطلب للانضمام للقوات المسلحة «بهدف شن هجوم مثل الميجور نضال حسن»، قصد الأميركي الفلسطيني الذي كان طبيبا نفسيا في الجيش الأميركي، عندما أطلق النار في قاعدة «فورت هوود» (ولاية تكساس)، وقتل 13 شخصًا، في عام 2009.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.