«داعش» يدمر 85% من الرمادي.. ومسؤولون يؤكدون قرب تحريرها

عضو مجلس المحافظة لـ {الشرق الأوسط}: إعادة إعمارها مكلف.. ونفكر كيف نعيد السكان

أعمدة الدخان تتصاعد في مدينة الرمادي بعد غارة لتحالف تقوده أميركا ضد تنظيم داعش (أ.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد في مدينة الرمادي بعد غارة لتحالف تقوده أميركا ضد تنظيم داعش (أ.ب)
TT

«داعش» يدمر 85% من الرمادي.. ومسؤولون يؤكدون قرب تحريرها

أعمدة الدخان تتصاعد في مدينة الرمادي بعد غارة لتحالف تقوده أميركا ضد تنظيم داعش (أ.ب)
أعمدة الدخان تتصاعد في مدينة الرمادي بعد غارة لتحالف تقوده أميركا ضد تنظيم داعش (أ.ب)

قال مجلس محافظة الأنبار إن المدينة على أعتاب إعلان تحريرها بشكل كامل، مبينا أن عائق إعادة سكان المدينة إليها بعد انتهاء المعارك هو الهاجس الأساسي لدى المسؤولين، لا سيما بعد تدمير «داعش» كامل المدينة. واحتدمت المعارك بين الجيش العراقي والتنظيم المتطرف حتى باتت على مشارف مركز المدينة، في وقت يواصل التنظيم فيه اختطاف واحتجاز الأهالي لمنع تقدم القوات.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار والناطق الرسمي، عذال الفهداوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعارك الحالية لتحرير الرمادي وصلت إلى مراحلها الأخيرة، ولم يتبق سوى أمتار لتحرير المجمع الحكومي، حيث تجري المعارك الآن خلف المجمع مباشرة»، وأضاف: «وهذا طبعا بعد أن تقدم قوات الجيش ومقاتلو العشائر وقوات جهاز مكافحة الإرهاب من ثلاثة محاور، مخترقين خطوط الدفاعات لتنظيم داعش الإرهابي، وسوف تخوض قواتنا الأمنية المشتركة تساندها طائرات التحالف الدولي وسلاح الجو العراقي المعركة الأخيرة لتحرير المجمع عبر منطقة الحوز والمجسر وشارع المستودع».
وحول القلق من كيفية إعادة السكان المهجرين أو النازحين إلى المدينة قال عضو مجلس المحافظة إن «هذا هو التحدي الأكبر، لا سيما أن (داعش) دمر ما نسبته 85 في المائة من المدينة»، مضيفا: «حكومة الأنبار ستقف أمام تحد جديد وكبير وخطر للغاية، وهو مسألة إعادة سكان الرمادي إلى المدينة بعد تحريرها، خصوصا أن المدينة مدمرة بالكامل، حيث وصل حجم الدمار فيها إلى ما نسبته 85 في المائة، وتحتاج إلى مبالغ طائلة وفترة زمنية لإعادة إعمارها، حيث دمر تنظيم داعش الإرهابي كل الجسور والطرقات الرئيسية والفرعية، وكذلك تم تحطيم شبكات الكهرباء ومياه الشرب وشبكات الصرف الصحي بالكامل، إضافة إلى تدمير المباني الحكومية والخدمية والآلاف من الدور ومنازل العائدة للمواطنين من أهالي المدينة».
وأشار الفهداوي إلى أن حجم المبالغ المقدرة التي ستحتاجها حكومة الأنبار لإعادة إعمار مدينة الرمادي وحدها قد تصل إلى ما هو مجموع موازنة عشر سنوات قادمة لإعادة إعمار المدينة، وإقامة المشاريع المهمة وتقديم الخدمات الضرورية، لذا طالبنا من الحكومة المركزية وضع صندوق خاص لإعادة إعمار المدينة التي تحتاج إلى جهود دولية، من أجل إعادة الحياة للمدينة وإعادة النازحين إليها.
وعن عودة أهالي حي التأميم، أكبر الأحياء السكنية في مدينة الرمادي الذي تم تحريره بالكامل من قبل القوات الأمنية العراقية قبل أكثر من أسبوعين، قال الفهداوي إن «عودة أهالي حي التأميم مرهونة بتحرير المدينة بالكامل، كون مسلحي تنظيم داعش الإرهابي لا يزالون يسيطرون على محطات تصفية المياه الصالح للشرب، فلا يمكن أن يعيش سكان أكبر الأحياء السكنية في الرمادي دون مياه صالحة للشرب، إضافة إلى تدمير كثير من منازل المواطنين التي تحتاج إلى إعادة إعمارها من أجل عودة سكان الحي».
يذكر أن محافظة الأنبار شهدت معارك عنيفة وسيطرة تنظيم داعش على أغلب مدن المحافظة، ومنها الرمادي والفلوجة والمناطق الغربية، وسقوط المئات من القتلى والجرحى بين عناصر الجيش والشرطة والمدنيين خلال المواجهات منذ عامين تقريبا.
ميدانيا، أفاد مصدر أمني في محافظة الأنبار، بأن القوات الأمنية تخوض معارك عنيفة الآن بين القوات العراقية المشتركة وتنظيم داعش خلف المجمع الحكومي وسط الرمادي.
وقال المصدر إن «القوات الأمنية من جهاز مكافحة الإرهاب والجيش وأفواج طوارئ شرطة الأنبار تخوض الآن معارك عنيفة ضد تنظيم داعش في منطقة الحوز خلف المجمع الحكومي مباشرة».
وأضاف المصدر - الذي طلب عدم الكشف عن اسمه - أن «التنظيم الإرهابي استخدم في تلك المعارك الانتحاريين والأسلحة المختلفة، وتم التصدي لهم ببسالة من قبل القطعات العسكرية»، لافتا إلى أن «التنظيم تكبد فيها خسائر مادية وبشرية كبرى جدا بسبب الضربات الموجعة للقوات الأمنية والقصف الجوي لطائرات التحالف الدولي وسلاح الطيران العراقي.. كما تمكنت القوات الأمنية من قتل ستة من الانتحاريين كانوا يقودون عجلات مفخخة، محاولين استهداف القطعات المتقدمة للقوات الأمنية العراقية».
من جانب آخر أقدم تنظيم داعش على خطف جميع الرجال من أهالي مدينة الرمادي المحاصرين داخلها، خوفا من حدوث ثورة تقضي عليه في المدينة.
وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الخالدية بمحافظة الأنبار، إبراهيم الفهداوي، إن «معلومات وردت إلينا من مصادرنا داخل مدينة الرمادي تفيد بأن تنظيم داعش قام باعتقال جميع الرجال من أهالي الرمادي الذين يحاصرهم التنظيم في مناطق الجمعية والثيلة، وسط المدينة، وقام بنقل جميع الرجال الذين اعتقلهم إلى جهة مجهولة، وذلك خوفا من حدوث ثورة ضده داخل مركز الرمادي تقضي على جميع عناصر داعش في المدينة».
وأضاف الفهداوي: «إننا نحذر من استخدام المدنيين دروعًا بشرية من قبل تنظيم داعش الإرهابي بالرمادي، وقد تم الاتفاق مع قيادة القوات المشتركة على تأمين طريق خروج آمن للمدنيين، وإيصالهم إلى مخيمات النازحين».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.