اتحاد الأدباء اليمنيين: مشهدنا الثقافي مختطف من خلال مشروع إيراني

صالح البيضاني عضو الاتحاد لـ {الشرق الأوسط}: اليمن يمر بأصعب مراحله.. والفوضى عاثت فينا فساداً

الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع خلال افتتاح الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)
الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع خلال افتتاح الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)
TT

اتحاد الأدباء اليمنيين: مشهدنا الثقافي مختطف من خلال مشروع إيراني

الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع خلال افتتاح الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)
الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع خلال افتتاح الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي (وام)

كشف صالح البيضاني عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أن المشهد الثقافي اليمني يمر بواحدة من أصعب مراحله على الإطلاق في ظل غياب الدولة، والفوضى التي تنشرها الميليشيات الحوثية التي عاثت في الأرض فسادا، مشيرًا إلى أن الثقافة كانت بالطبع هي الفريسة المفضلة لهذه الجماعات.
وأضاف: «لا يمكن أن تنمو وتتوسع هذه الميليشيشات إلا في أجواء التجهيل التي تعمل على صناعتها ونشرها بإصرار منقطع النظير»، مشيرًا إلى أن الثقافة اليمنية اليوم تكمل أكثر من عام من السواد والتغييب الذي طالها من خلال وسائل القمع ومصادرة الحريات التي برعت فيها الميليشيات الحوثية منذ إسقاط صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر (أيلول) 2015.
وجاء حديث البيضاني لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركة اتحاد الأدباء اليمنيين في الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب في العاصمة الإماراتية أبوظبي، والذي انطلقت أعماله يوم أول من أمس، ويقام على مدى خمسة أيام بمشاركة 16 وفدًا عربيًا بجانب وفدي الأمانة العامة وأوغندا التي تشارك بصفة «مراقب».
وحول تأثير ما تقوم به الميليشيات الحوثية من ممارسات ضد الأدباء في اليمن، أكد البيضاني أنه على الرغم من إشاعة أجواء الترهيب التي نشرتها الميليشيات الحوثية تارة من خلال العنف وتارة أخرى من خلال توظيف بعض الأقلام المأجورة، التي تقوم في الغالب بدور شبيه بالهراوة في القمع والترهيب، فإنه يمكن القول إن روح الثقافة اليمنية ما زالت بخير وما زال معظم المشتغلين في الهم الثقافي من الكتاب والمبدعين يقفون في وجه العصابات التي اختطفت الدولة وتسعى لجر اليمن إلى مستنقعات آسنة من الفتنة الطائفية والسلالية.
وأضاف: «المشهد الثقافي اليمني يعاني بالفعل من حالة اختراق بدأت مبكرا من خلال مشروع إيراني حاول استقطاب الكثير من المثقفين اليمنيين، وتوجيههم في الاتجاه المعادي لمحيطهم الثقافي والاجتماعي والتاريخي ولكن هذه المحاولة تم التصدي لها مبكرا وقبل أن تستفحل وتتحول إلى ظاهرة حقيقية».
وأكد أن عام 2015 كان الأسوأ على صعيد الحقوق والحريات في اليمن، حيث أغلقت المنابر الثقافية والإعلامية بشكل ممنهج، وقامت الميليشيات بمحاولة فرض ثقافة الصوت الواحد من خلال قمع الآخر المختلف، وزاد: «أفرزت هذه السياسة عشرات الحالات من الاختطاف والترهيب والمنع والمصادرة في سابقة غير معهودة في اليمن، وهو ما حدا بالأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين إلى إصدار تقرير رصدت من خلاله واقع الحقوق والحريات في زمن الميليشيات والذي اتسم بالسواد والعتمة».
وأكد أن الحريات لم تكن في منأى عن الضرر الذي لحق بكل مقومات الثقافة اليمنية في عام 2015، حيث شهدت اليمن على مدار عام من سيطرة الميليشيا على معظم مناطق البلاد جنوحًا جنونيًا لتكميم الأفواه، وترهيب ذوي الرأي، وتعسفًا متعدد الوجوه، طال منظمات ومراصد حقوق الإنسان في اليمن، كما شهدت أيضًا مخالفات واسعة للقوانين والأنظمة التي كانت اليمن قد راكمتها باتجاه توسيع مجالات الحقوق والحريات، من ذلك إغلاق عشرات المنظمات غير الحكومية ومصادرة أصولها وأدواتها، واحتجاز كثير من الكتاب والنشطاء تعسفًا وتجبرًا.
وقال عضو الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين: «تم إيقاف مرتبات عشرات الكتاب والمبدعين، وتم السطو على مستحقات الدعم المخصصة لعشرات المبدعين والكتاب في صندوق التراث والتنمية الثقافية، بسبب رفضهم للانقلاب على الدولة والشرعية، وقد ترافق كل ذلك مع انهيار مقومات المشهد الثقافي، وتعطل النشر ودمار وركود المنابر الأدبية.. الأمر الذي شكل إجهازًا تامًا على بنية الحياة الأدبية من وجوهها كافة، لقد فاق ما حصل في اليمن في عام 2015 كل ما شهدته اليمن من تجاوزات في حق الإنسان وحريته خلال العقد الماضي». وحول وجهة نظر الأدباء وموقفهم من التحالف العربي قال البيضاني: «يدرك كل من قرأ التأريخ بشكل جيد، أن قدر اليمن أن يكون جزءًا لا يتجزأ من محيطه في الجزيرة العربية، وهي أواصر تتجاوز الجغرافيا إلى عمق الثقافة، وعلى الرغم من محاولة بعض التيارات الفكرية الخروج عن هذا السياق، إلا أن الأحداث تثبت في كل مرة أن أي محاولة لإخراج اليمن من محيطه هي ضرب من الجنون السياسي والفكري».
وتابع: «أثبتت الأحداث الأخيرة ووقوف دول الخليج، وخصوصًا السعودية والإمارات إلى جانب اليمنيين في محنتهم بمواجه الانقلاب، أن التاريخ لا يمكن العبث به وأن للثقافة والاجتماع قوانين صارمة لا يمكن تجاوزها».
وحول مشاركة الوفد في الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب في أبوظبي، قال: «اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يشارك بوفد من أعضاء الأمانة العامة، حيث ساند الاتحاد ترشح دولة الإمارات للأمانة العامة لاتحاد الكتاب والأدباء العرب والذي فاز به الشاعر والأديب الإماراتي حبيب الصايغ، كما يشارك شعراء من الاتحاد في فعاليات مهرجان سلطان العويس الشعري، إلى جانب المشاركة في ندوة «أزمة المفاهيم حول الحريات وحقوق الإنسان، إضافة إلى تقديم الاتحاد لتقرير عام حول الحقوق والحريات في اليمن والانتهاكات التي طالت الكتاب والمثقفين في ظل الميليشيات الحوثية».
وزاد: «يسعى اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين من خلال هذه المشاركة، إلى التأكيد على دور الأدب والثقافة في مواجهة لغة العنف، كما يسعى لتسليط الضوء على معاناة المثقفين اليمنيين في ظل الحرب والعصابات التي باتت تنشر لغة القتل في مدن اليمن».
وقال: «الاتحاد يهدف كذلك للتأكيد على واحدية الثقافة في الجزيرة العربية، ككل والسعي لردم الهوة المصطنعة التي كانت تضع الحواجز أمام المشترك في الثقافة بين اليمن ودول الخليج العربي التي نعتبرها عمقنا الثقافي والفكري، عوضًا عن كونها العمق الاستراتيجي لليمن».
وكان الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في الإمارات افتتح أعمال الدورة السادسة والعشرين للمؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث قال: «الإمارات تعتبر الأدب والفكر والثقافة أدوات أساسية في تنمية المجتمع، وتحسين مستوى الحياة للفرد والجماعة.. إضافة إلى تعويد الأفراد على الإسهام والمشاركة في تحقيق أهداف التنمية الشاملة في ربوع الوطن كافة».
وخاطب الشيخ نهيان الأدباء العرب في كلمته بافتتاح المؤتمر: «أحيي في تنظيم اللقاء ما يؤكد أن الأمة العربية بفكر وإبداع أبنائها وبناتها قادرة تماما على أن تكون أمة قارئة وكاتبة ومثقفة وواعية، وأحيي ما تؤكدون عليه من دوركم المهم، أنتم الأدباء والكتاب في تحريك الفكر المبدع وإثراء خيال القارئ والمشاهد وترسيخ مكانة القراءة والكتابة والاستماع والمشاهدة في حياة الفرد وحياة المجتمع».
وفي شأن آخر، اختار الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب حبيب الصايغ رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في منصب الأمين العام للاتحاد، وذلك بإجماع آراء الكتاب ممثلين في رؤساء الاتحادات العربية، خلال الدورة المقبلة ومدتها ثلاث سنوات، إضافة إلى اختيار الكاتب عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب النائب الأول للأمين العام. وقال محمد سلماوي الأمين العام السابق للاتحاد إنه بعد استطلاع الآراء تبين أن المشاركين متمسكون بالمرشحين معًا، لذا تقرر أن يتم اختيارهما لقيادة هذا الاتحاد، وأضاف: «نحن على ثقة بأن حبيب الصايغ الذي كانت تميل الكفة لصالحه لتولي هذا المنصب سيكون اليد الأمينة التي ترعى الاتحاد وتنقله إلى الأمام وتثري تجربته ومسيرته».
واعتبر الصايغ هذا التكليف فرصة لدولة الإمارات لأن تسهم في قيادة العمل الثقافي العربي خلال السنوات الثلاث المقبلة، وقال إنه وزملاءه سيكملون المسيرة وسيكونون دائما إلى جانب القضايا العربية الكبرى، خصوصًا القضية المحورية فلسطين، والقضايا المستجدة خصوصًا في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ الأمة وعبر عن تفائله بالمستقبل.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.