الموصل تحت وطأة «داعش»

التنظيم المتطرف استفاد من الاختلاف المدني ـ الحضري ـ القبلي

الموصل تحت وطأة «داعش»
TT

الموصل تحت وطأة «داعش»

الموصل تحت وطأة «داعش»

مدينة الموصل ثاني مدن العراق من حيث السكان بعد بغداد وعاصمة محافظة نينوى في شمال البلاد، هي اليوم أهم حاضرة سكانية يحتلها تنظيم داعش المتطرف في سوريا والعراق. ومنذ يونيو (حزيران) 2014 عندما سقطت المدينة العريقة التي يقدر تعداد سكانها بأكثر من مليوني نسمة، والتي كانت أرضها مهد حضارة آشور وتحمل محافظتها اسم عاصمتها، وهي تعيش في شبه عزلة عن العالم. غير أن ثمة مؤشّرات على أن الظروف الراهنة تبدو مواتية لتوقع إنهاء معاناتها المستمرة منذ احتلالها، ولا سيما إذا أفلحت الجهود الدولية في تأمين المناخ السياسي المساعد على تحريرها.
ومعلوم أن تجارب الماضي القريب في عدة محطات ما كانت تشجع على التفاؤل، وخصوصًا في ظل ضعف صدقية الحكومة العراقية في الشارع السني، وهيمنة القيادات الشيعية القريبة من إيران على ميليشيا «الحشد الشعبي» الذي تعتبره الحكومة منظمة شرعية.
مدينة الموصل، التي غدت في يونيو 2014 «العاصمة العراقية» لـ«داعش»، تعيش حاليًا وضعًا مأساويًا بعد أكثر من سنة ونصف السنة من سقوطها تحت سيطرة التنظيم المتشدد، بحسب ما ورد في تقارير عدد من الناشطين والمعارضين. ما هو مصير السكان هناك، وما هي الديناميكيات التي تسمح للمنظمة بالسيطرة على المدينة؟
نجحت الغارات الجوية التي نفذتها قوات التحالف أخيرًا على مقرات التنظيم المتطرف في الموصل ومحيطها بضرب قلب الكيان الإرهابي. إذ استهدف القصف مكاتب البلدية في منطقة الفيصلية والمحاكم الشرعية لـ«داعش» مسفرا في مدينة الكسك وحدها عن مقتل 33 عضوا من بينهم القائد العسكري لـ«داعش» فيها «أبو الختوني». وفي منطقة البعّاج قتل 38 عضوا في غارات جوية استهدفت الأنفاق وورشة لإعداد السيارات المفخخة ومستشفى متنقلاً تابعًا للتنظيم، وفق ما ذكره موقع «عين الموصل» Mosul Eye. كذلك قضى «أبو أيوب الشاريع»، أحد أهم القضاة الشرعيين لـ«داعش» في غارة على الموصل، هذا بالإضافة إلى ما يزيد على 50 عنصرا جرى استهدافهم في مناطق مختلفة في المدينة.
من جهة ثانية، حول الخسائر التي مُني بها التنظيم ورد في كتاب «الموصل بين احتلالين: 2003 – 2014: مذكرات مواطن عراقي» أنه بعد تزايد استهداف عناصر التنظيم، لاحظ سكان مدينة الموصل إخلاء عناصر «داعش» شوارع المدينة ليلاً وانتشارهم فيها نهارًا ما يؤكد حالة التخبط الأمني التي يعيشها التنظيم المتطرف نتيجة لتكرار استهدافه ولتعاون الكثير من أبناء المدينة مع القوات الأمنية في تحديد أماكن وجود عناصره.
هذا الأمر يفسر تزايد الضغوط في المدينة، وحقًا أورد الموقع الإخباري آرا (Ara News) أن «داعش» أقدم أخيرًا على إعدام ثلاثة أئمة في شمال غرب الموصل بحجة أنهم رفضوا حث الشباب على الانضمام إلى صفوف التنظيم. وكان الضحايا من الشخصيات البارزة الملتزمة التزاما حقيقيًا بالإسلام، والتي كانت قد عارضت في السابق فظائع «داعش» التي نُفذت باسم الله.
كذلك كان قد صدر في الآونة الأخيرة قرار ألزم جميع أئمة المساجد في مدينة الموصل «بالدعوة إلى الجهاد» وتجنيد الشباب للانضمام إلى صفوف التنظيم. وأضافت الوكالة الإخبارية «آرا» أن بين التجاوزات الدامية للتنظيم إقدام مسلحين من أفراده على قتل مدّرس عراقي اسمه أشواق آل نعيمي، رميا بالرصاص، وذلك لأنه رفض تدريس المناهج الجديدة التي فرضها «داعش» في مدارس الموصل.
يوافق غانم العابد، المعارض العراقي وابن الموصل، قائلاً إن التنظيم عمد إلى تضييق الخناق وملاحقة الشخصيات البارزة في المدينة «بحيث خطف قبل أسبوعين أكثر من 400 من أفراد الجيش النقشبندي ومن البعثيين القدامى، الذين لا يزال مصيرهم مجهول حتى الآن».
والجدير بالذكر، أنه منذ ظهور التنظيم في الموصل خلال النصف الأول من يونيو 2014، لم يتوانَ عن ممارسة أقصى سياسات البطش والعسف «ما سبب نزوحًا قسريًا لجميع سياسيي نينوى سواءً كانوا من المسؤولين الحكوميين أو من قادة الأحزاب وكوادرها نحو إقليم كردستان - العراق وبغداد. وحسب المصادر استقر الغالبية من ساسة الموصل ومسؤوليها في إقليم كردستان - العراق بفعل القرب الجغرافي والتسهيلات التي قدمتها حكومة الإقليم لهم ونتيجة للعلاقة المتأزمة مع بغداد بالنسبة للكثير منهم، بينما لم يستقر في بغداد سوى البعض القليل»، (حسب ما ورد في كتاب «الموصل بين احتلالين 2003 – 2014: مذكرات مواطن عراقي»).
ووفق المعلومات المتوافرة، وبينما تتزايد التقارير عن التحضير لعملية تحرير الموصل، عمد التنظيم المتطرف، بعدما ضمن إحكام قبضته على السكان، إلى تحصين مواقعه في المدينة. والرأي الغالب الآن هو أن هذه الإجراءات اتخذت على الأرجح تأهبًا لصد هجوم محتمل مشترك لقوات البيشمركة الكردية والقوات العراقية الحكومية بدعم من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، الذي تتوقع جهات حسنة الاطلاع حدوثه في غضون الأشهر القليلة المقبلة.
في الواقع، ثمة إجماع على أن وضع الموصل بات في الآونة الأخيرة صعبًا جدًا، ولا سيما مع تكثيف عمليات التحالف وقطع الطريق بين الموصل ومدينة الرقة السورية، القاعدة الرئيسية للتنظيم في سوريا، وخصوصًا، إثر سقوط بلدتي سنجار وتلعفر العراقيتين وهما مركزان قضائيان يتبعان محافظة نينوى (عاصمتها الموصل) في أيدي الميليشيا الكردية. وكان من أبرز معالم تدهور الوضع داخل المدينة ومحيطها تراجع مستوى الخدمات العامة التي كان التنظيم المتطرّف يفخر بتقديمها في المناطق التي يبسط سيطرته عليها. وحسب العابد فإنه بعد احتلال «داعش» للمدينة فرض التنظيم تعليماته في ميدان التربية، وبادر إلى إغلاق معاهد الفنون الجميلة ومدرسة القانون التابعة للتربية. كذلك جرى فصل النساء عن الرجال من الكوادر التعليمية، وإلغاء أو تعديل عدد من المناهج مثل الجغرافية والتاريخ، وقام التنظيم بإعداد مناهج جديدة تتضمن أفكاره ليقوم بتدريسها للطلاب.
أيضًا، حسب كتاب «الموصل بين احتلالين» أسس «داعش» ما يُسمى «ديوان الركاز» ليكون مسؤولاً عن كل ما يركز أو يستقر داخل الأرض من نفط أو آثار أو أي شيء آخر، وترتبط بهذا الديوان شركة المنتجات النفطية التابعة لوزارة النفط العراقية.
ووفق المصدر نفسه، كان «داعش» قد تمكن في العام الماضي من تأمين بعض الخدمات في أعقاب سيطرة التنظيم على مديرية بلدية الموصل التي تملك أكبر عدد من الآليات في المدينة فضلا عن وارد إيجارات أملاك مديرية بلدية الموصل الذي يصل إلى ما يقارب 02 مليار دينار سنويًا، فضلا عن عدد كبير من معامل الإسفلت والطابوق الخاص بأرصفة الشوارع وغيرها من المعامل التابعة للبلدية.. «وقام تنظيم داعش باستغلال مديرية بلدية الموصل، حيث أصدر ديوان الخدمات عددًا من التعليمات تتعلق بالنظافة، وفرض غرامات على من يرمي الأوساخ وقام التنظيم بإطلاق حملات تنظيف عدد من المناطق بواسطة آليات وكوادر مديرية بلدية الموصل التي لم يصرف لها التنظيم أي مبالغ مادية إنما تعمل كوادرها بتمويل من الحكومة العراقية التي ترسل رواتب الموظفين لهم، وعمد (داعش) إلى تنظيم أسواق بيع الخضراوات والمواد الغذائية ونفذ عمليات مثل تبليط مدخل مدينة الموصل».
ويذكر «الموصل بين احتلالين» أيضًا أن التنظيم المتطرف «سيطر على مديرية للماء وللمجاري في المحافظة وعلى كل ما يتبع لهاتين المديريتين من محطات ضخ وآليات نزح وآليات حوضية وغيرها من المعدات وألحقها بما يسمى ديوان الخدمات في المدينة، ومن الجدير بالذكر أن مرجعية هاتين الدائرتين لا تزال المديرية العامة في بغداد والتي يتسلم منها مهندسو المديريتين رواتبهم ومستحقاتهم». وتعليقا على ذلك أكد العابد أنه «لا تزال بعض الخدمات متاحة في المدينة، مثلاً، لا يزال عمال التنظيف يقومون بتنظيف الطرقات أو بالإصلاحات، وإنما انقطاع الكهرباء تزايد، وباتت الأدوية غير متوافرة، كما تعاني المدينة أزمة مياه بعد أن استهدفت غارات التحالف محطات المياه».
أما أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق، فقال في حديث مع «الشرق الأوسط» إن «بعض المستشفيات تعمل، لكن ليس لها ملتزمات كافية، كما أن الخطوط التجارية متعثرة». وهذا يضاف إلى الوضع الاقتصادي الكارثي، إذ بعدما أوقفت الحكومة دفع رواتب الموظفين العامين تزايدت البطالة ما ساهم في زيادة إفقار السكان الذين مُنعوا من مغادرة المدينة. ولم يثنِ هذا الأمر تنظيم داعش عن فرض ضرائب عدة على السكان وأصحاب الأعمال، ومن رفض منهم أو امتنع عن الدفع، كان مصيره القتل من دون سابق إنذار، ومن ثم أخذ الأموال مجددًا من عائلته مع التهديد بتصفية فرد آخر من أقربائه. والجدير ذكره، أن التنظيم يحصل على مبلغ مليونين إلى 5 مليون دولار شهريًا من الإتاوات التي يفرضها على المواطنين، حسب ما ورد في كتاب «الموصل بين احتلالين» نقلا عن زهير الجلبي رئيس «لجنة إسناد أم الربيعين» في الموصل.
في المقابل، على الرغم من تدهور الأوضاع، تمكّن «داعش» من الإبقاء إلى حد بعيد على نفوذه في المدينة مستغلاً إلى أقصى الحدود واقع الموصل والاختلافات والعداوات القبلية والاجتماعية فيها. فالنسيج الاجتماعي في الموصل قائم في الغالب على تجمّعات قبلية تمكنت من اكتساب قوة هائلة منذ بداية عملية تحرير العراق عام 2003. ووفقًا لموقع «عين الموصل»، كان النفوذ القبلي في المدينة موجودًا منذ حقبة النظام البعثي قبل الحرب نتيجة استراتيجية الرئيس العراقي صدام حسين القائمة على «ترييف» المناطق الحضرية في الموصل و«عسكرة» المجتمعات القبلية. وبعده حاولت سلطة الاحتلال الأميركية ما اعتبرته «إعادة التوازن في المجتمع» من خلال اختيار اللواء غانم باسو رئيسًا مؤقتًا لمجلس المدينة، وهو عضو سابق في حزب البعث وشقيق سالم باسو الطيار الذي أعدمه صدام بتهمة الخيانة والتحضير لانقلاب، وللعلم، فإن عائلة باسو تمثل المجتمع المدني في المناطق الحضرية في الموصل ولا علاقة لها على الإطلاق بالقبائل والأرياف. غير أن باسو لم يتمكن من اتخاذ تدابير جذرية، وبالتالي فشل في إحراز أي تغيير. وفي ما بعد، مارس «داعش» ونجح في سياسة استقطاب القبائل الذين يزيد عددهم على العائلات الحضرية في الموصل ومحيطها وعلى استقطاب مشايخهم نظرا لقدرتهم على التأثير على أتباعهم. وبالتالي، وفق موقع «عين الموصل» بقيت الاضطرابات قائمة في الموصل وظهر الكثير من الجماعات المسلحة. وباتت الجماعات القبلية حاضنة للحركات المتطرفة والإرهابية. ولم يكن زعماء القبائل ومشايخها الهدف الوحيد الذي سعى «داعش» لاستغلاله، بل استغل أيضًا طغيان سكان القرى والمهاجرين من الريف على عديد الجماعات المسلحة، حيث تمكنوا من تبوؤ مراكز مرموقة ضمن التنظيم. ومن جديد، تمكن القسم الريفي من الموصل من السيطرة على القسم الحضري. وحسب «عين الموصل» مَن يعرف الموصل جيدًا، يعلم معنى كلمة «مهاجري تلعفر» وكذلك معنى عبارة «عفري». فتلعفر هي منطقة ريفية في محافظة نينوى تبعد نحو 100 كلم غرب الموصل.. «سكانها هم بغالبيتهم من التركمان السنّة والشيعة، ولقد زادت الخلافات والصراعات بينهم في ظل حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إثر التوترات المتزايدة بسبب سياسات الحكومة المناهضة للسنة»، وفق العابد. ويتابع العابد شارحًا أنه في الفترة التي تلت عام 2003، التحق الكثير من سكان تلعفر السنّة بتنظيم القاعدة، وكثيرون منهم انضم اليوم إلى «داعش» محتلين مواقع مهمة في المجموعة الإرهابية.
أضف إلى ما تقدّم أن أهل تلعفر الذين نزحوا إلى مدينة الموصل قاموا بشراء العقارات والشركات بطريقة واضحة جدًا، «فتعاونهم مع (داعش) سمح لهم بجمع مبالغ كبيرة من المال واقتناء عدد كبير من الممتلكات»، وفق العابد، الذي يستطرد قائلا: «حتى أنا ابن الموصل لم أتمكن بعد من شراء مسكن خاص بي». ويشرح موقع «عين الموصل»، أنه بعد سقوط الموصل في أيدي «داعش» بات ظهور أهل تلعفر جليا «فهم متغطرسون واستفزازيون، لا يبدون أي رحمة بعدما باتوا في موقع قوة، وهم ينفذّون انتقامهم عبر نهب المنازل ويصفّون من لهم عليه حسابات شخصية». وبالتالي، الواضح في مدينة الموصل حتى الآن أن التلاعب الحذق بالديناميكيات المحلية ما زال يسمح لـ«داعش» بالسيطرة على السكان. وهنا يضيف النجيفي أن «الخوف من الميليشيات الشيعية يعطي (داعش) حقنة حياة».
غير أن التوترات المتزايدة والتدابير القسرية التي يتخذها التنظيم المتطرف تشير إلى أنه يمر بمرحلة عصيبة، كما أن ازدياد أعداد الخطف والقتل تشير إلى أن التنظيم يحاول وضع حد لأي معارضة قد تنشأ عقب هجوم محتمل على المدينة، الذي وفقا لبعض المصادر بات وشيكًا. إذ من المؤكد أنه يتبع هذا الهجوم جهد ثقافي واجتماعي لمسح آثار ما يفعله «داعش».. ويذهب مؤلف كتاب «الموصل بين احتلالين» إلى حد القول «إن تحرير مدينة الموصل من (داعش) ليس هو الحل النهائي والسحري للمشكلات، إنما هو الخطوة الأولى لمواجهة المشكلات الحقيقية، فبعد تحرير المدينة من (داعش) لا بد من خلق نظام اجتماعي وأخلاقي جديد وبث مفاهيم جديدة»، واحتواء الأجيال التي تأثرت بسياسة «داعش» القائمة على البطش والتعذيب وتدمير كل المفاهيم الإنسانية الحديثة.

مدينة المثقفين والمبدعين والفنانين

* اشتهرت الموصل قبل احتلال «داعش» بالمثقفين والمبدعين والفنانين. فالموصل هي مسقط رأس المهندسة المعمارية العالمية الشهيرة زها حديد (ابنة السياسي والاقتصادي اللامع الراحل محمد حديد) والمطرب الموسيقار كاظم الساهر، وفي العصور الأقدم الموسيقيان الشهيران إبراهيم وإسحاق الموصلي. كما نبضت المدينة في الماضي بالثقافة والعلم منذ أن أسس فيها الملك الآشوري آشوربانيبال أول مكتبة معروفة في العالم تحتوي على آلاف الرقم والصحف. وهي مدينة الشاعر السري الرّفاء والمؤرخ ابن الأثير (المولود في جزيرة ابن عمر على الحدود التركية العراقية حاليًا) وأبو يعلى الموصلي والشيخ فتحي العلي وقضيب البان والإمام يحيى أبو القاسم والشيخ الرضواني والموسيقي عثمان الموصلي وغيرهم من العلماء والمفكرين والمبدعين.
الموصل.. سكانها وبيئتها

* الموصل هي مركز محافظة نينوى وثاني أكبر مدينة في العراق من حيث عدد السكان، إذ يقطنها نحو مليونين. وتتميز المدينة بتنوع تركيبتها المجتمعية، حيث يمثل العرب الغالبية العظمى من سكان المدينة، بالإضافة إلى الأكراد والشبك والتركمان والإيزيديين في مناطق سنجار والشيخان. كما تتميز بالتركيبة الفسيفسائية للديانات الموجودة فيها، وأكبرها الإسلام وتليه المسيحية والإيزيدية، إضافة إلى وجود عوائل قليلة من طائفة الصابئة المندائيين.
تتميز الموصل بموقع جغرافي متميز، إذ يمر نهر دجلة داخل المدينة ويقسمها إلى ضفتين متساويتين تقريبا (الساحل الأيمن) الغربي (والساحل الأيسر) الشرقي.
كذلك تقع الموصل في موقع استراتيجي مهم، حيث تربط العراق بسوريا عن طريق معبر ربيعة الحدودي، وترتبط بحدود مع محافظات دهوك وأربيل وكركوك من الجهة الشمالية والجنوبية الشرقية، وترتبط بالجنوب بمحافظة صلاح الدين ومنها إلى مدينة بغداد.
مدينة الموصل هي مركز محافظة نينوى، التي تضم تسعة أقضية هي: الموصل، وتلعفر، والحمدانية، وتلكيف، والحضَر، وسنجار، والبعّاج، ومخمور، والشيخان. وتتميز الموصل بوجود منطقة سهلية هي من أهم المناطق الزراعية في العراق، بل تعد سلة خبز العراق، بحسب العابد، وذلك بسبب اعتدال طبيعة الجو – ما أكسبها لقبها «أم الربيعين» - ووجود نهر دجلة وروافده، إضافة لوجود المشاريع الإروائية الكبيرة فيها.



نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».