لبنان: تجدد المخاوف المسيحية من توطين اللاجئين السوريين.. والبطريرك الراعي يدعو للعودة {الإلزامية»

مجدلاني لـ {الشرق الأوسط}: الهواجس مشروعة.. ونرفض أشكال التوطين كلها

لبنان: تجدد المخاوف المسيحية من توطين اللاجئين السوريين.. والبطريرك الراعي يدعو للعودة {الإلزامية»
TT

لبنان: تجدد المخاوف المسيحية من توطين اللاجئين السوريين.. والبطريرك الراعي يدعو للعودة {الإلزامية»

لبنان: تجدد المخاوف المسيحية من توطين اللاجئين السوريين.. والبطريرك الراعي يدعو للعودة {الإلزامية»

جددت عبارة «العودة الطوعية للمواطنين السوريين اللاجئين إلى دول الجوار»، التي وردت في نص قرار الأمم المتحدة 2254، المخاوف المسيحية اللبنانية من «توطين اللاجئين السوريين في لبنان» بعد انتهاء الأزمة، استنادًا إلى المخاوف السابقة من مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان، وهو الملف الذي لم يقفل منذ النكبة الفلسطينية في عام 1948.
وعبّر أعلى موقع مسيحي ماروني لبناني أمس، يمثله البطريرك الماروني بشارة الراعي، عن تلك المخاوف، بتأكيد موقفه الرافض لأن تكون عودة النازحين «طوعية»، كما جاء في نص القرار. وجاء هذا التصريح بعد يومين على رسالة وجهها وزير الخارجية جبران باسيل (أحد وزراء «التيار العوني» في الحكومة اللبنانية) إلى الأمم المتحدة عبّر فيها عن المخاوف من «توطين ودمج النازحين السوريين في لبنان».
الواقع أن هذه المخاوف المسيحية لم تثر جلبة في الأوساط السياسية اللبنانية، بوصفها «هواجس مشروعة»، بحسب ما قال عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب عاطف مجدلاني لـ«الشرق الأوسط»، الذي أضاف أن «مشروعية تلك المخاوف تأتي من ورود عبارة (العودة الطوعية) في قرار مجلس الأمن الأخير، الذي يثير السؤال عن سبب ورود هذه العبارة». وأكد مجدلاني (تيار المستقبل) في الوقت نفسه «إن هناك مخاوف، لكننا لن نجبر أحدًا على العودة». وأردف: «لبنان يستضيف نحو مليونا ونصف المليون لاجئ سوري، ونعتقد أنهم سيعودون إلى بلادهم، لكن الخوف يأتي من أن تتوفر لهم ظروف عيش في لبنان أفضل من تلك التي في سوريا، ما يدفعهم لمواصلة لجوئهم وإقامتهم هنا».
وإذ جدد مجدلاني رفض لبنان الرسمي، وبكل أطيافه «كل أشكال التوطين في لبنان»، قال: «من حق أي شخص أن تكون لديه هواجس من هذا النوع، بحكم وجود تجربة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهي أزمة مستمرة، ولم يجد لها العالم حلاً حتى الآن. ولا يبدو أن هناك حلاً لها في المستقبل القريب».
جدير بالذكر، أن لبنان يستضيف نحو 1.2 مليون سوري هربوا من الحرب المستمرة في بلادهم منذ نحو خمس سنوات ويعيشون في ظروف صعبة. ويقيم الآلاف منهم في مراكز إيواء ومخيمات عشوائية غالبا ما تقام على أراض زراعية.
من جهة ثانية، أثنى البطريرك الراعي أمس، خلال رسالة الميلاد، على القرار 2254 بشأن سوريا الذي صدر عن مجلس الأمن والخاص بإيقاف الحرب وإيجاد الحلول السياسية وتهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة للاجئين والنازحين خارجيًا وداخليًا إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة، لكنه أكد «إننا لا نرضى بأن تكون عودة النازحين (طوعية) كما جاء في نص القرار». وتابع الراعي «ما ينطبق على اللاجئين إلى أوروبا وغيرها، لا يمكن أن ينطبق على النازحين إلى لبنان، ومنعا للمطالبة فيما بعد بتوطينهم ومنحهم الجنسية اللبنانية، بل يجب أن تكون العودة إلزامية، لكي يحافظوا على حقوقهم في وطنهم، وعلى هويتهم الوطنية، الثقافية والحضارية». وأضاف: «في كل حال، نواصل صلاتنا من أجل إحلال السلام في منطقتنا التي منها أعلن السلام للعالم».
وجاء إعلان البطريرك الماروني عن مخاوفه، بعد يومين على توجيه باسيل، وزير الخارجية والمغتربين، كتابًا رسميًا إلى كل من الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون ورئيسة الدورة الحالية لمجلس الأمن الدولي المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامنثا باور، جدد فيه «تأكيد المخاوف» التي سبق أن أثارها خلال جولتي المناقشات في فيينا وجولة نيويورك، فيما يتعلق بالعودة الطوعية للمواطنين السوريين النازحين في البلدان المجاورة، ولا سيما في لبنان. وأشار باسيل إلى أن «الإصرار على توصيف العودة بأنها طوعية، حتى بعد انتهاء الصراع، يثير المخاوف من توطين ودمج النازحين السوريين في لبنان». ورأى الوزير أنه «ما من مبرر يسوغ لأي سبب من الأسباب الإنسانية بقاءهم في لبنان بعد انتهاء الصراع، باعتبار أن أسباب نزوحهم تكون قد انتفت».
من ناحية ثانية، اعتبر باسيل أنه «في ظل هذه الظروف، يكون خيار هؤلاء النازحين السوريين البقاء في لبنان مدفوعا بأسباب اقتصادية تجعلهم يندرجون ضمن فئة (المهاجرين الاقتصاديين)، مما يمنح البلد المضيف الحرية الكاملة لبت مسألة إقامتهم وعودتهم، التي لا يمكن اعتبارها في هذه الحالة طوعية». وأوضح أن «الفقرة الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 2254 والمتعلقة بمحنة النازحين السوريين لا تتطابق بالكامل مع اللغة المعتمدة حول هذه المسألة في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في أعقاب الجولة الثانية من المباحثات التي أجريت في فيينا».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.