هيلاري كلينتون تتبنى بثقة سجل زوجها الاقتصادي

ذكرت بجودة أداء الاقتصاد تحت الإدارات الديمقراطية

الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يستمع لزوجته هيلاري كلينتون في ولاية أيوا الشهر الماضي (خدمة {نيويورك تايمز})
الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يستمع لزوجته هيلاري كلينتون في ولاية أيوا الشهر الماضي (خدمة {نيويورك تايمز})
TT

هيلاري كلينتون تتبنى بثقة سجل زوجها الاقتصادي

الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يستمع لزوجته هيلاري كلينتون في ولاية أيوا الشهر الماضي (خدمة {نيويورك تايمز})
الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يستمع لزوجته هيلاري كلينتون في ولاية أيوا الشهر الماضي (خدمة {نيويورك تايمز})

خلال إحدى الجلسات التحضيرية لأول مناظرة ديمقراطية للمرشحة لانتخابات الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون، التي انعقدت في مدينة لاس فيغاس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حث الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون زوجته على تذكير الناخبين بمدى جودة أداء الاقتصاد تحت الإدارات الديمقراطية، بما في ذلك إدارته.
وتذكر إحدى عباراته المفضلة التي لازمته كمرشح: «إذا كنت تريد العيش مثل الجمهوري، صوّت مثل الديمقراطي». واقترح على هيلاري إيجاد شيء مميز لها، وفقا لشخصين مطلعين على المحادثة. وقد فعلت ذلك، حيث قالت خلال كلمتها الافتتاحية في المناظرة التي جرت في 13 أكتوبر الماضي: «يتحسن أداء الاقتصاد عندما يكون هناك ديمقراطي في البيت الأبيض».
وفي ذات الوقت الذي تستند فيه هيلاري كلينتون بشكل كبير على سجل زوجها في رفع الأجور وخلق فرص العمل، فإنها تنتقد تبني الجمهوريين سياسات تقول إنها أدت إلى الركود الاقتصادي الذي ورثه بيل كلينتون والرئيس الحالي باراك أوباما.
وكانت الانتخابات التمهيدية الديمقراطية قاسية على إرث بيل كلينتون حتى وقت قريب، فقد تنصلت هيلاري وخصماها الرئيسيان، السيناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت، والحاكم السابق مارتن أومالي من ولاية ماريلاند، وشجبوا سياسات زوجها الخاصة بالجريمة، والتجارة، ورفع الضوابط التنظيمية عن شارع المال والبورصة في الولايات المتحدة «وول ستريت»، والتخفيضات في البرامج الاجتماعية للفقراء.
ويعبر تبنيها الأخير والمتكرر لنجاحات زوجها الاقتصادية – هذا النوع من الرسائل التي تود إيصالها إلى جمهور الناخبين – عن ثقة هيلاري كلينتون المتزايدة بموقفها من الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
وفي حين ترأس بيل كلينتون واحدا من أصح الاقتصادات في الذاكرة الحديثة، فإن براغماتيته المؤيدة لقطاع الأعمال وتركيزه على الأسواق المفتوحة خارجة إلى حد ما من التزامن مع الناخبين التمهيديين الديمقراطيين القلقين بشأن تزايد عدم المساواة في الدخل والحذر من الصفقات التجارية الجديدة.
ولعدة أشهر، يبدو أن بيل كلينتون – التي تكافح لضمان دعم النقابات العمالية، والتنافس مع ساندرز، والترشيح المحتمل لنائب الرئيس جوزيف بايدن – تراقب الأماكن على بيل كلينتون.
قنن الرئيس السابق، على سبيل المثال، اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا في أكتوبر، وسحبت هيلاري كلينتون دعمها للشراكة عبر المحيط الهادي، وهي اتفاقية تجارة تضم 12 دولة ناصرها أوباما وأيدتها هيلاري كلينتون أثناء وجودها في وزارة الخارجية الأميركية. كما تعهدت هيلاري كلينتون ببذل مزيد من الجهد لفرض ضوابط على «وول ستريت»، بينما أشرف زوجها على فترة رفع القيود، التي يقول النقاد إنها لعبت دورا في التسبب في الأزمات المالية عام 2008.
وخلال الآونة الأخيرة، أعلنت هيلاري كلينتون بفخر وبشكل متكرر أنها تأتي من «مدرسة كلينتون للاقتصاد». وقال جون كوان، مسؤول سابق في إدارة الرئيس الأسبق كلينتون، الذي يرأس حاليا مركز أبحاث «ثيرد واي» الوسطي: «بالحديث عن اقتصاد كلينتون، وتجسيد نجاح بيل كلينتون الاقتصادي، فإنها تنصب نفسها كديمقراطية معنية بالنمو».
وفي المناظرة التي جرت السبت الماضي، انتقد كل من ساندرز أومالي هيلاري كلينتون لعدم دعمها إعادة تفعيل قانون «غلاس ستيغال» لعام 1933، الذي فرّق بين المصارف الكبيرة. وجرى تفكيك «غلاس ستيغال» جزئيا خلال إدارة زوجها.
وذكر ساندرز، خلال المناظرة: «لقد ساعدت في قيادة الجهد كعضو في اللجنة المالية في مجلس النواب ضد آلان غرينسبان، وضد رجل يدعى بيل كلينتون، ربما تعرفونه وربما لا تعرفونه».
ويرى مستشارو هيلاري كلينتون أن أي انتقاد لبيل كلينتون في ما يخص القضايا الاقتصادية هو تحريف للتاريخ، مشيرين إلى الإحصاءات القوية حيث رفع 7.7 مليون شخص من الفقر، وخلق 22.7 مليون فرصة عمل، وإحداث توازن في الميزانية.
وقال جون بوديستا، رئيس حملة هيلاري كلينتون، الذي كان رئيس موظفي البيت الأبيض خلال عهد بيل كلينتون: «إنها الفترة الوحيدة التي شهدت فيها كل شرائح المجتمع – من أدنى شريحة مرورا بالمتوسطة ثم إلى العليا – نموا في الأجور».
وأثناء الحملة الانتخابية التمهيدية للحزب الديمقراطي في عام 2008، استندت هيلاري كلينتون إلى حد كبير على النجاحات الاقتصادية لإدارة زوجها. لكن في هذه المرة، يقول المستشارون إن الاستراتيجية ذات شقين، يمكن لهيلاري كلينتون أن تحتفل بإنجازات زوجها الاقتصادية أثناء محاولة ربط سياسات الجمهوريين بالأزمات المالية عام 2008 التي واجهة أوباما. وقال جويل بينينسون، كبير الاستراتيجيين ومنظم الاستفتاءات في حملة كلينتون: «النقطة الأساسية هي أن الجمهوريين يفسدون ذلك الأمر».
* خدمة «نيويورك تايمز».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.