معركة الرمادي تدخل يومها الثاني.. والخوف يزداد من انطلاق حرب طائفية

القوات العراقية تستعد لاقتحام مجمع الحكومة في المدينة

القوات العسكرية العراقية تتقدم نحو وسط مدينة الرمادي أمس (إ.ب.أ)
القوات العسكرية العراقية تتقدم نحو وسط مدينة الرمادي أمس (إ.ب.أ)
TT

معركة الرمادي تدخل يومها الثاني.. والخوف يزداد من انطلاق حرب طائفية

القوات العسكرية العراقية تتقدم نحو وسط مدينة الرمادي أمس (إ.ب.أ)
القوات العسكرية العراقية تتقدم نحو وسط مدينة الرمادي أمس (إ.ب.أ)

دخلت المعارك التي تخوضها القوات العراقية المشتركة وبإسناد مباشر من طائرات التحالف الدولي والطيران العراقية في وسط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار يومها الثاني، أمس، ضد تنظيم داعش الإرهابي، حيث تمكنت عشرات العائلات من الفرار في وقت يزداد فيه القلق والتخاوف من انطلاق حرب طائفية في المدينة.
وتمكنت عشرات العائلات التي كان يستخدمها تنظيم داعش دروعا بشرية من الفرار أمس، ويأتي هذا التقدم بعد دخول قوات النخبة إلى مركز المدينة من المحور الجنوبي الذي تمكنت خلاله من فرض سيطرتها على عدد من أحياء مركز محافظة الأنبار.
وقال ضابط رفيع في جهاز مكافحة الإرهاب لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «قواتنا تستعد الآن لاقتحام منطقة الحوز وفيها المجمع الحكومي» الذي تشكل إعادة السيطرة عليه خطوة رئيسية للسيطرة التامة على مدينة الرمادي التي من المؤمل أن تتم خلال ثلاثة أيام، بحسب المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب.
وأكد قائد شرطة الأنبار اللواء هادي رزيج، أن عددًا من العائلات العراقية تمكن من الخروج من مدينة الرمادي، على الرغم من تهديدات تنظيم داعش لهم بالإعدام.
وقال رزيج في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «العائلات توجهت إلينا فور وصولنا إلى مناطق سكنية في وسط المدينة ومنذ اللحظات الأولى للهجوم الذي أوصينا فيه جميع مقاتلينا ومن كل الصنوف بضرورة الحفاظ على أرواح المدنيين الذين اعتبرهم (داعش) رهائن يحتمي بهم حيث أخرجت القوات الأمنية العشرات منهم خلال عملية الاقتحام التي نفذتها قواتنا في الرمادي».
وأضاف رزيج أن «المئات من العائلات ما زالت لحد هذه اللحظة محاصرة داخل الرمادي رغم ضراوة المعركة وشدتها وخطورتها عليهم، وأن كل الجهود تبذل لمحاولة إخراجهم خلال الساعات المقبلة، وقد أبلغنا العائلات المحاصرة عبر منشورات ألقتها مروحيات الجيش العراقي بالتوجه عبر المنافذ الآمنة المخصصة لخروجهم أو الابتعاد عن مناطق الصراع داخل المدينة في حال عدم تمكنهم من الخروج تحت تهديد تنظيم داعش.
وفي سياق متصل، نصبت القطعات المسلحة لقوات جهاز مكافحة الإرهاب جسورًا عائمة على نهر الورار المتفرع من نهر الفرات، الذي يفصل مناطق حي التأميم الاستراتيجي عن منطقة الحوز. ودخلت القوات إلى منطقة الحوز وسط المدينة التي تضم المجمع الحكومي ومبنى محافظة الأنبار، وبينما تخوض قوات مكافحة الإرهاب حرب شوارع ضد مسلحي تنظيم داعش في الحوز.
وتمكنت قوات النخبة العراقية وقوات أخرى تابعة لأفواج قيادة شرطة محافظة الأنبار وأفواج الطوارئ ومقاتلي عشائر الأنبار من السيطرة على مناطق حي البكر وحي الضباط وحي الأرامل وجميعها داخل المدينة.
وتتقدم قوات الجيش العراقي، وقيادة عمليات الأنبار، وقوات الشرطة الاتحادية في تحرير المناطق في شرق الرمادي وشمالها، ورغم مشهد المعارك الذي يميل لصالح القوات العراقية، ورغم تفاؤل الكثير من المسؤولين الحكوميين بأن تستعيد القوات العراقية السيطرة على كامل المدينة والقضاء على مسلحي تنظيم داعش في داخلها خلال الساعات المقبلة؛ حيث يرى المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، العقيد ستيف وارن، أن «معركة تحرير الرمادي لن تكون سهلة ولن تنتهي في غضون أيام».
وقال وارن في مؤتمر صحافي إن «كثيرًا من الوقت سيمضي قبل أن نعلن تحرير الرمادي تماما من مسلحي تنظيم داعش، وإن المعركة قاسية وصعبة وقد تستغرق وقتًا طويلاً»، مضيفا أن «تنظيم داعش زرع أغلب طرقات مدينة الرمادي بالكمائن والألغام ومسلحوه يحتلون المدينة منذ شهور ويعرفون طرقاتها جيدًا، ولا أستطيع أن أحدد زمنًا معينًا لتحريرها، ولكن طائراتنا ما زالت تقوم بتغطية الهجوم البري الواسع الذي تشنه القوات العراقية على مدينة الرمادي من مختلف المحاور، ونفذت خلال الساعات الـ24 الماضية 33 غارة جوية لدعم القوات العراقية في المدينة». هذا وامتنع وارن من إعطاء تنبؤات أكثر دقة، مقتصرا بالتأكيد على أن قوات الأمن العراقية بدأت بالفعل العملية الرامية إلى إعادة السيطرة على الرمادي.
بينما عبَّر مسؤولون عراقيون عن تفاؤلهم بأن القوات العراقية ستستعيد المدينة بحلول نهاية الأسبوع. وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت إن «تنظيم داعش انكسر بشكل كامل في مدينة الرمادي، وتلقى هزيمة كبيرة أمام ضربات القوات الأمنية ومقاتلي العشائر، وبإسناد من طيران التحالف الدولي والعراقي وطيران الجيش، أحرزت تقدمًا كبيرًا بعمليات تحرير مركز الرمادي من التنظيم». وأضاف كرحوت إن «إعلان تحرير مركز الرمادي على الأبواب خاصة مع وصول القوات الأمنية البطلة على بعد مئات الأمتار عن المجمع الحكومي في مركز المدينة وفرض كامل سيطرتها على المركز».
وبدوره، قال رئيس أركان الجيش العراقي الفريق عثمان الغانمي إن «قواتنا المسلحة ستزف بشرى تحرير مدينة الرمادي بالكامل في غضون أيام قلائل حيث بدأت قطعاتنا العسكرية بالتوجه صوب آخر منطقة خاضعة لسيطرة عناصر (داعش) في وسط الرمادي التي سيطروا عليها في مايو (أيار) الماضي».
وإذا ما تم السيطرة على مدينة الرمادي من قبل القوات العراقية، فإنها ستكون ثاني المدن الكبيرة التي تسترد من قبضة تنظيم داعش.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.