تعز: الميليشيات تستغل الهدنة لنقل الأسلحة.. وطيران التحالف يتصدى لها

المقاومة تسيطر على مواقع عسكرية في مديرية ناعم.. والجيش يحرر «دار القبة»

مقاتلون من لجان المقاومة الشعبية يتخذون مواقعهم للقتال في محافظة تعز اليمنية (أ.ف.ب)
مقاتلون من لجان المقاومة الشعبية يتخذون مواقعهم للقتال في محافظة تعز اليمنية (أ.ف.ب)
TT

تعز: الميليشيات تستغل الهدنة لنقل الأسلحة.. وطيران التحالف يتصدى لها

مقاتلون من لجان المقاومة الشعبية يتخذون مواقعهم للقتال في محافظة تعز اليمنية (أ.ف.ب)
مقاتلون من لجان المقاومة الشعبية يتخذون مواقعهم للقتال في محافظة تعز اليمنية (أ.ف.ب)

كشف قيادي في المقاومة الشعبية في محافظة تعز لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح لا تلتزم بهدنة وقف إطلاق النار، وأنها تستغلها في نقل الأسلحة من مكان إلى آخر، وخصوصا في المنشآت الحكومية.
ودمرت طائرات التحالف، أمس، كميات من الأسلحة والذخائر في مديرية الراهدة، بجنوب تعز، أثناء نقلها من قبل الميليشيات الحوثية جوار كلية المجتمع.
وقال أيمن المخلافي، القيادي في المقاومة إن «الميليشيات تواصل قصفها على الأحياء السكنية، في حين اشتدت المواجهات بين أبطال المقاومة والجيش الوطني، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح من جهة أخرى، في عدد من المناطق، خصوصًا في مديريات الشريجة والراهدة وحيفان والاعبوس والاعروق، وبدأت تحركات عناصر المقاومة والجيش لطرد الميليشيات». وذكر المخلافي أن «أبطال المقاومة والجيش الوطني تمكنوا من إحراز تقدم كبير في الجبهة الشمالية الشرقية من منطقة نجد قسيم، وطهروا بشكل كامل من مناطق دار القبة وشعب العسيق وبجيلة وظهرة وتعبوت، في الجهة الشمالية الشرقية من نجد قسيم، بالإضافة إلى السيطرة على تبة الكريمي وقرية الدار في الجبهة الجنوبية من النجد».
وأكد المخلافي أن «ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح كثفت من حشودها البشرية والعسكرية في محاوله منها لاقتحام المدينة من جهة شارع 40 وعصيفرة وأيضًا جبهة ثعبات، حيث كثفت الضرب والتغطية النارية بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة لتحاول بذلك اقتحام جبهة ثعبات، لكن المقاومة صمدت وصدت هذا الهجوم رغم كثافة القصف ودحرتهم وخلفت عشرات القتلى والجرحى»، مشيرًا إلى أن «الميليشيات الانقلابية تواصل قصفها المتواصل في ضل حصار خانق على المدينة وانقطاع شبكه الإنترنت وانعدام جميع المستلزمات الغذائية والطبية والأكسجين، وأعلن قسم الطوارئ في مستشفى الثورة التوقف عن استقبال المرضى، مما يؤكد أن هذه الميليشيات ليس لديها نية للحوار والتفاوض».
إلى ذلك، احتدمت المعارك بين القوات المشتركة، التي تضم قوات التحالف والجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، وميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى، في جبهات القتال بمحافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية وسط اليمن، حيث اشتدت في مديريات المسراخ والمعافر وحيفان، مما كبد الميليشيات الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد.
وتمكنت القوات المشتركة من تدمير طقمين عسكريين تابعين للميليشيات في رأس نقيل في منطقة الأقروض بمديرية المسراخ ومنعهما من الوصول إلى المديرية، في الوقت الذي جرت فيه اشتباكات حول الحصن ودار القبة.
على الصعيد الإنساني، وفي سياق انتهاكاتها، منعت الميليشيات دخول المواد الإغاثية والإمدادات الطبية إلى المناطق المحاصرة في المدينة من خلال سيطرتهم على جميع المنافذ، واتهم مواطنون ميليشيات الحوثي - صالح بنهب قافلة غذائية كانت بين منطقتي خدير والشقب، جنوب شرقي مدينة تعز، وكانت بطريقها إلى المدينة.
من جهة ثانية، أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» الدولية أن ميليشيات الحوثيين تمنعها من إيصال الإمدادات الطبية إلى المناطق التي تحاصرها، في مدينة تعز، ‎وقالت منسقة الطوارئ في المنظمة سيلين لانغلوا، في شهادة لها نشرها الموقع الإلكتروني، إنه «ورغم المفاوضات المستمرة مع المسؤولين، فإن منظمة أطباء بلا حدود لا تزال ممنوعةً من إيصال الإمدادات الطبية إلى مستشفيين في المنطقة المحاصرة في تعز جنوب اليمن». وأشارت إلى أنه «أوقفت شاحنات المنظمة مرات عدة على نقاط تفتيش جماعة أنصار الله (الحوثيين) ومُنعت من الدخول إلى المنطقة، في حين أن المستشفيات الواقعة في المنطقة المحاصرة تشهد أعدادًا كبيرةً من مصابين جرحى الحرب».
ومن جهة أخرى، سيطرت المقاومة الشعبية بدعم من الجيش الوطني، على موقع «غليس العسكري» في مدينة ذي ناعم، التابعة إداريًا لمحافظة البيضاء الواقعة في الجزء الجنوب الشرقي من صنعاء، بعد معارك عنيفة طردت من خلالها ميليشيا الحوثيين والحرس الجمهوري، كما اشتبكت المقاومة مع الانقلابيين في عدد من مديريات إقليم سبأ، ونجحت في إعطاب عدد من الآليات العسكرية وقتلت أكثر من 15 فردًا موالين للحرس الجمهوري.
وفي تعز تقدم الجيش الوطني، مدعومًا بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في مفرق نجد قسيم، وحرر المناطق المحيطة بها والمتمثلة في دار القبة، جبا، تبة الكريمي، فيما استعادت المقاومة الشعبية في الإقليم موقعي المصير والراجلة، بعد اشتباكات ما زالت مستمرة في منطقة الاعبوس، في حين قصف طيران التحالف مواقع الحوثيين والحرس الجمهوري في عدد من الجبهات بمدينة تعز، مما أسهم في تراجع الميليشيا إلى المواقع الخلفية.
وفي محافظة عمران شمال اليمن، تمكنت قبائل المنطقة، بعد حصارها لمركز الأمن والسجن الذي تسيطر عليه ميليشيا الحوثي، من الإفراج عن السجناء الذين خطفتهم الميليشيا في أوقات سابقة، بعد أن أمهلت القبائل الميليشيا فرصة قبل اقتحام الموقع، وتوعدت القبائل التي تجمهرت بأسلحتها حول المركز، بشن غارات في حال أقدمت الميليشيا على خطف أبنائها.
في سياق متصل، ذكرت مصادر عسكرية يمنية أن المقاومة الشعبية رصدت خلال الساعات الماضية، تحركات عسكرية كبيرة للحرس الجمهوري على أطراف صنعاء، بالتزامن مع تقدم الجيش الوطني على مديرية نهم، ومن أبرز تلك التحركات حفر خنادق على أطراف المدينة، وزرع الألغام بشكل كبير وعشوائي لمنع تقدم الجيش.
وقال العميد عبد الله الصبيحي، قائد اللواء 15 ميكا، وقائد القطاع الشمالي الشرقي في عدن لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية سارا خلال اليومين الماضيين وفق الخطط المعدة لتحرير محافظات البلاد، حيث تمكنت الجيش، أمس (الأربعاء)، من التقدم أميالاً عدة في محور الجوف، ومحور نهم باتجاه الشمال، ونجحت خلال المعارك الدائرة في تدمير الكثير من الآليات العسكرية التابعة للحرس الجمهوري وقتل العشرات من الميليشيا.
وأضاف العميد الصبيحي أن المقاومة الشعبية تقدمت في جبهة الزاهر (البيضاء) مع القوات المدعومة بالجيش نحو القرى التابعة لإقليم سبأ، كما تقدم الجيش في مفرق الحجة باتجاه الشمال مع الحدود السعودي، وفرض سيطرته على ميناء ميدي، ويقوم - حاليًا - بتمشيط حرض والمناطق القريبة منها.
وحول الأسلحة التي خبأها الحوثيون، قال العميد الصبيحي إن «الميليشيا استفادت كثيرا في الفترة الماضية من تسليم الحرس الجمهوري للكثير من المواقع وخروج القيادات من الجيش، فقاموا بالاستيلاء على أسلحة الألوية، ومنها اللواء 4، الذي تمكن الجيش من العثور على الأسلحة مخبأ في بني حشيش، إضافة إلى كثير من المواقع التي تخزن الميليشيا أسلحتها فيه، والتي رصدت ومنها منطقة البقع».
من جهته، ذكر مصدر عسكري أن مجهولين اغتالوا أمس القيادي في المقاومة العقيد جلال العوبلي الصبيحي، وأحد مرافقيه في مديرية دار سعد، لافتا إلى أن هذه الأعمال الإرهابية لا تبعد كثيرًا عما تقوم به ميليشيا الحوثيين والحرس الجمهوري من اغتيالات وحملة مداهمات واختطافات لعموم اليمين وفي المحافظات كافة التي تسيطر عليها.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.