رئيس الحكومة المغربية يكشف عن خطته لإصلاح نظام التقاعد

قال إنه ماضٍ فيها رغم ثقل فاتورتها السياسية على شعبية الغالبية

رئيس الحكومة المغربية يكشف عن خطته لإصلاح نظام التقاعد
TT

رئيس الحكومة المغربية يكشف عن خطته لإصلاح نظام التقاعد

رئيس الحكومة المغربية يكشف عن خطته لإصلاح نظام التقاعد

كشف عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية معالم خطته لإصلاح نظام التقاعد (المعاشات) المهدد بالانهيار، والذي يثير إصلاحه جدلا سياسيا وإعلاميا كبيرين.
وأعلن ابن كيران، الذي كان يتحدث مساء أمس خلال جلسة الاستماع الشهرية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، أن الإصلاح الشامل والعميق لأنظمة التقاعد لا يحتمل مزيدا من التأخر. وقال إنه ماضٍ في إصلاح هذا القطاع رغم ثقل فاتورته السياسية على شعبية الغالبية الحكومية، مؤكدا أن الإصلاح مؤلم لكنه يبقى العلاج الضروري لتسوية نظام التقاعد.
وأعلن ابن كيران لأول مرة عن قرب إحالة مشروع قانون إصلاح التقاعد على البرلمان، داعيا المؤسسة التشريعية إلى الاستعجال في المصادقة عليه، حاثا إياها على تغليب الإجماع الوطني في معالجة ملف إصلاح التقاعد.
وحذر ابن كيران من التأخر في إصلاح نظام التقاعد، موضحا أن العجز الناتج عن الفارق بين المساهمات والمعاشات، بلغ سنة 2014 نحو 370 مليون دولار، بينما ناهز العجز سنة 2015 نحو 740 مليون دولار سنة 2016. كما حذر أيضًا من نفاذ احتياطيات الصندوق المغربي للتقاعد التي تبلغ 10 مليارات دولار مع حلول سنة 2022، مضيفًا أنه إذا لم يتخذ أي إجراء، سيتوقف صرف معاشات لنحو 400 ألف مستفيد في أفق ست سنوات مقبلة.
وشدد ابن كيران على أن الإسراع في إصلاح نظام التقاعد يتوخى تجنيب بلوغ الحد الأدنى من الاحتياطيات المالية المطلوب توفرها قانونيا، حيث ستصبح الاحتياطيات المالية المتوفرة غير قادرة على تغطية أكثر من سنتين من حقوق المتقاعدين، ومؤكدا أن بلوغ هذا السقف يفرض بشكل تلقائي، وبمقتضى القانون، الزيادة في نسبة المساهمة من 20 في المائة حاليًا إلى 42 في المائة لضمان توازن المساهمات والخدمات لمدة 10 سنوات إضافية. وهو ما يعني مضاعفة مساهمة الموظفين من 10 في المائة حاليا إلى 21 في المائة، ابتداء من أول يناير (كانون الثاني) 2019.
حدد ابن كيران معالم الإصلاح التي تقوم على خمسة محاور. أولها، يهدف إلى معالجة العجز المتفاقم لنظام المعاشات المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد من خلال الإصلاح المقياسي لهذا النظام، والرفع من سن الإحالة على التقاعد إلى 61 سنة ابتداء من أول يناير 2017، وإلى 62 سنة ابتداء من أول يناير 2018 ثم إلى 63 سنة ابتداء من أول يناير 2019؛ وبعد انقضاء ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ الإصلاح، تقوم هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بناء على تقييم الوضعية المالية الجديدة لنظام المعاشات المدنية، بتقديم التوصيات المناسبة. ووفق المنطق ذاته سينتقل سن التقاعد النسبي من 15 إلى 18 سنة بالنسبة للنساء، ومن 21 إلى 24 سنة بالنسبة للرجال.
ثانيا، رفع مساهمة الدولة والمنخرطين، بأربع نقاط على مدى 4 سنوات ابتداء من تاريخ الإصلاح. ثالثا، اعتماد الأجر المتوسط للثماني سنوات الأخيرة من العمل كقاعدة لاحتساب المعاش بشكل تدريجي على مدى 4 سنوات ابتداء من أول يناير 2017. رابعا، مراجعة النسبة السنوية لاحتساب المعاش من 2.5 في المائة إلى اثنين في المائة في ما يخص الحقوق التي ستكتسب ابتداء من أول يناير 2017. وأخيرا، رفع الحد الأدنى للمعاشات المدنية والعسكرية والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد من 123 دولارا إلى 184 دولارا شهريا بشكل تدريجي على مدى 3 سنوات ابتداء من تاريخ الإصلاح.
وكشف ابن كيران عن أن إصلاح نظام المعاشات سيكلف الميزانية العامة خمسة مليارات دولار خلال السنوات الخمس الأولى.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».