أزمة ليبيا تجبر مليوني ليبي على اللجوء إلى تونس

تونس تمدد العمل بحالة الطوارئ لشهرين إضافيين

أزمة ليبيا تجبر مليوني ليبي على اللجوء إلى تونس
TT

أزمة ليبيا تجبر مليوني ليبي على اللجوء إلى تونس

أزمة ليبيا تجبر مليوني ليبي على اللجوء إلى تونس

مثل ملف مكافحة الإرهاب في كل من ليبيا وتونس أحد أهم الملفات التي تناولها الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، صباح أمس الثلاثاء، لدى استقباله فايز السراج، رئيس مجلس الوزراء الليبي المكلف بقصر الحكومة في العاصمة التونسية.
وأكد فايز السراج في تصريح إعلامي عقب المقابلة أن اللقاء كان «إيجابيا، وتم خلاله تبادل الآراء ووجهات النظر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، على غرار تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، ودعم التعاون الاقتصادي بين البلدين»، مذكرًا بمتانة وعمق العلاقات التي تربط تونس مع ليبيا. وأضاف السراج أن المحادثة كانت مناسبة للتطرق إلى وضع الجالية الليبية في تونس، والتي تصل إلى نحو مليوني ليبي، ومحاولة تذليل الصعوبات التي تعترضها، وكذلك إيجاد حل لمعالجة الجرحى الليبيين الذين تدفقوا على المصحات التونسية. كما أشار إلى سعي الطرفين على إعادة فتح الخط الجوي بين البلدين خاصة من مدينة صفاقس (350 كلم جنوب شرقي العاصمة التونسية) باتجاه طرابلس بهدف تسهيل تنقل الليبيين إلى تونس.
ولجأ منذ بداية الأزمة الليبية نحو مليوني ليبي إلى التراب التونسي، وازداد تدفقهم إثر اشتداد الأزمة الليبية وعدم التوصل إلى حل سياسي توافقي. وتتوقع معظم الأطراف الدولية التي تدعم المصالحة الليبية - الليبية وجود صعوبات كثيرة على مستوى تطبيق التسوية السياسية الموقعة بين الأطراف الليبية في مدينة الصخيرات المغربية، وتسعى تونس من جانبها إلى التعجيل بتسوية سياسية في ليبيا المجاورة خشية تأثير الأوضاع الأمنية في ليبيا على تونس وإمكانية تدفق عناصر إرهابية على تونس في حال اللجوء إلى تدخل عسكري غربي لفرض التسوية، ومحاربة الأطراف الليبية التي لم تقبل بتلك التسوية.
وكان إبراهيم الدباشي، المندوب العام لليبيا في منظمة الأمم المتحدة، قد توقع تدخلا عسكريا غربيا في بلاده، وقال: «أتوقع ضربات جوية قريبا». ورجح أن تشارك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا في تلك الغارات، إلا أنه لم يحدد تاريخًا معينًا لانطلاقها. ويبدي مراقبون غربيون تخوفات جدية من إمكانية تمدد تنظيم داعش وسيطرته على الحقول النفطية الليبية، ويؤكد هؤلاء أن التنظيم ستكون له موارد مالية لا تقل عن مائة مليار دولار أميركي. كما حذّروا من صعوبة مواجهة التنظيم إن تحالف مع بقية التنظيمات الإرهابية المنتشرة في الصحراء الكبرى، على غرار «بوكو حرام».
ونتيجة لعدم الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، اتخذت تونس منذ فترة عدة إجراءات احتياطية لصد تدفق الإرهابيين والأسلحة عن أراضيها، من بينها بناء جدار عازل على الحدود مع ليبيا، وإحداث منطقة عسكرية عازلة لا يمكن دخولها إلا بتصريح من المؤسسة العسكرية، بالإضافة لنشر نحو خمسة آلاف جندي إضافي على الحدود التونسية - الليبية.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات الاحتياطية، فإن مراقبين للوضع الأمني الهش في ليبيا يتوقعون أن يؤثر تدهور الأوضاع في ليبيا على تونس، خاصة وأن تقارير استخباراتية تؤكد وجود آلاف التونسيين ممن تبنوا أفكارا متشددة على الأراضي الليبية، وأن معظم العمليات الإرهابية التي عرفتها تونس تلقى منفذوها تدريبات على حمل السلاح واستعماله في ليبيا.
من ناحية أخرى، أفرجت عائلة ليبية من منطقة الزاوية الليبية عن خمسة تونسيين احتجزتهم منذ ثلاثة أسابيع لديها، مطالبة بإطلاق سراح ابنها المحتجز في السجون التونسية في قضية حق عام. وقال مصطفى عبد الكبير، ممثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في الجنوب الشرقي المحاذي للحدود الليبية في تصريح إعلامي، إن المحتجزين الخمسة وصلوا سالمين إلى الحدود التونسية الليبية، وأشار في المقابل إلى وجود أكثر من 25 تونسيًا مفقودًا وقد اختطفوا من جهات مجهولة. وأضاف أن نحو مائة سجين تونسي محتجزون في السجون الليبية في قضايا حق عام، ولفت إلى أن الكثير منهم تعرضوا إلى مظالم قضائية، على حد تعبيره.
من جهة اخرى أعلنت تونس أمس تمديد حالة الطوارئ في كامل البلاد لمدة شهرين، في ظل استمرار التهديدات التي تواجهها من جماعات إرهابية متشددة.
وقالت رئاسة الجمهورية التونسية في بيان: «قرر رئيس الجمهورية تمديد حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية لمدة شهرين بداية من 24 ديسمبر (كانون الأول) إلى 21 فبراير (شباط) المقبل». وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أعلن حالة الطوارئ عقب هجوم نفذه انتحاري على حافلة للحرس الرئاسي وسط العاصمة، أدى لمقتل 12 شخصا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويأتي تمديد حالة الطوارئ في ظل تحذيرات أطلقتها بلدان غربية من احتمال وقوع هجوم في تونس خلال احتفالات رأس السنة الميلادية والمولد النبوي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.