إدريس يتهم الائتلاف السوري بـ {نقض الوعود}

وزير دفاع الحكومة المؤقتة ينصحه بالرجوع عن خطئه

اللواء سليم إدريس ووزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة أسعد مصطفى
اللواء سليم إدريس ووزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة أسعد مصطفى
TT

إدريس يتهم الائتلاف السوري بـ {نقض الوعود}

اللواء سليم إدريس ووزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة أسعد مصطفى
اللواء سليم إدريس ووزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة أسعد مصطفى

عصفت الخلافات مجددا بقيادة أركان الجيش السوري الحر، بعد أن شن اللواء سليم إدريس رئيس هيئة الأركان السابق، هجوما على رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة أحمد الجربا، ووزير الدفاع في حكومة المعارضة المؤقتة أسعد مصطفى، واتهمهما بـ«نقض» الوعود، وطالب بـ«إعادة هيكلة رئاسة الأركان»، بما يشمل جميع المناصب القيادية. وجاء ذلك على خلفية فشل تسوية لإرضاء إدريس بتعيينه مستشارا عسكريا للجربا، بعد أن كان أقيل من منصبه في رئاسة الأركان جراء خلافات بينه وبين وزير الدفاع، كما تقضي التسوية باستقالة وزير الدفاع. وبدوره، نفى الأخير أن يكون وراء قرار استبعاد إدريس عن منصب مستشار رئيس الائتلاف، مشيرا إلى أن «هذا الموضوع يتعلق بالجربا نفسه، وليس لي علاقة به».
وكانت الاجتماعات التي عقدها الجربا مع قادة المجالس العسكرية الموالية للطرفين (إدريس ومصطفى)، أفضت، بحسب بيان نشر على صفحة الائتلاف على موقع «فيسبوك» وتداولته جميع وسائل الإعلام، إلى تسوية بين الطرفين تنص على أن «يقدم وزير الدفاع أسعد مصطفى استقالته ويقبلها الجربا ويعد نوابه بحكم المستقيلين، وأن يقدم اللواء سليم إدريس استقالته من رئاسة هيئة الأركان العامة ويعين مستشارا لرئيس الائتلاف للشؤون العسكرية». لكن الائتلاف المعارض لم ينشر هذا البيان على موقعه الرسمي، حسبما جرت العادة، متبنيا بيانا آخر صدر عن المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر، ونص على «تنفيذ كامل مضمون القرار المتخذ بتاريخ 16 فبراير (شباط) 2014 بإقالة اللواء سليم إدريس، وتعيين العميد الركن عبد الإله البشير رئيسا لهيئة الأركان العامة، والعقيد هيثم عفيسية نائبا له»، من دون أي إشارة إلى التسوية السابقة.
وسارع اللواء إدريس إثر ذلك إلى اتهام كل من وزير الدفاع وفريق رئيس الائتلاف والمجلس العسكري بـ«نقض الاتفاق»، مشيرا في بيان ذيّل بتوقيع عدد من قادة المجالس العسكرية الموالية لإدريس إلى أن الاجتماع مع الجربا ومصطفى والمجلس العسكري الأعلى «كان محضّرا للاعتداء على قادة المجالس العسكرية (الموالية لإدريس) واستفزازهم وممارسة التشبيح عليهم»، مطالبا بـ«إعادة هيكلة هيئة الأركان» بما يطال وزير الدفاع ورئاسة الأركان والمجلس العسكري الأعلى.
وفي غضون ذلك، نفى وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة لـ«الشرق الأوسط» أن يكون وراء قرار استبعاد إدريس عن منصب مستشار رئيس الائتلاف للشؤون العسكرية، مشيرا إلى أن «هذا الموضوع يتعلق بالجربا نفسه، وليس لي علاقة به».
وعدّ مصطفى أنه «لا يجوز لقيادي في المعارضة مهما كان منصبه أن يرفض قرارا من القيادة ينص على تنحيته»، مضيفا أن «ما يفعله اللواء إدريس خطأ كبير»، داعيا إياه إلى «الرجوع عن رفضه قرار المجلس العسكري بتعيين بديل له»، لافتا إلى أن «قرار عزل إدريس جاء بإجماع المجلس العسكري الأعلى، الذي يملك الصلاحية بذلك».
وكانت هيئة الأركان العامة للجيش الحر، أنشئت بموجب اجتماع في مدينة أنطاليا التركية شارك فيه أكثر من 500 ممثل عن الفصائل العسكرية، وانتخب إدريس قائدا لها في السابع من ديسمبر (كانون الأول) 2012. وترأس إدريس حينها المجلس العسكري الذي كان يضم 30 عضوا، نصفهم من العسكريين، أي من الضباط السوريين المنشقين عن الجيش النظامي، والنصف الآخر من المدنيين، الذين يقاتلون في الداخل.
لكن، بدا واضحا في الفترة الأخيرة تراجع دور إدريس الذي سبق له أن زار عددا من العواصم الأوروبية، بعد امتناع الائتلاف المعارض عن ضمه إلى الوفد المشارك في مؤتمر «جنيف 2»، واقتصار التمثيل العسكري للمعارضة على قائد «جبهة ثوار سوريا»، إضافة إلى ممثل عن «جيش المجاهدين» وضابطين منشقين.
وأصدر «المجلس العسكري الأعلى» قرارا صدر في منتصف فبراير (شباط) الماضي يقضي بعزل إدريس من منصبه، وأشيع حينها أن وزير الدفاع اشترط تنفيذ هذا القرار كي يبقى في منصبه، ويعود عن استقالته التي تقدم بها إلى الائتلاف المعارض، لكن مصطفى ينفي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه المعلومات، مؤكدا أن «سبب الاستقالة يعود إلى عدم تسليح كتائب المعارضة على جبهات القلمون وحلب، ولا علاقة للأمر بخلاف مع اللواء إدريس الذي أحترمه وأقدر جهوده في قياداته السابقة لهيئة الأركان، ولا يوجد أي خلاف شخصي معه».
وعلى الرغم من أن وزير الدفاع قلل من أهمية بيان إدريس، مرجحا «عودة القادة العسكريين الذين يساندونه إلى قرار المجلس الأعلى»، فإن هذه الخلافات ستزيد من حالة التشرذم التي تعاني منها المعارضة العسكرية وتعطل عملية تنظيم صفوفها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».