مصر تستعد لجولة «حاسمة» من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي نهاية الشهر

مسؤولون: القاهرة لن تسمح باستمرار وتيرة البناء الحالية

صورة تعود إلى يوليو الماضي لوزير المياه السوداني أثناء حضوره الاجتماع الوزاري في اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة في الخرطوم (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى يوليو الماضي لوزير المياه السوداني أثناء حضوره الاجتماع الوزاري في اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

مصر تستعد لجولة «حاسمة» من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي نهاية الشهر

صورة تعود إلى يوليو الماضي لوزير المياه السوداني أثناء حضوره الاجتماع الوزاري في اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة في الخرطوم (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى يوليو الماضي لوزير المياه السوداني أثناء حضوره الاجتماع الوزاري في اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة في الخرطوم (أ.ف.ب)

يصف مسؤولون مصريون الجولة المقبلة لاجتماع وزراء الخارجية والري (الاجتماع السداسي) لدول حوض النيل الشرقي (مصر والسودان وإثيوبيا)، بـ«الحاسمة»، في إشارة إلى عزم القاهرة تطوير موقفها بشأن «سد النهضة»، الذي تبنيه إثيوبيا، وتخشى مصر من تأثيره على حصتها من مياه النيل.
ويسعى المفاوض المصري، خلال الاجتماع المقرر انعقاده في العاصمة السودانية الخرطوم يومي 27 و28 من الشهر الحالي، إلى التأكيد على أن القاهرة لن تسمح باستمرار معدلات بناء السد بالوتيرة الحالية، في وقت لم تبدأ فيه بعد أعمال المكاتب الاستشارية التي أنيط بها تحديد الأضرار الناجمة عن السد بالنسبة لدولتي المصب، مصر والسودان، بحسب مسؤولين مصريين.
وقال المسؤولون المصريون إن الدراسات بفرض أنها بدأت من الآن تحتاج لنحو عام ونصف العام لإتمامها، وهو أمر لا يسمح بالاستفادة منها في ضوء معدلات البناء الحالية.
وطالبت القاهرة الجانب الإثيوبي بوقف بناء السد لحين انتهاء الدراسات، لكن من المستبعد أن تقبل أديس أبابا هذا المطلب. وقال مسؤولون على صلة وثيقة بملف المفاوضات إن القاهرة قد تلجأ إلى اقتراح بإرسال مراقبين لمتابعة معدلات البناء.
وفشل الاجتماع السداسي الذي عقد في الخرطوم يومي 11 و12 الشهر الحالي في التوصل لقرارات بشأن المطالب المصرية. وقال مستشار وزير الري لشؤون السدود الدكتور علاء ياسين لـ«الشرق الأوسط»: «قدمنا في الاجتماع السداسي الأخير طلبات واضحة وننتظر الرد الإثيوبي على هذه المطالب.. الإثيوبيون طلبوا مهلة أسبوعين للتشاور مع القيادة السياسية».
وأضاف ياسين أن المفاوض المصري يدخل الاجتماعات المقبلة، مستندًا إلى موقف قوي وصارم في التعبير عن الحقوق المصرية، مع احترام حق الدول الأخرى في التنمية دون المساس بالحصة التاريخية لمصر من مياه النيل، هذا يعني أننا نرفض السعة التخزينية للسد، مدركين أنها مبالغ فيها، وأن السد لن يولد 6000 ميغاواط من الكهرباء حسب ما تعلنه إثيوبيا، وإنما أقصى قدرة له لن تتجاوز 2200 ميغاواط».
وتعتمد مصر بشكل شبه حصري على النيل لسد حاجاتها من المياه في الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي. ويمثل حجم الإنتاج الزراعي ما نسبته 14.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات البنك الدولي.
وعلقت مصر المفاوضات الفنية (الاجتماعات الثلاثية لوزراء الري)، وطلبت إشراك وزراء الخارجية مجددًا مع تعثر المسار التفاوضي في ظل تسارع معدلات بناء السد، الذي انتهى 48 في المائة منه بحسب وزير الري المصري حسام مغازي.
واتفق وزراء المياه في الدول الثلاث في أبريل (نيسان) الماضي على اختيار مكتبين استشاريين هما «بي آر إل» الفرنسي كمكتب رئيسي، و«دلتارس» الهولندي كمكتب مساعد، يتعاونان معا في تنفيذ الدراسات اللازمة لمعرفة الآثار المائية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على بناء سد النهضة، لكن منذ ذلك التاريخ لا يزال مسار المفاوضات عالقا في «أزمات فنية» بين المكتبين، فيما تواصل إثيوبيا بناء السد بسعة تخزينية قدرها 74 مليار متر مكعب، وهو ما تراه القاهرة سعة مبالغًا فيها جدًا بالنظر إلى الأهداف التنموية التي تعلنها إثيوبيا.
ووقع رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا إعلان مبادئ يحكم العلاقة بين الدول الثلاث في ما يتعلق بنهر النيل، ووضعت تلك المبادئ في وثيقة أطلق عليها وثيقة «إعلان المبادئ»، ونصت تلك الوثيقة على احترام نتائج الدراسات المزمع إجراؤها.
لكن خبراء ومسؤولين مصريين سابقين قالوا إن الوثيقة في حد ذاتها تعد إخفاقًا مصريًا، وبداية طريق التنازلات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.