فاروق حسني: الثقافة المصرية تفتقر إلى الرؤية.. والثورة أضرتها

دشن كتابًا يؤرخ لمسيرته ويعد لمتحفه الخاص ويوثق تجربة اليونيسكو

فاروق حسني يوقع كتابه الأخير
فاروق حسني يوقع كتابه الأخير
TT

فاروق حسني: الثقافة المصرية تفتقر إلى الرؤية.. والثورة أضرتها

فاروق حسني يوقع كتابه الأخير
فاروق حسني يوقع كتابه الأخير

«نحن نحتاج للخيال.. لا بد أن نحدث هزة في الكيان الفكري نتخطى الواقع لواقع جديد له مذاق آخر وهذه هو جوهر الفن» كان هذا رد وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسني، في حوار مع «الشرق الأوسط» عن أحوال الثقافة في مصر الآن والحديث عن مشروعه الفني المتواصل منذ أكثر من 30 عاما.
وربما ساعده ابتعاده عن العمل الوزاري وانتهاء أعبائه السياسية منذ نحو 5 سنوات، على التفرغ أكثر للإنتاج والإبداع الفني، كما أنه يوثق الآن لمسيرته الفنية بعدد من المشروعات، إذ دشن، مساء الأحد الماضي، كتابا مصورا ضخما يؤرخ لمسيرته الفنية ومراحل تكوينه الفني بداية من السبعينات وحتى الآن، والمدارس الفنية العالمية التي تأثر بها، بداية من المرحلة الميتافيزيقية، والمدرسة التعبيرية، ثم التشخيص والتجريد، وتنقله بين التجريد اللاشكلي، والتجريد الهندسي، وأثر نشأته بالإسكندرية على أسلوبه الفني، ومعايشته لمدارس الفن الأوروبية لمدة 18 عاما، قبل توليه وزارة الثقافة، كما يضم الكتاب عرضا لآراء نقاد حول تجربته.
وصدر الكتاب باللغة الإنجليزية في 311 صفحة في طبعة فاخرة عن دار «أوبليسك» للنشر بالقاهرة، وهو يضم صورًا لأهم لوحاته. وحضر حفل تدشين الكتاب بفندق ماريوت الزمالك، الناقد الفني الإيطالي كارمني سينيسكالكو، رئيس مؤسسة روما لمعارض الفن الحديث ومدير استوديو إس للفن المعاصر، وعالم الآثار الدكتور زاهي حواس، وعمرو موسى، وأحمد أبو الغيط، وزيرا خارجية مصر السابقان، ورجل الأعمال نجيب ساويرس والفنانتان لبلبة وسميحة أيوب.
ولا يزال حسني الذي تولى وزارتي الثقافة والآثار لمدة 24 عاما، مثار جدل في الوسط الثقافي المصري والعربي، إذ ينقسم هذا الوسط إلى فريق يرى أهمية ما قدمه للثقافة بمختلف فروعها، بينما يرى فريق آخر أنه أضر بمنظومة العمل الثقافي في مصر. يقول حول ذلك: «التاريخ ملكي.. سينصفني رغم كل محاولاتهم.. هؤلاء كانوا يريدون للجمود أن يسري في أوردة الثقافة المصرية بأساليبهم القديمة، وهم بالطبع من كانوا ولا يزالون يهاجمون أي محاولة للتحديث، فالهجوم هو وسيلتهم الوحيدة لإنقاذ كيانهم، فهم لا يقدمون الجديد بل يهاجمون كل جديد، وتلك كانت أكثر حروبي ومعاركي أهمية».
ويتابع وزير الثقافة السابق: «وزارة الثقافة في عهدي كانت وزارتين في وزارة واحدة (الثقافة والآثار)، كنت أنمي السياحة ومن دخل الآثار أنفق على الثقافة، كان لدي هم كبير جدا في الآثار، كونها مُهمَلة جدا. حينما توليت المنصب، كانت هناك خمسة متاحف فقط في مصر، اليوم هناك 42 متحف آثار، فضلا عن متحف الحضارة والمتحف الكبير، والمتاحف الفنية والتاريخية التي يصل عددها كلها لنحو 80 متحفا.. لا يوجد مكان في مصر من دون متحف».
وحول اتهامه بأنه من تسبب في تهريب آثار مصر للخارج، وإهدائها لبعض الشخصيات الهامة، قال: «أرجعت 21 ألف قطعة من إسرائيل، من (فم الأسد)، واسترددنا رأس (آمون) من فرنسا، واسترددنا آثارًا من أستراليا وإنجلترا وسويسرا، لصالح من كل ذلك؟ لمن يمكن أن أهدي شيئا لا يقدر بثمن من تراث بلادي.. في سنة 1987، حينما توليت الوزارة، كانت البعثات الأثرية حينما تكتشف خبيئة أثرية تحصل على 10 في المائة مما تم اكتشافه، ومنعت ذلك بتعديل القانون وبقرار وزاري ووقفت في مجلس الشعب من أجل ذلك، وقلت يكفي أنهم يحصلون على درجات علمية من كشوفهم الأثرية، فهل يعقل أن أكون أنا من فرطت في الآثار!».
ويضيف: «كنت أقوم بهذا للدولة وعملت مع جيش من وزارة الثقافة، أنشأت 18مؤسسة تعمل معا فلا يوجد وزير يعمل بمفرده، وكانت لدينا رؤية وفريق عمل واع وخيال جمعي.. هذه المؤسسات لا تزال تحرك الثقافة المصرية لكنها للأسف تفتقر إلى الخيال. على الرغم من طول مدة ولايتي لوزارة الثقافة فإنني أعتبرها قصيرة جدا بالنسبة للإنجازات التي تمت.. لم أتعب، رغم أنني كنت أود أن أستريح وأعطي مساحة أكبر لفني، لكنني كنت دوما حريصا على استكمال المشروعات التي بدأتها».
لكن بعض المشروعات التي بدأت في عهد الوزير السابق فاروق حسني لا تزال غير مكتملة، ومن بينها: متحف الحضارة، والمتحف الكبير، وترميم وتجديد المتحف اليوناني والروماني بالإسكندرية ثاني أقدم المتاحف في مصر، ومتحف الآثار الغارقة، وأيضا متحف نجيب محفوظ، التي توقفت بسبب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وما تبعها من تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية كبرى، إذ تعاقب على وزارة الثقافة 9 وزراء عبر 11 تغييرا وزاريا.
وحول رؤيته لتأثيرات ثورة 25 يناير الثقافية على مكانة مصر، قال: «أضرت بالطبع بالثقافة تحديدا، لأنه لا يوجد على الساحة مثقفون لديهم رؤية ثقافية واضحة، وهناك حالة ارتباك واضطراب بين المثقفين، في ظل غياب مفهوم جديد للعمل الثقافي، لا بد أن تتاح المساحة للشباب ونسمح لهم بالجنون المولد للإبداع، لا بد أيضا من معرفة الاحتياج الشعبي في هذا التوقيت، وكان خطأ فادحا فصل وزارتي الثقافة والآثار.. وللأسف الأضرار تزداد بمرور الوقت».
وعن مدى اتفاقه مع ما يقال بأن مصر فقدت مكانتها الثقافية وريادتها، قال مستنكرًا: «المنتج الثقافي المصري له بريقه ووهجه، فمصر دولة ثقافة، ليست دولة صناعة أو زراعة، وبها مئات من المتاحف والمكتبات ومبدعين وأنشطة، ما يدور هنا يؤثر على العالم العربي.. سهل جدا التأثير في العالم العربي، لكن لا بد أن ننجز أشياء جديدة. حينما كنت أجوب العالم العربي كنت أسعد بدور مصر في تنوير المنطقة أمام العالم الأوروبي، ولا أرى ضيرا أبدا في تقدم دولة عربية ثقافيا، لأن التعاون بين الدول العربية مهم، وتفوق أي دولة سينمائيا أو تشكيليا أو أدبيا كله لنا ويشرفنا أمام الغرب. حينما نجد مهرجانا عربيا ناجحا لا بد لنا جميعا أن نفخر به، سواء أكان في قرطاج أو أبوظبي أو دبي.. كل هذا يجعلنا نشعر بالفخر أمام الغرب. أجد أن دولة الإمارات تسير في الطريق الصحيح مع احتياجها لبعض التخطيط والرؤية بعيدة المدى لاستثمار ما بها من طاقات شبابية».
وحول متحف نجيب محفوظ الذي لا يزال متوقفا إلى الآن رغم مرور أكثر من 9 سنوات على وفاته، وما يقال عن أن حسني لم يهتم به أثناء حقبة توليه الوزارة، قال: «هذا أمر مضحك لأني دعيت (حرافيش) محفوظ، مع توفيق صالح والغيطاني والقعيد وسلماوي، اجتمعنا وأعطيتهم مسؤولية تأسيس المتحف، وجنيت مبلغا من صندوق التنمية الثقافية للمتحف، وكنت مستعدا لأي تسهيلات يحتاجها المتحف. بعضهم اعترض على المكان فقلت لهم ابحثوا عن المكان المناسب ولم يحدث أي شيء بعدها. كان في خيالي شيء آخر أكبر من مجرد متحف.. أن يكون هناك مركز للدراسات الأدبية لأدب محفوظ وليس مكتبة أو مقتنيات فقط، أتمنى أن يرى المتحف النور لأن محفوظ قيمة أدبية كبيرة في العالم العربي».
وحول نشاطه الفني في الفترة المقبلة، قال: «أعد حاليا لمتحفي الخاص، هو الذي سيبقى ليتحدث عني وعن أعمالي، وسيكون مقره بحي الزمالك، يجمع أعمالي ولوحاتي إلى جانب مقتنياتي الشخصية من الأعمال الفنية لكبار الفنانين في العالم ومن مصر أيضا، كما أعكف على تسجيل تجربتي في الترشح لليونيسكو في كتاب جديد، لأن بعض الأصدقاء نصحوني بتوثيقها لإفادة الآخرين، وهي بالفعل تجربة ثقافية ثرية أتطرق فيها إلى أسرار لم أكشفها من قبل عن علاقات بشخصيات دولية، وأحداث وملابسات الترشح، كما يلح علي الأصدقاء في مصر وفي الخارج بتوثيق يومياتي في وزارة الثقافة لكي يستفيد منها القائمون على العمل الثقافي».



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.