وصول المئات من اللاجئين السودانيين إلى الخرطوم بعد إبعادهم بالقوة من الأردن

الأمن حقق مع المبعدين وأخذ بصماتهم قبل إطلاق سراحهم

مئات من اللاجئين السودانيين في خيام مؤقتة امام المفوضية السامية لشوؤن اللاجئين في العاصمة الاردنية عمان (أ.ب)
مئات من اللاجئين السودانيين في خيام مؤقتة امام المفوضية السامية لشوؤن اللاجئين في العاصمة الاردنية عمان (أ.ب)
TT

وصول المئات من اللاجئين السودانيين إلى الخرطوم بعد إبعادهم بالقوة من الأردن

مئات من اللاجئين السودانيين في خيام مؤقتة امام المفوضية السامية لشوؤن اللاجئين في العاصمة الاردنية عمان (أ.ب)
مئات من اللاجئين السودانيين في خيام مؤقتة امام المفوضية السامية لشوؤن اللاجئين في العاصمة الاردنية عمان (أ.ب)

أبعدت السلطات الأردنية مئات اللاجئين السودانيين إلى بلادهم التي فروا منها بحثًا عن حياة أفضل، وهربًا من الحروب والنزاعات إلى بلادهم قسرًا، بعد أن اعتصموا قرابة شهر أمام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالعاصمة عمان، للمطالبة بتسريع عمليات توطينهم، منددين بما سموه «المماطلة» في توطينهم.
ووصل مطار الخرطوم أمس قرابة 300 لاجئ مبعد على متن ثلاث طائرات حتى عصر أمس، فيما ينتظر وصول الأعداد المتبقية تباعًا، ويقارب العدد المستهدف بالإبعاد 900 لاجئ، يدعون أنهم مقبولون كلاجئين، فيما تقول السلطات الأردنية إن مفوضية اللاجئين لم تقبل لجوءهم.
ووفقًا لمصادر صحافية فإن سلطات الأمن الأردنية هاجمت اللاجئين المعتصمين أمام مفوضية اللاجئين، وبينهم نساء وأطفال، ونقلتهم ليلة الأربعاء الماضي بالقوة، مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات للسيطرة عليهم، إلى مطار الملكة علياء لترحيلهم إلى بلادهم قسرًا. وأضافت أن اشتباكا بينهم وسلطة مكافحة الشغب نجم عن رفض بعضهم تسليم جوازات سفرهم، أدت إلى استخدام الغاز المسيل للدموع داخل المبنى الذي تم احتجازهم فيه، مما أصاب بعضهم بحالات اختناق، خصوصًا الأطفال والنساء.
بيد أن السلطات الأردنية تراجعت ليوم واحد، إثر تكاثف ضغوط المنظمات الحقوقية والنشطاء، لكنها أعادت في اليوم التالي مباشرة (ليلة الخميس - الجمعة) الكرة، وأبعدتهم قسرًا إلى الخرطوم، وذلك بالتنسيق مع السفارة السودانية، ومن بينهم المجموعة التي وصلت أمس، فيما ينتظر وصول الباقين تباعًا.
وأبلغت مصادر دبلوماسية بعمان «الشرق الأوسط» بأن كل السودانيين في الأردن بخير، بيد أنها تحفظت على الإدلاء بأية معلومات حول سوء المعاملة التي تعرضوا لها من قبل سلطات الأمن الأردنية، ونفت ما تردد عن حدوث وفيات اختناقًا بالغاز، وقالت: «في حدود علمنا لم يصل الحال بأي سوداني لمرحلة الموت».
وعلمت الصحيفة أن طاقم السفارة السودانية في عمان موجود في المطار منذ ليلة أمس لمباشرة تسفير المبعدين، ونقل المبعدين جميعهم إلى بلادهم، في غضون ساعات. ويناهز أعداد اللاجئين السودانيين في الأردن 3 آلاف لاجئ، دخلوا البلاد بصورة رسمية، بعضهم دخل لغرض العلاج، وقد منحت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 1136 منهم صفة لاجئ، فيما تبقت حالة 1105 منهم معلقة تحت الإجراء.
وأسهمت، حسب ما سماه البعض «مماطلة» مفوضية اللاجئين في إعادة توطينهم لبلدان أخرى، وتلكؤها في الإيفاء بالتزاماتها المادية تجاههم، لأن تسوء أحوالهم المعيشية، مما اضطر أكثر من 900 منهم للاعتصام أمام مبناها وسط عمان لقرابة الشهر، وهي المجموعة التي ألقت شرطة مكافحة الشغب الأردنية القبض عليهم وأبعدتهم إلى بلادهم.
ووفقًا لشهود من العائدين لمطار الخرطوم، فإن سلطات الأمن السودانية حققت معهم، وأخذت بصماتهم ونقلتهم إلى وسط الخرطوم بحافلات نقل ركاب، بعد أن منحتهم مبلغا ماليا قدره 60 جنيها سودانيا.
وقال العائد كمال عبد العزيز صالح لـ«الشرق الأوسط»، إنهم احتجوا على مماطلة المفوضية في توطينهم، واعتصموا أمام مقرها، فداهمتهم قوات الأمن الأردنية وتعاملت معهم بقسوة، ونقلتهم إلى المطار دون حتى أغراضهم الشخصية. وقال: «لقد سفروني ولم يتيحوا لي فرصة لجمع ملابسي، فوصلت بالملابس التي أرتديها، لكن الحمد لله وصلت وسأتصل بأهلي في الجزيرة».
ونقلت تقارير صحافية أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن، قدمت للمعتصمين مساعدات إنسانية، وفاوضت السلطات الأردنية للتراجع عن قرار الترحيل، بيد أنها لم تتخذ موقفًا محددًا من العملية.
وحطت في مطار الخرطوم حتى عصر أمس ثلاث طائرات نقلت جزءا من العدد المستهدف أكثر من 900 لاجئ، اعتبرتهم السلطات الأردنية مخالفين لإجراءات الهجرة، فيما يتمسكون بشرعية وجودهم كلاجئين.
ونقلت مقاطع فيديو تم تداولها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدثت عن تعرض اللاجئين للضرب والمعاملة القاسية لمقاومتهم قرار الترحيل، وهو ما رفضته الخارجية السودانية أول من أمس، وقالت إن من حق الأردن ترحيلهم لكن لا يحق لها الإساءة لهم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.