مساجد أميركية تنفق آلاف لدولارات لتأمين حمايتها

عضوا الكونغرس المسلمان: التصريحات الإسلاموفوبية» يائسة ودليل على الضعف

مساجد أميركية تنفق آلاف لدولارات لتأمين حمايتها
TT

مساجد أميركية تنفق آلاف لدولارات لتأمين حمايتها

مساجد أميركية تنفق آلاف لدولارات لتأمين حمايتها

يعيش مسلمو أميركا حالة خوف عامّة من تزايد جرائم الكراهية، وتضاعف المضايقات ضدهم في الأماكن العامّة. ورغم مساعي سياسيين وشخصيات أميركية مسلمة لطمأنة الجالية، فإن ارتفاع الاعتداءات ضد المساجد وأماكن تجمّع الجالية، ومحاولات قتل وطعن، وحملات الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي، حالت دون ذلك.
وقال إمام مسجد في فينيكس (ولاية أريزونا)، أسامة الشامي، لوكالة «رويترز» للأنباء أمس: «نحن دائما قلقون بشأن الهجمات الفردية»، لافتا إلى أن المسجد يتعاون مع وزارة الأمن الداخلي في التأكد من الإجراءات الأمنية لحماية المسجد والمصلين، وأن هذا التعاون بدأ بعد هجمات باريس في الشهر الماضي.
واعتقلت الشرطة رجلا للاشتباه في إضرامه النار في مسجد قرب بالم سبرنغ (ولاية كاليفورنيا)، فيما وصفته السلطات بأنه «جريمة كراهية». وتحقق الشرطة في «جريمة كراهية» محتملة أخرى في فيلادلفيا (ولاية بنسلفانيا) بعد أن ألقى شخص يقود شاحنة رأس خنزير على مسجد هناك. كما اضطر مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إلى إخلاء مكاتبه بالقرب من مبنى الكونغرس بعد تلقيه خطابا يحتوي على مسحوق أبيض. وقالت مها سيد، محامية في «كير»: وجدنا خطابا فيه عبارة: «موتوا موتا مؤلما أيها المسلمون مع المسحوق الأبيض»، وأضافت: «وصل خوفنا أعلى مستوياته منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. وذلك بسبب التصريحات المعادية للمسلمين».
قال رضوان جاكا، رئيس مسجد «آدامز» في دالاس (ولاية فرجينيا) من ضواحي واشنطن العاصمة، إن حراس أمن المسجد «رحلوا فجأة» بعد مذبحة سان برناردينو (ولاية كاليفورنيا) حيث قتل زوجان مسلمان 14 شخصا. وأضاف: «استقال حراس الأمن بسبب خوفهم من التعرض لأذى إذا وقعت ردود فعل عكسية. صار الناس خائفين حقيقة».
من جهته، قال محمد مجيد، إمام مسجد في الولاية، إن إجراءات الأمن تزايدت خلال نشاطات المسجد، خاصة بسبب مشاركة أطفال في كثير منها. وأضاف: «نشعر بقلق بسبب الشعور العدائي نحو المسلمين في كافة البلاد». وفي مسجد إيست بلانو (ولاية تكساس)، من ضواحي مدينة دالاس، قال نديم بشير، إمام المسجد، إنهم استأجروا حارسا مسلحا لأول مرة في تاريخ المسجد. وأضاف: «نحاول، في نفس الوقت، تكثيف جهودنا الإيجابية في المجتمع، ونحاول تحسين صورتنا». في حين أكّد أوبير كاتشي، إمام مسجد كورونا (ولاية كاليفورنيا)، بالقرب من سان برناردينو حيث وقع هجوم إرهابي أخيرا، أنه تمّ إنفاق عشرة آلاف دولار لزيادة الإجراءات الأمنية خلال أسبوعين. من جانبه، كشف مفتي إكرام الحق، إمام مسجد في ولاية رود إيلاند، أن المسجد يعتمد على تواجد الشرطة في أوقات الصلاة. وأضاف: «نملك نظام مراقبة تطوعية، ونغلق الأبواب، ووضعنا جهاز إنذار».
في سياق متصل، غرّد الملاكم المسلم محمد علي في صفحته على «تويتر» بأن على المسلمين الأميركيين تحاشي الخوف، وزيادة الثقة في أنفسهم.
أما كيث اليسون، أول عضو مسلم في الكونغرس إلى جانب أندريه كارسون، فدعا المسلمين، داخل وخارج الولايات المتحدة، إلى عدم السماح لتصريحات المرشح الجمهوري المحتمل في الانتخابات الرئاسية، دونالد ترامب، بتخويفهم، واصفا إياها باليائسة. وأضاف في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»: «أريد أن أكون صادقا مع نفسي، لست ناجحا في الاهتمام بالأشياء السلبية.. إذا أصبحت حساسا جدا، سيكون صعبا علي أن أعيش، وأرعى عائلتي، وأقوم بعملي، وأركز على أهدافي». وأضاف: «توجد رسالة أمل بالنسبة للمسلمين في تصريحات ترامب الغبية، وذلك لأنها تدل على يأس حقيقي. تدل على عدم ثقة، وعلى ضعف، وعلى خوف». وذكر اليسون مثلا أميركيا يقول: «يوجد خيط فضي (من الأمل) فوق السحب القاتمة».
وقالت: «واشنطن بوست» إن اليسون «أبدى ثقة بنفسه، وحماسا لعمله، وتركيزا على غاياته»، رغم أن زميله الديمقراطي من ولاية إنديانا، أندريه كارسون، المسلم الآخر الوحيد في الكونغرس، تلقى الأسبوع الماضي تهديدا بالقتل. ورغم تشكيك زميله الجمهوري من ولاية أيوا، ستيف كينغ، في وطنيته، قائلا إنه «لم يدن خطة استيراد الشريعة الإسلامية إلى بلدنا إدانات واضحة».
في المقابل، دعا اليسون المسلمين داخل وخارج الولايات المتحدة، إلى تعزيز الثقة بأنفسهم، وتقوية إيمانهم بدينهم، مضيفا: «أنا متفائل.. ولكن، مرات كثيرة أكون على حق. إذا نظرنا إلى التاريخ، والتغييرات الإيجابية فيه، لماذا لا نكون متفائلين؟ يجب على الذي يتشاءم أن لا يلوم إلا نفسه. أعتقد أن المتشائمين لا يفعلون أشياء إيجابية».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.