تهديد أمني يجلي 640 ألف طالب من مدارس لوس أنجليس

لم تحدد طبيعته.. والسلطات تفتش ألف مدرسة

رجل أمن يغلق الطريق المؤدية إلى مدرسة «إدوارد رويال هاي» بلوس أنجليس أمس (أ.ب)
رجل أمن يغلق الطريق المؤدية إلى مدرسة «إدوارد رويال هاي» بلوس أنجليس أمس (أ.ب)
TT

تهديد أمني يجلي 640 ألف طالب من مدارس لوس أنجليس

رجل أمن يغلق الطريق المؤدية إلى مدرسة «إدوارد رويال هاي» بلوس أنجليس أمس (أ.ب)
رجل أمن يغلق الطريق المؤدية إلى مدرسة «إدوارد رويال هاي» بلوس أنجليس أمس (أ.ب)

أمرت سلطات مدينة لوس أنجليس أمس بإغلاق جميع المدارس الحكومية بعد تلقي تهديد لم تحدد طبيعته يستهدف نظام المدارس وطلابها البالغ عددهم 640 ألفا، بحسب مسؤولين.
وصرح رامون كورتينز، مسؤول مدارس لوس أنجليس، بأنه أمر بإغلاق المدارس بعد أن أبلغته الشرطة عن تهديد «ضد الكثير من المدارس في هذه المنطقة». وذكرت منظمة مدارس لوس أنجليس الموحدة في تغريدة على «تويتر»: «جميع مدارس لوس أنجليس مغلقة اليوم بسبب تهديد قوي».
واستدعيت الشرطة وعناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) للمساعدة في تفتيش أكثر من ألف مدرسة في المنطقة، بحسب ما صرح كورتينز في مؤتمر صحافي، مضيفا أنه يتوقع اكتمال العملية بنهاية اليوم. وقال إن أحد أسباب اتخاذ هذا الإجراء الاستثنائي هو الهجمات التي وقعت في الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، وأدّت إلى مقتل 14 شخصا في سان برناردينو المجاورة. وأضاف: «أعتقد أنه من المهم أن أتخذ هذا الإجراء الاحترازي بناء على ما حدث مؤخرا، وما حدث في الماضي».
وأكد ستيفن زيبرمان، رئيس قسم شرطة مدارس لوس أنجليس، كذلك في المؤتمر الصحافي «في وقت سابق صباح الثلاثاء (أمس) تلقينا تهديدا بواسطة الإنترنت يتعلق بسلامة مدارسنا»، مضيفا: «بسبب حرصنا وحذرنا (..)اخترنا إغلاق مدارسنا اليوم حتى نتمكن من التأكد تماما أن مدارسنا أمنة».
وعقد المؤتمر الصحافي عند نحو الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي قبل بدء اليوم الدراسي لمعظم الأطفال. وقال ستيف زيمير، رئيس مجلس مدارس لوس أنجليس، إنه تم الاتصال بالعائلات التي أوصلت أطفالها إلى المدرسة للعودة واصطحابهم.
كذلك، استهدفت تهديدات أمس مدارس نيويورك لكن السلطات اعتبرت أنها «غير مثبتة». وأشار قائد شرطة نيويورك، بيل براتون، إلى رسائل إلكترونية وتهديد «شبه مماثل» لما حصل في لوس أنجليس، لكنه تدارك في مؤتمر صحافي: «لا ننظر إلى ذلك بوصفه تهديدا إرهابيا مثبتا».
بدوره، قال عمدة نيويورك بيل دي بلازيو في المؤتمر نفسه: «ليس هناك تهديد مثبت ضد أطفالنا ونحن مقتنعون تماما بأن مدارسنا آمنة». وبذلك، بقيت المدارس في نيويورك مفتوحة.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.