حزب «مستقبل وطن» لـ«الشرق الأوسط»: «دعم الدولة» يساهم في «فك» تركيبة البرلمان المعقدة

متحدثه الرسمي أكد أن الائتلاف ليس ظهيرًا للرئيس.. ورفض انضمام «النور» السلفي

حزب «مستقبل وطن» لـ«الشرق الأوسط»: «دعم الدولة» يساهم في «فك» تركيبة البرلمان المعقدة
TT

حزب «مستقبل وطن» لـ«الشرق الأوسط»: «دعم الدولة» يساهم في «فك» تركيبة البرلمان المعقدة

حزب «مستقبل وطن» لـ«الشرق الأوسط»: «دعم الدولة» يساهم في «فك» تركيبة البرلمان المعقدة

نفى أحمد سامي المتحدث باسم حزب «مستقبل وطن»، الذي حاز ثاني أكبر كتلة برلمانية في انتخابات مجلس النواب بمصر، أن يكون ائتلاف «دعم الدولة المصرية» يمثل ظهيرا سياسيا للرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف سيمارس دوره الرقابي تحت قبة المجلس، لافتا إلى أن «دعم الدولة» ليس في نيته احتكار القرار السياسي داخل البرلمان، بل عده أفضل وسيلة للتعامل مع التركيبة المعقدة للمجلس الذي انتخب مؤخرا.
ودشنت قيادات قائمة «في حب مصر»، التي فازت في الدوائر الأربع المخصصة لنظام القائمة، ائتلافا يضم ما يقرب من 400 نائب من المستقلين وأحزاب من بينها «مستقبل وطن»، الذي تأسس قبل نهاية العام الماضي، وحصل في الانتخابات البرلمانية على 53 مقعدا.
ويرأس «مستقبل وطن» محمد بدران رئيس اتحاد طلاب مصر الأسبق، أحد الشباب المقربين من الرئيس المصري، وهو الذي ظهر بجوار الرئيس عبد الفتاح السيسي على يخت «المحروسة الملكي» خلال حفل افتتاح مشروع قناة السويس الجديد في أغسطس (آب) الماضي.
وقال سامي إن حزبه مشارك في ائتلاف «دعم الدولة» بـ52 نائبا، رافضا ما يردده البعض من أن الائتلاف سيكون داعما للرئيس السيسي والحكومة، بقوله: لا بد أن تكون جميع المؤسسات في مصر داعمة للرئيس، لأن البرلمان ليس على خلاف مع الرئيس أو الحكومة.. وليس معنى ذلك أن الائتلاف لن ينتقد الرئيس أو الحكومة؛ بل سوف ينتقد الرئيس أو الحكومة حال الخطأ، مضيفا: لا بد على جميع الكيانات داخل البرلمان أن تكون داعمة للرئيس ما دام يعمل بإخلاص؛ لكن سيكون هناك حساب حال تقصيره هو أو الحكومة.
وأطلق الائتلاف وثيقة للنواب المنضمين له بتجردهم من انتماءاتهم الحزبية وميولهم الفكرية واتجاهاتهم السياسية، وهي الوثيقة التي أثارت حالة من الجدل في الأوساط السياسية والحزبية. واتهم حزب «المصريين الأحرار»، الحائز على الأكثرية في البرلمان، الائتلاف بأن تأسيسه يعد «مصادرة للحياة السياسية في مصر».
وتابع سامي بقوله: «توجيه الاتهامات من دون سند للائتلاف بأنه سوف يدعم الحكومة والرئيس حال التقصير، كلام غير صحيح.. فضلا عن أن الرئيس السيسي لا يحتاج أن يكون له أي ظهير، لأنه يعمل من أجل مصلحة مصر والمصريين بشهادة الجميع».
وعن وجود حزب «النور» السلفي، ممثل التيار الإسلامي في البرلمان، داخل الائتلاف، قال سامي إنه غير ممثل داخله، رافضا أن ينضم «النور» للائتلاف، بقوله: «غير مرحب به على الإطلاق.. و(مستقبل وطن) ضد طرح هذا الأمر من الأساس».
وحول وجود اتجاه للمطالبة بتغيير الحكومة الحالية، قال سامي، سوف ننتظر خطة عمل الحكومة التي من المقرر عرضها على البرلمان.. وبقاء الحكومة من عدمه مرهون بما ستقدمه من خطة خلال الفترة المقبلة.
وعن وجود اتجاه لدى بعض نواب البرلمان برفض ترشح رئيس البرلمان من المعينين، قال المتحدث باسم «مستقبل وطن»، وهو حزب عماده الرئيسي من الشباب، حيث يضم 120 ألف شاب على مستوى محافظات مصر، الحزب لديه شروط ومعايير واضحة في رئيس البرلمان، لو توفرت في أي من المنتخبين أو المعينين سيتم دعمه على الفور، مؤكدا أن المعينين هم أعضاء بالبرلمان ولهم كافة صلاحيات المنتخبين، وأن شخصية رئيس البرلمان من وجهة نظر «مستقبل وطن» لا بد أن تكون شخصية قانونية قادرة على الإدارة ومشهود لها بالكفاءة والخبرة السياسية.. والمهم أن نختار أفضل شخصية تستطيع أن تقود البرلمان.
ويملك الرئيس المصري حق تعيين 28 عضوا بنسبة لا تزيد على 5 في المائة من أعضاء المجلس، البالغ عددهم 568 عضوا، بينهم 448 فازوا في منافسات فردية و120 فازوا من خلال قوائم.
وحول وجود أسماء محددة لدى الحزب لرئاسة البرلمان، قال «سامي لا توجد أي أسماء، وننتظر المعينين، وحتى الآن لا توجد أسماء أعلنت ترشحها بشكل جاد لرئاسة البرلمان».. متسائلا: كيف أعلن دعمي لنائب وهو لم يترشح من الأساس.
وعن اللجان التي يرغب «مستقبل وطن» في المنافسة على رئاستها، أكد سامي أن حزبه يعتزم المنافسة على كل اللجان.. لكنه رهن ذلك باجتماع الهيئة البرلمانية للحزب، التي تجتمع لدراسة أهم الملفات والقوانين للعمل عليها داخل البرلمان.
وأكد المتحدث باسم «مستقبل وطن» أن حزبه بالحسابات هو من حقق أفضل نتيجة خلال الانتخابات، وليس «المصريين الأحرار»، الذي أسسه رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس في أبريل (نيسان) عام 2011 عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني).
وأوضح أن حزبه فاز بـ53 مقعدا من إجمالي 185 مقعدا كان ينافس عليها بنسبة نجاح 34 في المائة.. وهي نسبة كبيرة لحزب لم يمر إلا عام واحد على تأسيسه، في حين فاز «المصريين الأحرار» بـ65 مقعدا من إجمالي 227، بنسبه نجاح 21 في المائة، مضيفا: «كنا نستطيع أن نخوض الانتخابات بعدد كبير؛ لكن الظروف المالية للحزب لم تساعد على ذلك»، لافتا إلى أن حزبه عمل على الأرض بشكل أفضل، لذا تفوق على الأحزاب العريقة ذات التاريخ الكبير.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.