فرنسواز ساغان.. قيمة أدبية محدودة لعب الحظ دورًا في شهرتها

اهتمت بها الحياة الأدبية العربية منذ أكثر من 60 عامًا

فرنسوا ساغان
فرنسوا ساغان
TT

فرنسواز ساغان.. قيمة أدبية محدودة لعب الحظ دورًا في شهرتها

فرنسوا ساغان
فرنسوا ساغان

«ماذا بحق الله قد أوحى إليك بكتابة هذا؟» هكذا تساءل والدا فرنسواز كورييه (أصبحت تعرف فيما بعد باسم فرنسواز ساغان) حيث أطلعتهما ابنتهما - التي تبلغ من العمر ثمانية عشر عاما - على مسودة رواية كتبتها في الصيف الماضي. كان ذلك في ربيع 1954. وخلال أسابيع نشرت الرواية كان عنوانها «صباح الخير أيها الحزن» وغدت من أكثر الأحداث الأدبية في فرنسا إثارة، خاصة بالنظر إلى صغر سن مؤلفتها. وتذكر كيت ويب في «ملحق التايمز الأدبي» 2 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 أن المؤلفة الشابة غيرت اسمها ليصبح «ساغان» (أخذت الاسم من روايات مارسيل بروست) كما أن الرواية غيرت من حياتها. لقد أصبحت نجمة بين عشية وضحاها. وبعد أن حصلت على «جائزة النقاد» وصفها الروائي العجوز فرنسوا مورياك بأنها «هولة صغيرة ساحرة». ولكن ساغان وصفت نفسها بأنها مجرد فتاة عادية تريد أن تعيش حياة «النوادي الليلية والويسكي والسيارات من طراز فيراري، لا حياة الطهو والحياكة» التي كان المجتمع يفرضها على النساء. لقد غدت أشهر أديبة وجودية في فرنسا بعد سيمون دي بوفوار.
وبمناسبة مرور ستين عاما على نشر رواية «صباح الخير أيها الحزن» طلب ابن ساغان من آن بيريه وهي روائية وصحافية فرنسية - أن تكتب شيئا للاحتفال بالمناسبة، وكانت النتيجة في هذا الكتاب الجديد الذي نعرضه هنا: كتاب «ساغان: باريس في 1954» (الترجمة الإنجليزية بقلم هيذر لويدو 173 صفحة، الناشر: جاليك Anne Berest، Sagan: Paris 1954، English translation by Heather Lloyd، 173 pages، Gallic.
تصف آن بيريه كتابها بأنه «يوميات» الأشهر القصيرة القليلة التي استغرقها نشر رواية ساغان وذيوع صيتها. وتقحم بيريه في الكتاب بعضا من حياتها الشخصية: انفصالها عن زوجها، سعيها إلى التحرر الفكري، واكتشافها أعمال ساغان.
وينقل الكتاب، على نحو ما، أجواء الحياة في فرنسا عقب الحرب العالمية الثانية مع اهتمام (لا يستغرب من كاتبة أنثى) بالأزياء. وكانت أقرب صديقات ساغان إليها هي فلورنس ابنة الروائي آندريه مالرو الذي حارب في صفوف المقاومة الفرنسية ضد النازيين. وكانت الصديقتان نهمتين في القراءة تتبادلان الكتب. كذلك تصف بيريه الحياة الثقافية الفرنسية آنذاك بأنها كانت أبوية الطابع، يحكمها الرجال. فالخمسة عشر محكما الذين منحوا ساغان الجائزة عن روايتها كانوا جميعا - باستثناء واحدة - رجالا متقدمين في السن. وتقول بيريه إنهم ربما منحوها الجائزة لأن بطلة الرواية - وهي شابة في السابعة عشرة من العمر تدعى سيسيل - كانت تميل إلى الرجال الأكبر سنا. بل ربما أثارت في المحكمين رغبة خفية في إقامة علاقات معها!
ولكي تضع بيريه ساغان في سياقها الأدبي والاجتماعي تتذكر أدباء ومفكرين آخرين من معاصريها. كان جان كوكتو يرقب تطورها من بعيد. وربما مرت بعالم الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) كلود ليفي ستروس في الشارع. وذات مرة أبصرت ساغان الروائية مرجريت ديراس نائمة في عربة. والتقت بالشاعر والمخرج السينمائي الإيطالي بيير بولو بازوليني في مطعم (بعض هذه المقابلات من خيال بيريه لا في الواقع). وفي ختام كتابها تؤكد بيريه: «لقد كان من حظي الحسن أن أغدو موضع مودة خاصة من ساغان.. وكنا نتحدث معا كل يوم تقريبا».
لكن بيريه لا تقدم أي قراءة عميقة لرواية «صباح الخير أيها الحزن» وتركز بدلا من ذلك على التأثير الذي أحدثته ساغان فيها شخصيا. ولا يكشف كتابها، كما تلاحظ كيت ويب، عن عمق ملحوظ. لقد عجزت بيريه عن الخروج من نطاق ذاتها، ومن تجاوز نرجسيتها الخاصة، ومن ثم لم تتمكن من أن تسكن حقا داخل عقل ساغان.
وجدير بالذكر أن حياتنا الأدبية قد اهتمت بساغان منذ ستين عاما على الأقل. ففي يناير (كانون الثاني) 1955 نشر أنطون غزال (بمجمع اللغة العربية) مقالة عن رواية «صباح الخير أيها الحزن» في مجلة «الرسالة الجديدة» القاهرية أورد فيها قول الفيلسوف الفرنسي الوجودي المؤمن غابرييل مارسيل إن هذه الرواية «خطر على سمعة الفتاة الفرنسية!». وفي مطلع ستينات القرن الماضي ثارت ضجة حول ما تردد من أن رواية إحسان عبد القدوس «لا أنام» متأثرة برواية ساغان (كلتا الروايتين تصف شعور شابة بالحنق لأن أباها ينوي أن يتزوج مرة أخرى فتتدخل لتحول دون إتمام هذا الزواج الذي من شأنه أن يفرض قيودا على أسلوبها المتحرر في الحياة). وكتب الدكتور محمد مندور على صفحات جريدة «الجمهورية» يبرئ إحسان من تهمة السرقة، بل يفضل روايته على رواية ساغان. ودخل المعركة فؤاد دوارة الذي عقد في يونيو (حزيران) 1960 مقارنة ضافية بين الروايتين (انظر كتاب دوارة «في الرواية المصرية») مبينا أوجه التشابه والاختلاف بينهما. وممن هاجموا ساغان غالي شكري في كتابه «أزمة الجنس في القصة العربية» بينما أشاد بها (إن كان لإشادته من قيمة) جلال العشري في كتابه «صرخات في وجه العصر». والأمر المؤكد فيما يبدو لي هو أن الحظ قد لعب دورا كبيرا في ذيوع شهرة ساغان وأن قيمتها الأدبية محدودة. إن من الأدباء - والأدبيات بخاصة - من يلمع اسمه لأنه جاء مصادفة في لحظة تاريخية بعينها تعين على رفع القواعد من شهرته. وساغان نموذج لهذا النوع من الأدباء، فقد ظهرت روايتها في منتصف خمسينات القرن الماضي ولما ينقض على انتهاء الحرب العالمية الثانية عقد من الزمان. كانت فترة انقشاع للأوهام وانهيار للمعتقدات القديمة وازدهار للفلسفة الوجودية التي روج لها سارتر وسيمون دي بوفوار وكامو وأتباعهم. وقد جاءت كتابات ساغان ثمرة لهذه الظروف وتعبيرا عنها في آن.



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».