صديق مهاجمي كاليفورنيا تحدث عن وجود «خلايا نائمة» قبل الحادث

لاتيني معتنق للدين الإسلامي تكلم لساعات مع المحققين الفيدراليين

انريكي ماركيز زود
انريكي ماركيز زود
TT

صديق مهاجمي كاليفورنيا تحدث عن وجود «خلايا نائمة» قبل الحادث

انريكي ماركيز زود
انريكي ماركيز زود

لم يأخذ الجنود النظاميون الأمر على محمل الجد عندما تحدث إنريكي ماركيز عن تخطيط للإرهاب في حانة مورغان تافيرن – التي يعمل فيها ماركيز كحامل ثلج، ومنظف حمامات، وفاحص هويات على الباب. بعد أن احتسى القليل من القهوة، بدأ ماركيز في التحدث عن مشاكله المالية، ومحاولة إنقاص وزنه، والرغبة في الانضمام للبحرية الأميركية. ولم تكن التقارير الإخبارية حول الإرهاب سوى محفز للإكثار من حديث الحانة.
وقال نيك رودريغيز، زبون متكرر كان يعرف ماركيز على مدى السنتين الماضيتين: «كان يقول عبارات مثل: هناك الكثير من الأشياء التي تحدث حولنا. توجد عدة خلايا نائمة. وعندما يحدث ذلك، سيكون كبيرا. احترس». وتابع: «أخذنا الأمر على أنه مزاح. عندما تنظر للطفل وتتحدث معه، لم يكن أحد يأخذ كلامه على محمل الجد في ذلك».
لكن بعد تسعة أيام من قتل رجل وزوجته 14 شخصا في هجوم إرهابي، وخلال اجتماع محلي لوزارة الصحة في المقاطعة، أصبح ماركيز، 24 عاما، وهو صديق طفولة للزوج سيد رضوان فاروق، حاسما في التحقيق – حيث أشار إلى أنه حذر من هذا النوع من الهجوم عندما تواردت الأنباء حول الإرهاب على شاشة تلفزيون حانة ترافين.
وفي حين أنه خضع في البداية للفحص في مصحة للأمراض العقلية عقب مجزرة الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مقاطعة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، فإنه تحدث لساعات مع المحققين الفيدراليين بعد التنازل عن حقه في التزام الصمت وعدم تجريم نفسه، بحسب المسؤولين.
ويعتقد المحققون الفيدراليون أن ماركيز، وهو لاتيني معتنق للإسلام، يمتلك – أكثر من أي شاهد آخر – «مفاتيح» لفهم فاروق وزوجته تشفين مالك، ولتسليط الضوء على الأشخاص الذين كانا على اتصال بهم في السنوات التي سبقت الهجوم، وفقا لمسؤول كبير في وكالة إنفاذ القانون. وقُتِل الزوجان في تبادل لإطلاق النار مع قوات الشرطة.
ونيابة عن فاروق، اشترى ماركيز البندقيتين المستخدمتين في الهجوم، بحسب السلطات. وأخبر المحققين بأنه فعل ذلك في عام 2011 و2012. نظرا لأنه اعتقد أنه لن ينجح في التحقق بشأن خلفيته، وفقا لمسؤولين. ووصف ماركيز أيضا بالتفصيل كيف أنه هو وفاروق كانا يخططان معا لهجوم إرهابي آخر في عام 2012، بحسب السلطات.
ويبدو أنهما فزعا من الاعتقالات المتعلقة بحلقة إرهاب منفصلة في مقاطعة ريفرسايد جرت محاكمتها في عام 2012، وفقا للسلطات، حيث أُرسلا إلى سجن فيدرالي لتخطيطهما لقتل القوات الأميركية في أفغانستان.
وربما يتحول تعاون ماركيز مع المحققين لأن يكون ضارا بمستقبله. فإذا ثبت شراؤه البندقيتين لفاروق وزوجته، وتخطيطه لتنفيذ هجوم في 2012، فإنه بذلك يكون قد ارتكب جرائم فيدرالية تتلقى عقوبات قاسية، حسب قول مسؤولي إنفاذ القانون. وبينما تقول السلطات إنها ممتنة لتعاونه، من المؤكد تقريبا أنها ستوجه اتهامات له، بحسب المسؤولين. ولم يتلق ماركيز أي تهم بارتكاب أي جريمة حتى الآن، وأخبر المحققين بأنه لم يكن يعرف أن الزوجين يخططان لإطلاق النار على مركز للرعاية الاجتماعية في سان برناردينو. لكن دور ماركيز يحمل أهمية خاصة، نظرا لأن مسؤولي مكافحة الإرهاب يعتقدون أنه يمثل سلسلة أشخاص سريعي التأثير على هامش الحياة مع عدم وجود صلات واضحة أو تعاطف مع الجماعات الإرهابية، الذين قد يكونون مدفوعين نحو العنف.
وبينما يبحث المحققون في حياة ماركيز، أصبحوا يشتبهون الآن في أن فاروق ومالك كانا في مراحل التخطيط النهائية للهجوم على موقع أو مبنى، ربما مدرسة أو كلية مجاورة بها عدد من الأشخاص أكبر من عدد الموجودين بمركز الرعاية الاجتماعية، وفقا لمسؤول في الكونغرس تلقى إحاطات من وكالة إنفاذ القانون.
وكان فاروق قد حطم هواتفه المحمولة وأخذ خطوات لحذف ملفات الكومبيوتر، غير أن المحققين استطاعوا استرجاع الصور، بما فيها صورة لمدرسة ثانوية محلية. وفي يوم الخميس، بدأ الغواصون في البحث في بحيرة في سان برناردينو، حيث تشتبه السلطات في أن المشتبه بهما ألقيا بإلكترونيات تساعد في تجريمهما، بما في ذلك قرص صلب لجهاز الكومبيوتر.
ولعدة أيام، قبعت أسرة ماركيز في منزلها المظلل بالنخيل، حيث لا تزال النوافذ المحطمة وباب المرأب المكسور علامات باقية للمداهمات التي قام بها الوكلاء الفيدراليون. وتحدثت والدة ماركيز، أرميدا شاكون، للصحافيين يوم الخميس، قائلة إن نجلها وفاروق كانا مجرد صديقين، وإن نجلها هو شخص جيد. ومن غير المعروف إذا ما كان لديه محام أم لا.
* خدمة «نيويورك تايمز»
ومنذ أن كان طفلا يترعرع في منزل لونه بيج على مستوى واحد في كتلة سكنية متنوعة عرقيا في ضواحي ريفرسايد، اقترب ماركيز من فاروق وأسرته. وكانا يصلحان السيارات في دروبهما.
اعتنق ماركيز الدين الإسلامي، وكان يحضر في مسجد واحد على الأقل من المساجد التي ترتادها أسرة فاروق. وعندما تزوج شقيق فاروق الأكبر، سيد رحيل فاروق، من مصففة شعر روسية تدعى تاتيانا غيغليوتي، كان ماركيز أحد الشهود. وكان الشاهد الآخر هو فاروق.
وخلال العام الماضي، تزوج ماركيز من شقيقة زوجة رحيل فاروق. ولاحقا أخبر صديقا وأشخاصا آخرين في حانة مورغانز تافيرن بأنه كان زواجا صوريا لأغراض الهجرة. وذكر زبائن الحانة أنه قال لهم بأنه تلقى مبلغ 5000 دولار أو 10000 دولار للزواج من شقيقة غيغليوتي، ماريا شرنيخ.
وكان ماركيز يعمل كحارس أمن في متجر وول مارت محلي منذ مايو (أيار)، لكن الشركة قررت الاستغناء عنه، بحسب ديشا بارنيت، المتحدثة باسم وول مارت.
وكان قد ذكر اسم بنادق مرة واحدة على الأقل لرودريغيز، صديقه في شرب الكحول بحانة مورغانز تافيرن. كان ماركيز يتفاخر هذه المرة بعمله كحارس أمن. لكن رودريغيز قال: «كان يتحدث عن بطاقة التأمين الخاصة به. وقال شيئا عن امتلاك بنادق».
لكن مجددا، وفقا لرودريغيز، لم يأخذ أحد هذا الادعاء على محمل الجد.
كان ماركيز يتحدث أحيانا عن الإسلام. وكان يقدم مباشرة من المسجد إلى الحانة، لكن رودريغيز أشار إلى أن هذا لم يردعه عن السكر، حتى رغم تحريم الإسلام الخمر. كما لم يتجنب ماركيز أكل لحم الخنزير، على الأقل لاحظه رودريغيز كذلك.
وتابع رودريغيز: «كان يأتي ويقول إنه جاء للتو من الصلاة. وكنت أراه بعدها وهو يشرب الكحول، وهو أمر لم أفهمه أبدا»، مضيفا أنه لا يعرف أي مسجد كان يحضره ماركيز. ولم يتحدث ماركيز أبدا عن أي كراهية تجاه إسرائيل أو عن الحرب في العراق أو أفغانستان، وفقا لرودريغيز.
ويمتلك الأشخاص من مسجدين محليين على الأقل ذكريات لماركيز. فقبل عامين تقريبا، عمل لفترة وجيزة في مكتبة بالمركز الإسلامي في ريفرسايد، بحسب المصلين هناك. وقال أحد المصلين يدعى أحمد زهران: «أتذكره. كان يأتي ويقول: مرحبا، كيف حالك؟». لكنهما لم يتعمقا في الحديث مع بعضهما البعض أبدا. وتابع زهران: «لم يكن هناك شيء ينذر بالخطر عنه، كما لم يتم الإبلاغ عن أي شيء يتعلق بذلك الأمر».



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.