البنتاغون يسعى لإنشاء قواعد عسكرية في الخارج لمحاربة «داعش»

تستخدم في جمع المعلومات وتنفيذ الهجمات ضد التنظيم الإرهابي في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط

جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)
جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)
TT

البنتاغون يسعى لإنشاء قواعد عسكرية في الخارج لمحاربة «داعش»

جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)
جنود وضباط أميركيون في قاعدة التاجي الجوية بالعراق (نيويورك تايمز)

في الوقت الذي تتصارع فيه أجهزة الاستخبارات الأميركية مع التوسع المطرد لتنظيم داعش خارج مقره في سوريا، تقدمت وزارة الدفاع الأميركية بخطة جديدة إلى البيت الأبيض لبناء سلسلة من القواعد العسكرية في أفريقيا، وجنوب غربي آسيا، والشرق الأوسط.
ويمكن استخدام القواعد الجديدة في جمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ الهجمات ضد التنظيم الإرهابي والأذرع البعيدة الموالية له.
ولقد أدى نمو الأذرع الموالية للتنظيم الإرهابي - وهي ثماني جماعات متطرفة على الأقل من التي تعهدت بالولاء لقادة التنظيم حتى الآن - إلى نشوء الجدل داخل الإدارة الأميركية حول كيفية التمييز بين الأذرع الموالية التي تشكل أقرب التهديدات خطورة على الولايات المتحدة وأوروبا والآخرين من ذوي الاهتمامات الإقليمية. والجماعات الإقليمية، كما يقول بعض المسؤولين الأميركيين، ربما قد انتهزت الفرصة لاعتماد شعار وأسلوب «داعش» في العمل لتعزيز النفوذ المحلي الذي تتمتع به، بالإضافة إلى المكانة العالمية.
وفي خضم الجدل القائم، أخبر كبار المسؤولين العسكريين البيت الأبيض أن شبكة القواعد العسكرية الجديدة سوف تكون بمثابة مراكز لعمليات القوات الخاصة وعملاء الاستخبارات الذين قد ينفذون عمليات الاستخبارات المضادة في المستقبل المنظور. ومن شأن الخطة المقترحة ضمان استمرار ما يسميه مسؤولو البنتاغون «الوجود العسكري الأميركي المستدام» في بعض من أكثر مناطق العالم اضطرابا وسخونة.
وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية أن الاقتراح لنظام بناء القواعد الجديدة، والمقدم إلى البيت الأبيض من قبل الجنرال مارتن إي. ديمبسي خلال أيامه الأخيرة كرئيس لهيئة الأركان المشتركة، لم يكن مقصودا منه أن يبدو كمقترح محدد من قبل وزارة الدفاع الأميركية لمحاربة الأذرع الموالية لتنظيم داعش، والمعروف كذلك اختصارا باسم (ISIS) أو (ISIL). وقال المسؤولون إن المقصود من الخطة المقدمة بالأساس هو إعادة النظر في الكيفية التي ترى المؤسسة العسكرية ذاتها من خلالها في مواجهة مهام مكافحة الإرهاب المستقبلية، ولكن المخاوف المتزايدة من تهديدات تنظيم داعش المتفاقمة قد ألقت بطابع ملح جديد على المناقشات الحالية.
هذا وقد رفض البيت الأبيض التعليق على المداولات الداخلية المستمرة. ولقد لاقت الخطة المقترحة بعض المعارضة من جانب مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية والمعنيين بالمزيد من الوجود العسكري الأميركي في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، وفقا لبعض المسؤولين الأميركيين من ذوي الاطلاع والدراية على المناقشات. ولقد حذر الدبلوماسيون المخضرمون من نزعة العسكرة المستمرة للسياسة الخارجية الأميركية في الوقت الذي طورت فيه وزارة الدفاع علاقات جديدة مع الحكومات الأجنبية الطامحة في الحصول على المساعدات العسكرية.
وقال المسؤولون إن المقترح المقدم ظل قيد المناقشة لفترة من الوقت، بما في ذلك الأسبوع الحالي أثناء رئاسة الرئيس باراك أوباما لاجتماع مجلس الوزراء في البيت الأبيض. وبعد فترة وجيزة من تقاعد الجنرال ديمبسي في سبتمبر (أيلول)، أشار السيد آشتون كارتر، وزير الدفاع الأميركي، إلى الخطة في خطاب موجز ألقاه في واشنطن. حيث صرح قائلا: «نظرا لصعوبة التنبوء بالمستقبل، فإن تلك القواعد الإقليمية - من مورون في إسبانيا حتى جلال أباد في أفغانستان - سوف توفر لنا مراكز متقدمة للاستجابة حيال مجموعة من الأزمات الإرهابية وغيرها. كما أنها سوف تمكن من الاستجابة لأحادية للأزمات، وتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب، أو توجيه الضربات للأهداف عالية القيمة».
ولا يرى المخططون في البنتاغون المقاربة الجديدة مكلفة بشكل كبير على الميزانية الأميركية وفقا للمعايير العسكرية. حيث قدر أحد المسؤولين أنها قد تتكلف عدة ملايين من الدولارات، والموجهة بالأساس لسداد رواتب الجنود، والمعدات، وبعض التحسينات في القواعد.
ولكي تتاح فرص النجاح للمقاربة الجديدة، كما يقول المحللون، فإن القادة الإقليميين الأميركيين، إلى جانب الدبلوماسيين والجواسيس سوف يعملون عن كثب سويا مع واشنطن - وهو الأمر الذي لا يحدث كثيرا الآن - وذلك لمواجهة التهديدات التي لا تعترف بالحدود. يقول فيكرام جيه سينغ، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية ووزارة الخارجية، ويشغل حاليا منصب نائب رئيس شؤون الأمن القومي والسياسة الدولية لدى مركز التقدم الأميركي: «لا يمكننا ترك ذلك الأمر لقيادة حاملات الطائرات».
ويقول المسؤولون إن البنتاغون تقدمت بهيكل جديد للقواعد ذلك الذي يتضمن أربعة «محاور» - بما في ذلك توسيع القواعد الحالية في جيبوتي وأفغانستان - وقواعد أخرى «مصغرة» أو منشآت أساسية، في الدول التي قد تتضمن النيجر والكاميرون، والتي تجري الولايات المتحدة فيها حاليا عمليات مراقبة بالطائرات من دون طيار، أو سوف تبدأ في تنفيذها قريبا.
وقال مسؤولون في البنتاغون إن المحاور المذكورة سوف تتراوح من حيث الحجم لاستيعاب نحو 500 إلى 5 آلاف جندي، وأن التكلفة المحتملة سوف تقترب من عدة ملايين من الدولارات في العام، وأغلبها في نفقات المجندين. كما أن الأمر سوف يستلزم كذلك موافقة الدولة المضيفة.
تمتلك المؤسسة العسكرية الأميركية في الوقت الراهن ما يكفي من القواعد لتنفيذ التوسع المرتقب. وعبر السنوات العشر الماضية أو نحوها، عملت وزارة الدفاع الأميركية ما كان يُعرف بقاعدة للفيلق الأجنبي الفرنسي في جيبوتي، في منطقة القرن الأفريقي، إلى مقرات للقيادة العسكرية الأميركية تلك التي تستوعب ألفين جندي أميركي للعمليات العسكرية في شرق أفريقيا واليمن.
وبالمثل، كان الجيش الأميركي يستخدم كوكبة من مهابط الطائرات في أفريقيا، بما في ذلك إثيوبيا وبوركينافاسو، في عمليات المراقبة بواسطة الطائرات من دون طيار أو الطائرات العسكرية فائقة السرعة التي تبدو مثل طائرات الركاب المدنية، في عمليات جمع الاستخبارات حول الجماعات المسلحة عبر الأجزاء الشمالية من القارة. كما أن هناك محورا عسكريا أميركيا في الشرق الأوسط، يحتمل أن يكون مقره في أربيل بشمال العراق حيث يوجد 3500 جندي أميركي في العراق.
ومن شأن المقاربة الجديدة محاولة وضع سلسلة من القواعد الموجودة بالفعل ضمن نظام موحد ومتماسك يكون مؤهلا لمواجهة التهديدات الإقليمية من تنظيم داعش، على نحو ما قال أحد المسؤولين البارزين في البنتاغون إن المقترح الجديد لا يزال في طور المناقشات التمهيدية، مع أن عدد من المسؤولين يدعون إلى إقامة سلسلة كبيرة من القواعد الجديدة في غرب أفريقيا، وغيرها من البلدان، إدراكا منهم للمخاوف حيال الوجود العسكري الأميركي الكبير في القارة السمراء، حيث قالوا إن المحور الأساسي لعمليات غرب أفريقيا يمكن نقله إلى جنوب أوروبا. وأن العدد الإجمالي الذي يقترحونه لأية قاعدة عسكرية أميركية في أفريقيا يجب ألا يتجاوز 500 جندي على أكثر تقدير.
* خدمة: «نيويورك تايمز»



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.