اجتماعات مكثفة لـ«الهيئة العليا التفاوضية» في الرياض استعدادًا للمفاوضات مع النظام

عينت يوم أمس ناطقين باسمها.. وتعمل على النظام الداخلي واختيار اللجنة المفاوضة

لاجئون سوريون يسجلون أنفسهم في مكتب مفوضية اللاجئين في العاصمة الأردنية أمس. أكثر من ألف لاجئ سوري تمت مقابلتهم أمس لإمكانية نقلهم إلى كندا (رويترز)
لاجئون سوريون يسجلون أنفسهم في مكتب مفوضية اللاجئين في العاصمة الأردنية أمس. أكثر من ألف لاجئ سوري تمت مقابلتهم أمس لإمكانية نقلهم إلى كندا (رويترز)
TT

اجتماعات مكثفة لـ«الهيئة العليا التفاوضية» في الرياض استعدادًا للمفاوضات مع النظام

لاجئون سوريون يسجلون أنفسهم في مكتب مفوضية اللاجئين في العاصمة الأردنية أمس. أكثر من ألف لاجئ سوري تمت مقابلتهم أمس لإمكانية نقلهم إلى كندا (رويترز)
لاجئون سوريون يسجلون أنفسهم في مكتب مفوضية اللاجئين في العاصمة الأردنية أمس. أكثر من ألف لاجئ سوري تمت مقابلتهم أمس لإمكانية نقلهم إلى كندا (رويترز)

دخل «اتفاق الرياض» بين أطياف المعارضة السورية والفصائل المسلحة في مسار الحل السياسي، وبدأت «الهيئة العليا التفاوضية» التي تشكّلت في ختام المؤتمر، اجتماعاتها يوم أمس، بهدف تنظيم أمورها ووضع خطة عملها في المرحلة المقبلة، استعدادا لخوض المفاوضات مع النظام، استنادا إلى «بيان جنيف» الصادر في يونيو (حزيران) عام 2012، والمتوقع عقدها في بداية العام المقبل.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم أمس: «لا تزال هناك بعض المسائل التي تحتاج إلى حل، بغية التوصل إلى اتفاق بين جماعات المعارضة السورية بشأن الانضمام لمحادثات السلام السورية، لكنه أشار إلى أنه واثق من أنها قابلة للحل». وقال كيري للصحافيين على هامش محادثات المناخ في باريس: «هناك بعض المسائل ومن الواضح وفقا لتقييمنا أن هناك بعض العقد التي تحتاج إلى حل. وأنا واثق أنّها ستحل».
وقال الناطق باسم الهيئة التفاوضية، سفير الائتلاف الوطني لدى فرنسا، منذر ماخوس: «عقدت الهيئة يوم أمس الاجتماع الأول لها وتم خلاله تعيين 3 ناطقين باسمها، هم إلى جانب ماخوس، رياض نعسان آغا (من المستقلين) وسالم المسلط (عضو الائتلاف)». وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن مهمة الهيئة في المرحلة المقبلة لن تكون سهلة، وسيتم العمل على وضع نظام داخلي لها وتعيين لجان وتحديد مهامها، بحيث تشكّل مؤسسة جديدة تمثل المعارضة بكل ما للكلمة من معنى، موضحا أنّ «الاجتماعات ستبقى مفتوحة وحدّد يوم الخميس المقبل موعدا لتعيين رئيس أو منسّق أو أمين عام للهيئة، بحسب ما تتوصل إليه النقاشات بين الأعضاء، إضافة كذلك إلى فرز المجموعة التي ستتولى مهمة التفاوض مع ممثلي النظام، إلى جانب عدد من المستشارين الذي يفترض أن يتم استقطابهم من الكفاءات العالية، والذين قد يكونون من خارج المنتمين إلى المعارضة». وفيما أشار إلى أنّ الهيئة بانتظار تحديد عدد المفاوضين المطلوب اختيارهم من أعضائها من قبل فريق عمل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أشار إلى أن أحد أعضاء فريقه كان قد قال إنهم سيكونون نحو 15 شخصا.
ورأى ماخوس، أن ما حققته المعارضة في مؤتمر الرياض بدعم من السعودية التي اكتفت بالدعم اللوجستي وحرصت على إبقاء الحوار سوريًا - سوريًا، هو اختراق حقيقي، مضيفا: «ما تم إنجازه للمرة الأولى في تاريخ المعارضة السورية بجمع معظم أطياف المعارضة، ولا سيما العسكرية منها التي تشكّل العمود الفقري في أي حلّ قد يتم التوصل إليه، لا سيما في ظل الاختلافات العقائدية لدى بعضها، ترك شعورا تفاؤليا لدى الجميع».
وفيما أكّد ماخوس، أن المعارضة توافقت على العمل للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية موحدة وتعددية، لم ينف الصعاب التي قد تواجهه في ظل غياب الأكراد، ولا سيما «حزب الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات حماية الشعب الكردية، التي تسيطر على أجزاء من سوريا، عن مؤتمر الرياض»، وقال: «تذليل هذه العقبات التي تحتاج إلى بعض الوقت سيكون رهنا بالتطورات اللاحقة وموقف حزب الاتحاد والوحدات من النظام السوري، كما أن نجاح عملية التفاوض من شأنه تسهيل هذه المهمة»، مضيفا: «في النهاية ليس لدينا إلا خيار التواصل معهم».
ويشترط الاتفاق الذي تم التوصل إليه إثر مؤتمر ليومين شاركت فيه قرابة مائة شخصية سياسية وممثلة لفصائل عسكرية، رحيل الرئيس بشار الأسد مع «بدء المرحلة الانتقالية». رغم ذلك، يرى مشاركون في المؤتمر ومحللون أنه شهد تقديم تنازلات لافتة من الفصائل.
من جهته، يعتبر لؤي حسين، رئيس «تيار بناء الدولة»، وهو جزء من معارضة الداخل، أن بيان الرياض هو «بداية العملية السياسية التي تم الاتفاق عليها في فيينا».
ويضيف أن الفصائل «قبلت أن تدخل في عملية سياسية»، لكن «دخول المفاوضات مثل دخول الحرب، تعرف أن تبدأها لكن قد لا تنهيها كما تشاء».
وقبل وقت قصير من إعلان الرياض، أعلنت حركة «أحرار الشام»، إحدى أبرز الفصائل المقاتلة في مناطق مختلفة من سوريا، انسحابها من المؤتمر. إلا أن مصادر عدة في الرياض أكدت أن الحركة وقعت البيان الختامي الذي شمل تشكيل «هيئة عليا» للتفاوض مع النظام خصص نحو ثلث أعضائها الـ33 للفصائل المسلحة.
وأتى اتفاق المعارضة السورية عشية لقاء يعقد في جنيف بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة، وقبل أيام من اجتماع لمجموعة فيينا في نيويورك في 18 ديسمبر (كانون الأول).
ويقول الأستاذ المحاضر في جامعة إدنبره توما بييريه إن «بيان الرياض لا يزال يريد أن يرحل الأسد، وهذا طبعا غير مقبول بالنسبة للنظام».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.