إردوغان يؤكد وجود القوات التركية في العراق

بغداد تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن يدين «انتهاك أنقرة» لأراضيها

رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أنقرة أمس (أ. ف. ب)
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أنقرة أمس (أ. ف. ب)
TT

إردوغان يؤكد وجود القوات التركية في العراق

رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أنقرة أمس (أ. ف. ب)
رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لدى استقباله رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في أنقرة أمس (أ. ف. ب)

في وقت وصل فيه وفد تركي رفيع المستوى إلى بغداد، أعلنت الحكومة العراقية أمس، أنها بدأت سلسلة اتصالات مع المجتمع الدولي من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن يدين «الانتهاك التركي للسيادة العراقية»، بعدما نشرت أنقرة مئات الجنود والدبابات في محافظة الموصل شمال العراق.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد جمال في بيان له، إن «سفراء الدول الخمس دائمة العضوية المعتمدين لدى بغداد، اعتبروا خلال اجتماعهم بوزير الخارجية إبراهيم الجعفري دخول قوات تركية أنه خرق لسيادة العراق»، موضحا أن «السفراء أكدوا رفض بلدانهم لهذا الخرق والانتهاك من قبل الجانب التركي». وأضاف أن «السفراء تعهدوا بمساندة موقف العراق في مجلس الأمن».
وفي سياق متصل، وعشية وصول وفد تركي رفيع المستوى إلى بغداد لبحث تداعيات الأزمة، فقد استضافت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي السفير التركي في بغداد الذي أكد بدوره أن محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي طلب إرسال القوات التركية إلى الموصل. وقال عضو اللجنة ومقرر البرلمان عماد يوخنا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بصرف النظر عن التبرير الذي قدمه السفير، فإن دخول قوات أجنبية إلى أي دولة لا يمكن أن يتم إلا عن طريق طلب تقدمه الحكومة المركزية أو في سياق اتفاقية أو معاهدة موقعة بين الدولتين وليس عبر اتفاقات جانبية»، مشيرا إلى أن «ذلك يدخل في إطار خرق السيادة الوطنية، وهو أمر لا يمكن القبول به».
وأشار يوخنا إلى أن «السفير التركي أكد أن بلاده أرسلت مدربين وهم متمركزون في المعسكر القريب من بعشيقة، وما تم إرساله من قوات هو لغرض حماية هؤلاء المدربين». وحول الإجراءات التي يمكن أن تتبعها الحكومة العراقية حيال ذلك أكد يوخنا، أن «الحل دبلوماسي بالدرجة الأساس، وقد بدأت بالفعل محاولات التهدئة بين الطرفين، حيث إن تركيا شريك تجاري مهم للعراق وهي لا تسعى إلى التصعيد».
ومن جهته، أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس أن «من غير الوارد سحب بلاده لقواتها من العراق بعدما اتهمتها بغداد بنشر جنود دون موافقتها»، وأكد إردوغان في مؤتمر صحافي أن «القوات التركية موجودة في العراق لتدريب مقاتلي البيشمركة وليس لأغراض قتالية».
وأعلن عن اجتماع ثلاثي بين تركيا والولايات المتحدة والسلطات الكردية في شمال العراق، سيعقد في 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لكنه لم يذكر أي احتمال للاجتماع مع السلطات في بغداد.
وذكر إردوغان أن «القوات التركية موجودة في قاعدة عسكرية بشمال العراق بطلب من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي منذ 2014، لكن العراق لم يجعل من ذلك مشكلة حتى هذا الأسبوع». وأضاف إردوغان أن العبادي «يعرف كل هذا وجرى بعلمه.. الآن اسألوا الرجل أين كنت عندما أسسنا المخيم؟ لم ينبس ببنت شفة منذ ذلك التاريخ.. والآن يثيرون هذا الموضوع بناءً على بعض التطورات في المنطقة».
وفي أنقرة حيث بدأ رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وساطة بين بغداد وأنقره لحل أزمة التوغل التركي في الأراضي العراقية، أعلن بارزاني في مؤتمر صحافي، أن «هناك سوء تفاهم بين العراق وتركيا» في دخول القوات التركية إلى معسكر في أطراف مدينة الموصل الأسبوع الماضي. وأضاف بارزاني: «نحاول حل الأمر، واتصلت برئيس الوزراء حيدر العبادي وبوزير الدفاع قبل زيارتي إلى تركيا، هناك سوء تفاهم بين الطرفين، وتم تضخيم المشكلة أكثر من اللازم»، لافتا إلى أن «معسكر المتطوعين لتحرير الموصل أنشأ سابقا بموافقة الحكومة العراقية».
وكان مجلسا الوزراء والنواب العراقيين خوّلا رئيس الوزراء حيدر العبادي اتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع دخول قوات تركية إلى البلاد.
وفي هذا السياق، أعلن عضو البرلمان العراقي وعضو لجنة الأمن والدفاع كاظم الشمري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأجواء بدأت تتجه نحو الانفراج سواء على صعيد استضافة لجنة الأمن والدفاع السفير التركي الذي قدم مبرراته أمام اللجنة أو وصول وفد تركي إلى بغداد أو زيارة بارزاني إلى أنقرة، حيث إن كل هذا الحراك يعني أن محاولات تطويق الأزمة يمكن أن تكون قد اكتملت بمن في ذلك إبلاغ العراق الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن».
وأضاف أن «هذا التحرك سيضع الأزمة في سياقها الصحيح ويفك الكثير من العقد والمسائل غير الواضحة فيها سواء على صعيد وجود اتفاقية قديمة بين العراق وتركيا أو على صعيد طلب هذه الجهة أو تلك لتركيا إدخال قوات. وبالتالي، فإن المباحثات التي ستجري بين الجانبين سوف تضع حدا لهذا التخبط والبدء بصياغة جديدة للعلاقة مع تركيا كبلد جار للعراق ويرتبط معه بعلاقات جيدة على كل المستويات».
وأصدر وزير التجارة العراقي محمد شياع أمرا وزاريا يقضي بإلغاء المكتب التجاري العراقي في إسطنبول، وأعلن شياع على موقع «فيسبوك» أنه «تم إصدار أمر وزاري بإلغاء المكتب التجاري في إسطنبول وإعادة الموظفين إلى مقر الوزارة في بغداد».
وأعلنت وزارة التخطيط، أن «حجم التبادل التجاري مع تركيا يبلغ من 10 إلى 12 مليار دولار سنويا». وقال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح صحافي أمس، إن «أغلب المواد التي يستوردها العراق من تركيا هي المنتجات الغذائية والملابس والأجهزة الكهربائية».
وأوضح أن «حجم التبادل التجاري مع تركيا لعام 2014 يتراوح بين 10 و12 مليار دولار»، مؤكدا أن «الوزارة لم تصدر حتى الآن إحصائية التبادل التجاري مع تركيا لعام 2015».
ويأتي الإعلان عن حجم التبادل التجاري هذا في وقت أعلنت فيه وزارة التجارة العراقية إلغاء الملحقية التجارية في السفارة العراقية بأنقرة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.