شاشة الناقد: «غرفة» Room ‬

لقطة من «غرفة»
لقطة من «غرفة»
TT

شاشة الناقد: «غرفة» Room ‬

لقطة من «غرفة»
لقطة من «غرفة»

- إخراج: لني إبراماسون
- تمثيل: بري لارسن، جاكوب ترمبلاي، شون بردجز، جوان ألن، ويليام هـ. مايسي.
- تقييم الناقد: ‬ *** (من خمسة).
يضع «غرفة» المشاهد على حافة كرسيه متابعًا ما قد يكون مستوحى من واقعة حدثت بالفعل، ولو أن كاتبة الرواية والسيناريو إيما دونوهيو تذكر في أحاديثها أنها لم تقتبس الكتاب من أي حادثة، رغم التشابه بين ما نراه على الشاشة وقضية جنائية تم رفعها إلى المحكمة في النمسا في عام 2008، عندما تم الكشف عن امرأة حبسها والدها وأطفالها لخمس وعشرين سنة، واعتدى عليها أكثر من مرّة، إلى أن تمكنت من الهرب والتوجه إلى البوليس الذي داهم الأب واقتاده إلى التحقيق، ومن ثم إلى السجن المؤبد، الذي ما زال يحيا فيه إلى الآن.
إيما دونوهيو تعترف بأنها سمعت بتلك القضية، لكنها تؤكد، ومن يقرأ كتابها المعنون بالاسم ذاته يدرك صحة ما تقوله، أنها اتجهت بقصّتها صوب وجهة مختلفة عن تلك التي أثارتها الصحف في ذلك الحين. فالرواية، والفيلم كذلك، يتيح للطفل ذي السنوات الخمس أن يسرد الحكاية بنفسه. العالم يتبدّى أمام ناظريه هو والأسئلة المطروحة ترد أولاً على لسانه ويواجه بها الأم، التي تدرك أن نهايتهما قد تكون وخيمة إذا لم تسع للخروج من الغرفة تحت الأرضية التي تم حبسها فيها، خصوصًا بعدما علمت أن الوضع المعيشي لسجّانها قد لا يسمح له بإطعامها وابنها، وربما أدّى ذلك لمحاولة قتلهما تخلصّا منهما.
المخرج إبراماسون يستطيع أن يخلق الكثير من الأبعاد، حتى داخل حبس تعيش بطلة الفيلم فيه مع صغيرها. لكن الرواية تحررت أكثر من هذا الوضع وأنشأت علاقة أمتن بين الأم وابنها قائمة على كيف عليهما مواجهة العالم الصغير الذي يعيشانه على نحو غير طبيعي بنظام حياة جديد وغير معهود.
على ذلك لدينا نحو ساعة من الفيلم بالغة الحدّة والإثارة (والتوقعات لمن لم يقرأ الرواية)، قبل أن يتحوّل الفيلم إلى فصل أخير يرغب في تسوية الأوضاع بين مستقبل غامض وهروب مفاجئ وتواصل مع عالم خارجي غير مألوف. بعد نجاح الأم المعانية في الهروب من المكان مع ابنها تطالعها حياة أجمل في العناوين مما هي في الواقع. الشخصيات التي تلتقي بها داكنة من الداخل بدورها، وتحاول أن تجد مصلحتها في ماسي الغير. الحكايات الصغيرة الواردة في الفيلم (مثل انفصال والديها جوان آلن وويليام هـ مايسي) كان عليها أن تتقدم لتحتل مكانًا بارزًا في الأحداث. أبراماسون يعرف كيف يجعل هذا التوسع في الحكاية من ضمن لحمة العمل بالفعل، وليس إضافة غريبة أو دخيلة. وهو يستبعد التوغل العاطفي في معالجته رغم النوافذ المفتوحة لذلك والفرص المتاحة. كبديل، يكتفي بمعالجة جيدة عامّة ترضي المشاهد أكثر مما ترضي الناقد.



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.