سقوط ترشيح فرنجية يعيد أزمة الرئاسة اللبنانية خطوات كبيرة إلى الوراء

«حزب الله» ينحاز إلى عون.. ويعلن «تقبل التعازي» بالتسوية

سقوط ترشيح فرنجية يعيد أزمة الرئاسة اللبنانية خطوات كبيرة إلى الوراء
TT

سقوط ترشيح فرنجية يعيد أزمة الرئاسة اللبنانية خطوات كبيرة إلى الوراء

سقوط ترشيح فرنجية يعيد أزمة الرئاسة اللبنانية خطوات كبيرة إلى الوراء

لا يبدو أن اللقاء الذي جمع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون برئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية يوم أمس الأربعاء نجح في تقريب وجهات النظر بين الحليفين اللذين اهتزت العلاقة بينهما وبقوة على خلفية تبني رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ترشيح الأخير لرئاسة الجمهورية بوجه تبني حزب الله ترشيح عون، ما أدّى إلى تصدع التحالفات السياسية القائمة وبروز تكتلات جديدة، أبرزها تكتل مسيحي ضم إلى تيار عون حزبي «القوات» و«الكتائب».
وأشاع قرار فرنجية عدم الإدلاء بأي تصريح لدى خروجه من مقر إقامة عون في منطقة الرابية شرق بيروت جوا سلبيا تقاطع مع ما قالته مصادر في قوى «8 آذار» مقربة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط» عن «سقوط التسوية الرئاسية التي كان من المنتظر أن تأتي بفرنجية رئيسا للبلاد»، لافتة إلى أنّه «يتم حاليا تقبل التعازي بهذه التسوية».
وأشارت المصادر إلى أنّه «لم يكن منتظرا من اللقاء الذي جمع عون بفرنجية أن يخرج بأي جديد يعطي دفعا لهذه التسوية، بل كان متوقعا أن يقتصر الاجتماع بينهما على محاولة رأب الصدع والمصارحة وتبادل الآراء والمعطيات»، مرجحة أن تكون الأزمة الرئاسية «عادت خطوات كبيرة إلى الوراء».
من جهتها، قالت مصادر عون لـ«الشرق الأوسط» إنّه كان خلال اللقاء الذي جمعه بالنائب فرنجية معظم الوقت «مستمعا»، باعتبار أنّه كان «يتطلع لمعرفة تفاصيل ما حصل وما عُرض عليه من قبل الحريري في باريس وما تلا ذلك من مشاورات واتصالات». وأضافت المصادر: «العماد عون متمسك بترشيحه، كما أنّه وحزب الله غير مستعجلين على السير بتسوية تأتيهم فقط برئيس من فريقهم السياسي مقابل عودة الحريري إلى الحكم وإمساكه وحلفائه المعروفين في الداخل اللبناني مجددا بمقومات الدولة».
ولا تقتصر المؤشرات التي توحي بسقوط التسوية على موقفي عون وحزب الله، بل تشمل أيضًا موقفي «القوات» و«الكتائب» المعارضين للسير برئاسة فرنجية من دون ضمانات، ما يعني تلقائيا عدم حصول الأخير على أي غطاء مسيحي يسهّل عملية انتخابه رئيسا.
وعلى الرغم من عدم صدور أي موقف علني ورسمي من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري من موضوع ترشيح فرنجية، إلا أن الأخير يبدو متحمسا للتسوية المطروحة، حتى إن البعض يقول إنه شريك بإخراجها، وقد نقل عنه عدد من النواب يوم أمس أن «المطلوب من اللبنانيين أن يعملوا جادين للاستفادة من الظروف التي تجعل لبنان اليوم أكثر البلدان القادرة أو المهيأة لمعالجة مشكلاته وإنجاز الاستحقاقات التي يواجهها». وقال إن «استمرار الوضع على ما هو عليه وعدم تعزيز التوافق يفيد الإرهاب الذي يتربص بنا جميعا»، معتبرا أن «حل أزماتنا يتيح لنا توفير مزيد من القوة لمواجهة هذا العدو». ونقل النواب أيضًا عن بري أن «أفضل سيناريو في هذا الشأن هو تفاهم العماد عون والنائب فرنجية».
أما تيار «المستقبل» فيقر بالصعوبات التي تواجه التسوية التي طرحها رئيسه، وهو ما تحدث عنه النائب جمال الجراح الذي قال في حديث إذاعي إنّه «لا يمكننا القول إن مبادرة الرئيس سعد الحريري تسير بشكل طبيعي نتيجة اعتراضات القيادات المسيحية وتحديدا رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون»، لافتا إلى أن «حجم الاعتراضات لا يستهان به ويأخذ منحى تصاعديا، ما يستدعي لقاءات واتصالات وحوارات أكثر قد تطول».
وأضاف الجراح: «حجم الاعتراضات يأتي من أقطاب مسيحية وازنة، لكن الجهود لا تزال سارية على أعلى المستويات وفي كل الجهات في محاولة لتذليل هذه العقبات». واعتبر الجراح أن «موقف حزب الله جدي في دعم عون لأن الحزب لا يريد رئيسا للجمهورية في هذا الوقت، فالأمور لم تنضج عنده إقليميا بعد حتى يسير بالتسوية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.