يتنقل المستثمرون المحترفون بين أندية من أمثال كريستال بالاس وبورنموث بعدما أصبح الدوري الإنجليزي الممتاز ملاذًا يصعب ألا يربح فيه المرء المال. لقد مر أكثر من 35 عامًا على إطلاق هداف ميدلزبره وسندرلاند في نهاية الخمسينات ومدرب نوتينغهام فورست السابق برايان كلاف تقييمه اللاذع عن مديري كرة القدم ورجال المال، الذي قال فيه إنه «للأسف تجتذب اللعبة نسبة معينة من النكرات في مجالات أعمالهم، من الذين يريدون أن يصبحوا شيئًا عبر كرة القدم». ولا تزال كلماته عنوانًا للحقيقة. ويظل مثل هؤلاء الملاك موجودين في كل أقسام الدوري الإنجليزي. إلا أن أحجامهم ودفاتر شيكاتهم تتنوع في تضخمها.
لكن هناك سلالة جديدة من المستثمرين تبرز على السطح. ولا يسعى أفراد تلك السلالة بالضرورة إلى السيطرة على نادٍ ما أو يتطلعون إلى أن يصبحوا شيئًا مهمًا. لكنهم يريدون بالتأكيد عائدًا معتبرًا على أموالهم - ويرون في الدوري الإنجليزي الممتاز أرضا خصبة لإدراك ذلك الهدف. وكما أشارت «فاينانشيال تايمز»، عندما اشترت مؤسسة بيك 6 إنفستمينتز حصة تبلغ 25 في المائة في نادي بورنموث، وقامت شركة أميركية للاستثمار المباشر بشراء حصة معتبرة من الأسهم في كريستال بالاس، فإنها «مثلت المرة الأولى التي يقدم فيها مستثمرون محترفون على الاستحواذ على حصص أقلية في الأندية»، ولن تكون الأخيرة.
كما أن الكثير من شركات الاستثمار المباشر تقدم الآن على شيء مغاير وجديد تمامًا: استخدام تحليلات كرة القدم لمساعدتها في تحديد جدوى أي صفقة محتملة. وكما يقول أيان لينام، وهو محامٍ رياضي بارز في مؤسسة تشارلز راسل سبيتشليس، هذا المسح المتعمق لموارد اللعب في ناد ما أصبح جزءًا ثالثًا من عملية العناية الواجبة في الصفقات، ويستخدم إلى جانب المراجعات القانونية والمالية التقليدية.
ويقول لينام الذي عمل في مجال كرة القدم على مدار عقد من الزمان: «تاريخيًا، لم يكن الحصول على فهم عميق لمستويات الفريق وأدائه موضع اهتمام.. على الأقل فيما لا يتجاوز إمكانية استخدام المالك الجديد لوكيل ودود ومحل خلاف لإطلاق بالونات الاختبار. وهو أمر مستغرب في ظل أن النجاح المالي مرهون بالأداء في اللعب. وحتى العام الماضي فقط، لم يكن المستثمرون - لا سيما القادمين من الولايات المتحدة - يفعلون أكثر من مجرد البحث عن الأسرار المخفية فحسب».
لكن ما الذي تبدو عليه عملية العناية الواجبة تلك؟ إنها تبدأ بالسؤال عما إذا كان ترتيب الفريق في الدوري قد يعود للحظ فحسب، عبر استخدام مقاييس من قبيل الفرص التهديفية التي لاحت الفريق وإهدارها. على سبيل المثال، جادل الصيف الماضي عمر تشودري - رئيس وحدة معلومات كرة القدم في مؤسسة توينتي فيرست كلوب، التي تقدم المشورة للفرق في مختلف أنحاء أوروبا وللمستثمرين المحتملين - بأن برايتون عانده الحظ عندما كاد يهبط من دوري الدرجة الأولى الموسم الماضي، وأنه كان يستحق أن يكون في ترتيب أعلى 12 مركزا وبرصيد يزيد 20 نقطة. ويمكن أن تكشف مثل تلك التقديرات أن جدول ترتيب الفرق مضلل مما يشير إلى أن ناديًا ما مقوم بأقل أو أكثر من قيمته الحقيقية.
وتطرح هذه العمليات المالية الواجبة في مجال كرة القدم المزيد من الأسئلة الأخرى. ما هو متوسط الأعمار في الفريق؟ ما هو سجل النادي في مجال شراء اللاعبين وتطوير المواهب؟ كم عدد اللاعبين المرتبطين بعقود قصيرة الأجل مع النادي؟ وما هي القيمة السوقية المستقبلية لكل لاعب في الفريق، إلى جانب الكثير من مواضيع التساؤل الأخرى.
ويقول تشودري إن هناك أسبابا كثيرة تشير إلى أن الاستثمار الأخير في بالاس قد يكون ذكيًا. وتشمل أداء الفريق في المباريات وقوته والتي تشير إلى أن ترتيبهم في منتصف جدول الدوري قابل للاستمرارية، علاوة على غياب مصاريف الانتقال المدفوعة المفرطة في المواسم الأخيرة، الحسابات العامة للنادي، والتي تظهر أنه كان يمتلك ثاني أقل فاتورة أجور في الدوري الممتاز خلال موسم 2013 - 2014. وحتى مع حساب بعض الزيادات النسبية في هذا المجال، فإن أداء الفريق يظل في مرتبة إيجابية بالمقارنة بالموارد المتاحة له.
لكن هناك بعض المؤشرات المقلقة أيضًا. ويقول تشودري: «قد يكون أحد مصادر القلق ارتفاع متوسط أعمار اللاعبين بالفريق على نحو طفيف، بالنظر إلى أن أكثر 4 لاعبين مشاركة مع الفريق - يوهان كاباي وجيمس ماك أرثر، جيسون بانشيون وسكوت دان - تتراوح أعمارهم جميعا بين 28 و29 عامًا، وأن 12 في المائة فقط من أوقات المباريات الأخرى لعبها أفراد تبلغ أعمارهم 24 عامًا أو أصغر.. كما أن اللاعبين الذين نشأوا في النادي يصارعون بشدة من أجل الوصول إلى الفريق الأول. لكن الوضع في مجمله إيجابيا».
في غضون ذلك، يدقق مستثمرون محتملون كثيرا في ظروف الأندية الإنجليزية الأخرى. ويبدو ذلك مفهومًا ومنطقيًا لا سيما في ضوء أن الفريق الذي سينهي الموسم المقبل من الدوري الممتاز في ذيل ترتيب الجدول سوف يحصل على أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني - بما يتجاوز ما يحصل عليه بطل هذا الموسم - عندما يبدأ العمل بعقد البث الجديد الذي أبرمته «سكاي» ومحطة «بي تي». ويقول دان جونز رئيس وحدة الرياضة في ديلويت للاستشارات: «يصعب الآن ألا تجني المال من الدوري الممتاز، لا سيما في ظل أن لوائح اليويفا للعب المالي النظيف تقلل من فرص خروج التكاليف عن حيز السيطرة. إلا أن ذلك لا يعني أنه ستحدث طفرة في عمليات الاستحواذ على الأندية الإنجليزية. وترجع أحد الأسباب إلى أن الملاك الحاليين أدرجوا بالفعل صفقة البث التلفزيوني الجديد في أسعارهم». ويقول لينام: «أعرف حالة واحدة على الأقل زاد فيها سعر النادي بواقع 30 إلى 40 مليون جنيه إسترليني بعد 6 أشهر من الإعلان عن اتفاق (سكاي/ بي تي)». مسألة أخرى مهمة هي أن عقد البث التلفزيوني الجديد سيجعل من الهبوط خطرًا أشد وطأة لأن دخل النادي سوف يهوى بشدة في حال هبوطه. وماذا سيحدث لو جرى تقسيم أموال البث التلفزيوني في إسبانيا على نحو أكثر تساويًا؟ أو إذا خسر الدوري الممتاز مقعدا من مقاعده الأربعة في دوري أبطال أوروبا؟
في هذه الأثناء، يقول بليك ووستر، رئيس مجلس إدارة تونتي فيرست كلوب، إنه بينما يمكن أن تساعد تحليلاتهم حاليًا في تحديد الأندية المقومة بأقل من قيمتها أو ذات المردود المرتفع المحتمل، فإنها ستسهم بما هو أكثر من ذلك في المستقبل. ويقول إن «المستثمرين المحتملين سوف يتمكنون من طلب قائمة مختصرة بالأندية المستهدفة بناء على ما إذا كانوا يريدون ناديًا مستقرًا أو عالي المخاطر مع إمكانية تحوله إلى قصة نجاح جديدة، استحواذ أم استثمار، وهل يريدونه لأجل طويل أم قصير؟».
بالتأكيد، بعض الأندية ستظل بالوعة أموال للأغنياء، وأندية أخرى ستكون أبقارًا حلوبًا للجشعين. لكن الأذكى سوف يتمكن من استشعار الفرص المستدامة الكامنة. وسوف يتحركون لاقتناصها.
الدوري الإنجليزي.. هدف جاذب للمستثمرين
الربح فيه مضمون.. وحقوق البث جعلته أكثر ضمانًا
الدوري الإنجليزي.. هدف جاذب للمستثمرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة