التحالف ينفي قصف معسكر للنظام في دير الزور.. والنظام يؤكد

واشنطن تؤكد مسؤولية روسيا عن القصف

صورة نشرها تنظيم داعش على الإنترنت يوم الأحد الماضي تبين سوريين يتفحصون حجم الدمار الذي لحق بمدينة الرقة بعد ضربة قيل إن الطيران الروسي نفذها (أ.ب)
صورة نشرها تنظيم داعش على الإنترنت يوم الأحد الماضي تبين سوريين يتفحصون حجم الدمار الذي لحق بمدينة الرقة بعد ضربة قيل إن الطيران الروسي نفذها (أ.ب)
TT

التحالف ينفي قصف معسكر للنظام في دير الزور.. والنظام يؤكد

صورة نشرها تنظيم داعش على الإنترنت يوم الأحد الماضي تبين سوريين يتفحصون حجم الدمار الذي لحق بمدينة الرقة بعد ضربة قيل إن الطيران الروسي نفذها (أ.ب)
صورة نشرها تنظيم داعش على الإنترنت يوم الأحد الماضي تبين سوريين يتفحصون حجم الدمار الذي لحق بمدينة الرقة بعد ضربة قيل إن الطيران الروسي نفذها (أ.ب)

احتجت وزارة الخارجية السورية، يوم أمس (الاثنين)، لدى الأمم المتحدة على ما قالت إنه «قصف تعرض له معسكر للجيش في منطقة دير الزور شرق البلاد، من قبل طائرات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي تتزعمه واشنطن، بينما نفت الأخيرة هذه المعلومات، مؤكدة أن قوات الائتلاف نفذت الأحد أربع ضربات بالقرب من دير الزور استهدفت أربعة رؤوس بئر نفطية تابعة لتنظيم داعش.
غير أن مسؤولا عسكريا أميركيا قال أمس الاثنين، إن الولايات المتحدة متأكدة من مسؤولية روسيا عن غارة على معسكر للجيش السوري.
ونفى المسؤول الأميركي - الذي طلب عدم الكشف عن اسمه - تماما اتهامات الحكومة السورية بأن طائرات التحالف الذي تقوده بلاده قتلت ثلاثة جنود وأصابت 13 في محافظة دير الزور بشرق سوريا يوم الأحد، بحسب تصريح نقلته «رويترز».
وأعلنت الخارجية السورية ان أربع طائرات تابعة للتحالف الدولي قامت الأحد «باستهداف أحد معسكرات الجيش العربي السوري في دير الزور بتسعة صواريخ، ما نجم عنه استشهاد ثلاثة عسكريين وجرح ثلاثة عشر آخرين وتدمير ثلاث عربات مدرعة وأربع سيارات نقل عسكرية ورشاش عيار 23 مم ورشاش عيار 5ر14 مم ومستودع للأسلحة والذخيرة»، واصفة العملية بـ«الاعتداء السافر».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل أربعة جنود، مشيرا إلى أن المعسكر المستهدف هو «معسكر الصاعقة» في ريف دير الزور الغربي. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إنها «المرة الأولى التي يتكبد فيها النظام خسائر بشرية جراء قصف جوي من الائتلاف»، لافتا إلى أنه «لم يسبق أن تعرضت قوات النظام لأي قصف من الائتلاف الذي تستهدف غاراته مقار الجهاديين وصهاريج النفط التابعة له في دير الزور».
وبينما قال مهند الطلاع، قائد المجلس العسكري في دير الزور، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعلومات التي بحوزته تقول إن المعسكر تم قصفه، إلا أنه لا إمكانية لتحديد الجهة التي قصفته. رجّح علي الليلي، المدير التنفيذي لشبكة «دير الزور 24» أن تكون طائرات التحالف هي التي قصفت المعسكر «باعتبار أنها هي التي تتحرك مساء وتضرب في الأرياف بعيدا عن المدنيين». وقال الليلي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك إمكانية لأن تكون العملية تمت عن طريق الخطأ أو لتوجيه رسالة للنظام السوري بوجوب إخلاء القاعدة العسكرية من السلاح والذخيرة، خوفا من سيطرة تنظيم داعش عليها، باعتبار أن القصف طال أطراف المعسكر وليس قلبه».
وذكّر الليلي بأن «داعش» حاول أكثر من مرة اقتحام هذا المعسكر لكنه فشل، لافتا إلى أن أكبر عملية في هذا المجال تمت في صيف عام 2014. وأضاف: «أما القصف الذي تم ليل الأحد فأدى لمقتل 5 أشخاص وجرح 10».
من جهته، قال مصدر عسكري سوري لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن الغارات استهدفت «مستودعات ذخيرة مؤلفة من مبان عدة، ومعسكر تدريب» بين «الساعة الثامنة والتاسعة مساء (الأحد)، مما أحدث انفجارا كبيرا».
واعتبرت الخارجية السورية أن القصف «يؤكد مجددا أن التحالف الأميركي يفتقد إلى الجدية والمصداقية من أجل مكافحة فعالة للإرهاب الذي أثبتت الأحداث أن لا حدود له»، مطالبة مجلس الأمن «بالتحرك الفوري إزاء هذا العدوان واتخاذ الإجراءات الواجبة لمنع تكراره».
وأعلنت قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، أن قوات الائتلاف نفذت أول من أمس (الأحد) «أربع ضربات بالقرب من دير الزور استهدفت أربعة رؤوس بئر نفطية تابعة لتنظيم داعش»، بالإضافة إلى ضربات في محافظات أخرى في سوريا. ونفى ممثل الرئيس الأميركي في التحالف الدولي، بريت ماكغورك، بدوره قصف أي معسكر للجيش السوري، معتبرا أن «التقارير عن تورط الائتلاف خاطئة».
كذلك نفى المتحدث العسكري باسم التحالف الدولي، الكولونيل ستيف وارن، ردا على سؤال لوكالة «الصحافة الفرنسية»، قصف أي قاعدة عسكرية في دير الزور. وقال: «اطلعنا على التقارير السورية، لكننا لم ننفذ أي ضربات في ذلك الجزء من دير الزور أمس (الأحد)؛ لذلك نرى أنه ما من أدلة».
وأوضح أن غارات التحالف استهدفت منطقة «تبعد 55 كيلومترا عن المكان الذي قال السوريون إنه تعرض للقصف»، مؤكدا «عدم وجود أي عناصر بشرية» في تلك المنطقة، وأن «كل ما قصفناه كان آبار نفط».
وتتعرض محافظة دير الزور منذ أسابيع لغارات مكثفة من طائرات التحالف الدولي، وكذلك من الطائرات الروسية، تستهدف بشكل خاص أنشطة ومواقع «داعش» النفطية.
ويشن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بزعامة واشنطن منذ سبتمبر (أيلول) 2014، غارات جوية تستهدف مواقع «داعش» وتحركاته في مناطق سيطرته في سوريا والعراق. وتنتقد دمشق باستمرار عدم فاعلية هذه الغارات التي تجري من دون تنسيق مع السلطات السورية، بخلاف الغارات التي تنفذها روسيا بالتنسيق مع الجيش السوري منذ 30 سبتمبر.
وفي تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية، رد النائب في البرلمان السوري أنس الشامي، استهداف طائرات التحالف لمعسكر للجيش السوري لـ«التقدم الحقيقي الذي يحرزه الجيش في مواجهة التنظيمات الإرهابية المسلحة، المدعومة من الولايات المتحدة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.