وقف إطلاق النار مع بدء «جنيف2».. و24 مفاوضًا ومستشارًا يحسمون الموقف

الوزير جباري لـ {الشرق الأوسط}: تجاوب الرئيس هادي هو من باب إبداء حسن النية

وقف إطلاق النار مع بدء «جنيف2».. و24 مفاوضًا ومستشارًا يحسمون الموقف
TT

وقف إطلاق النار مع بدء «جنيف2».. و24 مفاوضًا ومستشارًا يحسمون الموقف

وقف إطلاق النار مع بدء «جنيف2».. و24 مفاوضًا ومستشارًا يحسمون الموقف

أعلن مبعوث الأمم المتحدة لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عقد محادثات السلام التي طال انتظارها بين الحكومة اليمنية والانقلابين الحوثيين في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في مدينة جنيف السويسرية، مشيرا إلى خطوات لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة اعتبارا من 15 ديسمبر، بنية خلق بيئة مواتية للمحادثات.
وقال ولد الشيخ في مؤتمر صحافي بجنيف مساء الاثنين، إن كلا من الحكومة اليمنية والرئيس عبد ربه منصور هادي من جانب، والحوثيين المدعومين من إيران من جانب آخر، ملتزمون بعملية السلام وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 الصادر في أبريل (نيسان) الماضي، وأشار إلى تشكيل كل وفد من ثمانية مفاوضين وأربعة مستشارين، وعقد ورش عمل ليومين حول مهارات التفاوض قبل الموعد الرسمي للمحادثات
وقال ولد الشيخ «بعد عدة أسابيع من المشاورات المكثفة مع كل الأطراف وكذلك اللاعبين الإقليميين والدوليين، أعلن أن الطرفين اتفقا على إجراء محادثات السلام في 15 ديسمبر في سويسرا، وقد شجعنا الأطراف لأخذ تدابير لبناء الثقة بما في ذلك تنفيذ وقف لإطلاق النار، والإفراج عن السجناء، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، التي من شأنها أن تشكل خطوات إيجابية في الجهود الرامية إلى تخفيف التوتر وتسهيل الطريق للتسوية السلمية للصراع في اليمن».
وفي سؤال حول جدول الأعمال المطروح على أجندة المحادثات في جنيف، قال ولد الشيخ «سنعمل في إطار تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، وسيكون لدينا نقاش حول وقف إطلاق النار الذي يعد أولوية قصوى، وجعله وقفا دائما وطويل الأجل ونهائيا، ومناقشة الانسحاب للميليشيات والجماعات المسلحة من مناطق مختلفة من البلاد، والنقطة الثالثة ذات صلة بالأسلحة وكيفية التعامل مع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، والنقطة الرابعة هي تدابير بناء الثقة تتعلق بتسهيل وصول المساعدات والإفراج عن الأسرى، وننظر في القضايا المتعلقة بالاقتصاد، وسيكون لنا مناقشة حول استئناف الحوار السياسي بين الطرفين، ونحن في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة للمحادثات».
وأوضح المبعوث الأممي أن الوفود المشاركة في المحادثات ستتشكل من 12 عضوا من كل جانب، وقال: «سيكون هناك 12 مشاركا من الحكومة اليمنية، يشملون ثمانية مفاوضين إضافة إلى أربعة مستشارين. وسيكون هناك ثمانية مشاركين من الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام وأربعة مستشارين ولن نتجاوز هذا الرقم»، ونفى ولد الشيخ وجود شروط مسبقة للمحادثات أو مشاركة أي أطراف خارجية فيها، مشددا على أنها ستكون محادثات يمنية - يمنية، وقال: «نحن لن نذهب لطاولة المفاوضات مع أي شروط مسبقة وسنعمل في إطار قرار مجلس الأمن 2216، ولدينا ثلاث ركائز هي مبادرة التعاون الخليجي، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن، وهي محادثات يمنية - يمنية، وبالتالي لن تتم دعوة أي أطراف خارجية».
وأوضح ولد الشيخ أن خطة الأمم المتحدة هي وصول الوفود قبل يوم أو يومين من موعد المحادثات للقيام بورشة عمل حول مهارات التفاوض، ثم بدء مرحلة التفاوض رسميا في 15 ديسمبر، للاتفاق على آلية عمل للالتزام بوقف إطلاق النار طويل الأجل، والانسحاب من بعض المناطق، وتوضيح مسألة الحدود، وعدد من المسائل الفنية التي تتطلب المزيد من المناقشات.
ووجه المبعوث الأممي الشكر لجهود السعودية ودولة الإمارات، ودعمهما لجهود وقف إطلاق النار، كما أثنى على الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتزامه القوي بتحقيق سلام دائم في اليمن. وأبدى المبعوث الأممي امتنانه لنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية عبد الملك المخلافي، ودوره في الإعداد للمحادثات، كما وجه الشكر للأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام عارف زوكا، والمتحدث باسم أنصار الله.
وأوضح عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخدمة المدنية والتأمينات، لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك تجاوبا من الرئيس عبد ربه منصور هادي، على طلب إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن، بوقف إطلاق النار المؤقت، من أجل إتاحة الفرصة أمام المشاورات المزمع عقدها في جنيف، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن يكون هناك حسن نية من الطرف الانقلابيين نحو إطلاق سراح السجناء والمختطفين، وغيرهم من السياسيين، الذين اختطفوا بلا ذنب.
وأشار نائب رئيس الوزراء اليمني إلى أن تجاوب الرئيس هادي، من أجل إبداء حسن النية رغبة في الوصول لمشاورات ناجحة، وسيتم الرفع إلى قوات التحالف للدفاع عن اليمن، بقيادة السعودية، بإيقاف إطلاق النار المؤقت، بشروط على ألا يكون هناك تحركات عسكرية، أو اعتداء على المدنيين، وأن يكون هناك انسحابات من بعض المناطق التي توجد فيها احتكاكات، مثل تعز، حتى يكون الطرف الانقلابي مستعدًا لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216، بعد أن وافقت عليه 14 دولة.
إلى ذلك كشف مصدر سياسي يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» عن تجاوز الحكومة اليمنية «بعض العقبات والمشكلات التي أعاقت جهودها، الفترة الماضية»، وأشار إلى أن الرئيس عبد ربه منصور هادي بات يمسك بملف المشاورات، بشكل كامل، وقال المصدر إن «دول المنطقة والإقليم حريصة، كل الحرص، على الوفاق السياسي في اليمن، وبما يسهل مشاورات جنيف والخروج بنتائج إيجابية تخدم استقرار اليمن»، وأشار المصدر اليمني، وهو مقرب من المشاورات، إلى أنه «تم الاتفاق على كافة التفاصيل المتعلقة بإجراء المشاورات ونجاحها، بما فيها عدد المشاركين والأسماء، وأن بعض الأسماء ربما تتغير لظروف معينة تتعلق بها شخصيا».
في هذه الأثناء، أعلنت القيادة اليمنية حرصها على السلام واستعدادها للمشاركة في المشاورات، وطالبت بما يثبت جدية الطرف الآخر، وهنا قال الشيخ عبد العزيز المفلحي، مستشار الرئيس اليمني لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة اليمنية تسعى إلى السلام وترفض الحرب، وعلى ذلك كان مبدأ القبول بالتشاور والتفاوض هو الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي وفي مقدمتها القرار 2216، مؤكدا أن «الكرة في ملعب الحوثيين والمخلوع صالح، ويجب أن يسبق التشاور إثبات حسن النية من قبل الطرف المعتدي، من خلال إيقاف العدوان الغاشم على محافظة تعز وفك الحصار عنها وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين»، وقال إن هذا «يعد شرطا أساسيا بالنسبة للحكومة اليمنية للإقدام على التشاور من أجل السلام»، وإن الحكومة اليمنية، وعلى رأسها الرئيس عبد ربه منصور هادي، «مصرون على استتباب الأمن والسلام في ربوع اليمن كاملا».
وردا على سؤال عما إذا كان ما يطرح سيفسر، من قبل البعض، على أنه مسعى لإفشال المشاورات، رد المفلحي بالقول إن «الذي سيفشل المشاورات هو الطرف الذي لم يجهز نفسه أو يسمي وفده، حتى اللحظة، ولو كانت لديهم أدنى جدية لكانوا أعلنوا وفدهم في وقت سابق»، مؤكدا أن هذا المشاورات «كان يفترض أن تعقد منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ولكنها أجلت بسبب مماطلة الطرف الآخر»، وأن «الشرعية جاهزة لمثل هذه المشاورات، وفقا لما ذكرته من متطلبات، والشرط الأساسي هو الإعلان بالقبول بالقرار 2216».
وجاء تحديد الوسيط الأممي لزمان ومكان الجولة الثانية من المشاورات بين الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بعد جولات مكوكية أجرى خلالها مشاورات ومباحثات في الرياض مع الحكومة الشرعية ووفدها إلى التفاوض، ومباحثات مماثلة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، السبت الماضي، في عدن، إضافة إلى مباحثات مماثلة مع ممثلي الحوثيين والمخلوع صالح، في العاصمة العمانية مسقط.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.