الصناديق المالية.. «كلمة السر» وقت الأزمات

«حكومية» و«خاصة» و«سيادية»

الصناديق المالية.. «كلمة السر» وقت الأزمات
TT

الصناديق المالية.. «كلمة السر» وقت الأزمات

الصناديق المالية.. «كلمة السر» وقت الأزمات

تنشأ الحاجة إلى الصناديق المالية كلما ظهرت بوادر أزمة، لدعم سياسة نقدية أو تنشيط اقتصاد متعثر أو دفع عجلة مشروعات متوقفة، أو حتى إيقاف انهيارات لموازنات دول. وعادة ما تتأسس الصناديق في أوقات الرخاء المالي للاستعانة بها في الأزمات، إلا أن الدول لم تلتقط أنفاسها من أزمة حتى تتبعها أخرى، وسط تباطؤ اقتصادي عالمي بدأ ينتج ركودا في دول وأزمة سيولة في دول أخرى.
وخلال الفترة الأخيرة زاد اتجاه تأسيس الصناديق مع زيادة الأزمات، وهو ما ظهر بوضوح في إعلان الاتحاد الأوروبي تأسيس صندوق لإنقاذ البنوك المتعثرة في اليونان، يبدأ عمله بداية يناير (كانون الثاني). كما أعلن الاتحاد الأوروبي أيضا في النصف الأول من الشهر الماضي، في العاصمة المالطية فاليتا، عن إنشاء صندوق لمساعدة أفريقيا على مواجهة أزمة الهجرة، يبلغ رأسماله 1.8 مليار يورو، ودعيت كل من الدول الثمانية والعشرين الأعضاء إلى المساهمة فيه.
وأكدت مفوضية الاتحاد الأوروبي مؤخرا، أنها ستنشئ صندوق إغاثة بقيمة ثلاثة مليارات يورو لمساعدة تركيا في دعم اللاجئين السوريين، وفي وقف تدفق المهاجرين الساعين لدخول الاتحاد الأوروبي.
وتنقسم الصناديق المالية إلى صناديق الأسهم (مغلقة ومفتوحة)، والصناديق ذات الدخول الثابتة، والصناديق المختلطة (مزيج من الأسهم والدخل الثابت، وأحيانا يطلق عليها «الصناديق المتوازنة»)، والصناديق الدولية، وصناديق سوق المال.
وعلى حسب الأهداف العامة يتم وضع سياسة كل صندوق، إذ إن الصناديق الحكومية التي تنشأ في النقابات المهنية لها طبيعة مختلفة عن صناديق الاستثمار في الأسهم، والصناديق الخاصة بالشركات، أما الصناديق السيادية التي تستثمر الفائض من موازنات الدول للأجيال المقبلة فعددها قليل مقارنة بعدد الصناديق الأخرى.
العضو المنتدب لشركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، محمد ماهر، أوضح أن الصناديق التي يتم الإعلان عن تأسيسها من بعض الدول أو عدة جهات أثناء وجود أزمة ما، «يقصد بها مخصصات مالية ليست للاستثمار؛ يطلق عليها مجازا (صناديق)».
وعن توقيت اللجوء إلى صناديق الاستثمار أو الصناديق السيادية، قال ماهر لـ«الشرق الأوسط» إنه «حان وقت الصناديق»، مشيرا إلى الدول التي لديها صناديق سيادية وتعاني عجزا في الميزانية، موضحا أن هناك دولا كثيرة كانت تحقق فائضا كبيرا وقت الرخاء المالي، بينما الآن لا بد من اللجوء إلى الصناديق لتغطية العجز.
وتمتلك صناديق الثروة الخليجية حصصا كبرى في شركات بارزة، مثل «توتال» الفرنسية للنفط، و«فولكس فاغن» الألمانية لصناعة السيارات، فضلا عن الاستثمار في القطاع العقاري الأوروبي.
ووفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية وبيانات رسمية، فإن صناديق الثروة السيادية في الدول الخليجية تقدر بنحو 2.43 تريليون دولار حتى مارس (آذار) الماضي، وتتمثل في الآتي:
- جهاز أبوظبي للاستثمار 773 مليار دولار، يستثمر في الأسهم بالأسواق المتقدمة.
- مؤسسة النقد العربي السعودي 683 مليار دولار، في سندات الخزانة الأميركية وودائع بنكية.
- الهيئة العامة للاستثمار الكويتية 548 مليار دولار، في العقارات والأوراق المالية.
- جهاز قطر للاستثمار 256 مليار دولار، في استحواذات الشركات.
- مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية 70 مليار دولار، في الشركات الكبرى بدبي.
- صندوق الاحتياطي العام للدولة في سلطنة عمان 13 مليار دولار، في الأسهم والسندات.
- شركة ممتلكات البحرين القابضة 11 مليار دولار، في مؤسسات البحرين الاستراتيجية.
ويتركز إجمالي أصول صناديق الثروة السيادية (الخليجية والأجنبية) في عدد محدود من البلدان في العالم، لتبلغ حسب التقديرات في مارس 2015 نحو 7.3 تريليونات دولار، منها أصول مرتبطة بالنفط والغاز بقيمة 4.2 تريليون دولار.
ونما قطاع صناديق الثروة السيادية بوتيرة سريعة على مدى السنوات العشر الأخيرة، ولكن نظرا لأن 73 في المائة من أصول تلك الصناديق تشكلها إيرادات النفط والغاز بدأت دول مثل روسيا والسعودية والنرويج في السحب من احتياطاتها بالفعل.
وتوقعت «موديز» للتصنيف الائتماني الشهر الماضي، نمو أصول صناديق الثروة السيادية بوتيرة أبطأ، أو ستنخفض مع اضطرار الحكومات إلى السحب من أموالها، لسد عجز الموازنة الناجم عن استمرار تدني أسعار النفط.
ومن المتوقع أن تسجل النرويج سحبا صافيا من صندوق ثروتها السيادي - الأكبر من نوعه في العالم - هذا العام للمرة الأولى منذ تأسيسه للمساعدة في تمويل تخفيضات ضريبية بهدف تحفيز الاقتصاد، بحسب «موديز».
وأضافت أن صناديق الثروة السيادية في النرويج وسنغافورة وهونغ كونغ ودول الخليج لديها ما يكفي من الأصول لتبني استراتيجيات استثمار قوية تتوقع أن تدر عائدات أعلى. ولا تعتمد الحكومات على صناديق الثروة السيادية وحدها لسد العجز في الميزانية، بل تلجأ أيضا إلى استخدام احتياطاتها التقليدية من النقد الأجنبي، وإصدار أدوات الدين، وخفض الإنفاق الحكومي.
وأشار تقرير صادر عن مجلس الاستقرار المالي في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى أن النظام المصرفي الموازي استمر في النمو العام الماضي، لتصل قيمته إلى نحو ثمانين ألف مليار دولار. ويمثل النظام المصرفي الموازي جميع الأنشطة الائتمانية خارج الأطر المصرفية التقليدية، مثل الصناديق البديلة، وصناديق الاستثمار في المنتجات الائتمانية أو صناديق النقد.
ولفت المجلس إلى أنه في عام 2014 تعزز وزن النظام المصرفي الموازي بألفي مليار دولار، موضحا أن نمو هذا القطاع المالي تجاوز نمو الاقتصاد الكلي.
ويتابع مجلس الاستقرار المالي (وهو مؤسسة مكلفة من قبل «مجموعة العشرين» لإصلاح القطاع المصرفي في أعقاب انهيار مصرف «ليمان براذرز» الأميركي)، نمو النظام من خلال تقرير سنوي.
وبلغ إجمالي ما أنفقته صناديق الثروة السيادية على عمليات الاستحواذ في الخارج 24.9 مليار دولار في الربع الثالث من 2015، وهو رقم يعادل تقريبا مثل ما أنفقته الصناديق في الربع السابق، إذ تسعى تلك الصناديق وراء الأصول عالية القيمة.
وبحسب بيانات لـ«رويترز»، فإن صناديق الثروة السيادية التي تستثمر العائدات الاستثنائية التي تجمعها من صادرات النفط والسلع الأولية الأخرى للأجيال القادمة دخلت في 28 صفقة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، أي أقل عشر صفقات عن الربع السابق.
وظلت صناديق الثروة نشطة على الرغم من التوقعات بأن تجبرها أسعار السلع الأولية الآخذة في التراجع على تقليص الاستحواذات في الخارج. وظل القطاع العقاري يحظى بإقبال شديد، حيث اشترى الصندوق السيادي النرويجي حصة في مقر شركة «إير بي إن بي» في سان فرانسيسكو، بينما استحوذت «كتارا للضيافة» القطرية على فندق «ويستن إكسلسيور» في روما.
العضو المنتدب في إدارة صناديق الاستثمار بالمجموعة المالية «هيرميس»، خليل البواب، قال إن «تحرك الصناديق السيادية لدعم قطاع الموازنة عندما يمر بعجز مالي هو توجه استراتيجي صحيح»، مؤكدا أن تلك الصناديق يديرها مديرون ذوو كفاءة عالية يحددون دائما الوقت المناسب للبيع والاستثمار.
وأوضح البواب، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أن «لكل صندوق سياسته الاستثمارية التي توضح مدى إقباله على حجم المخاطر، ونسبة الاستثمار في كل قطاع والسيولة المتاحة، وهنا تجب التفرقة بين الصناديق الحكومية والخاصة والسيادية». موضحا أن دور الصناديق الاستثمارية يتمثل في اقتناص فرص استثمارية جيدة في قطاعات محددة، حسب نشرة اكتتاب الصندوق.
وأظهرت دراسة نشرت نتائجها يوم 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن الصناديق الآسيوية واصلت شراء الأسهم الأوروبية بحسب بيانات من «ناسداك إدفيزوري سيرفسيز» التي تقدم تحليلات حول أنشطة المساهمين والمستثمرين. وأن أكبر ثلاثة صناديق ثروة سيادية تعتمد على النفط مستمرة في بيع حصص من الأسهم الأوروبية المملوكة لها منذ مايو (أيار)، في إشارة جديدة على تحرك دول منتجة للنفط لسحب أموالها من الأسواق العالمية. وباع «نورجس بنك إنفستمنت مانجمنت» النرويجي أسهما بقيمة 1.1 مليار دولار، بما يمثل نحو اثنين في المائة من القيمة السوقية لحيازاته من الأسهم البالغة قيمتها 57.5 مليار دولار. وباع جهاز «أبوظبي للاستثمار» أسهما بنحو 300 مليون دولار من إجمالي حيازاته البالغة قيمتها 3.6 مليار دولار.
وقالت النرويج إنها ستسجل أول سحب صافٍ من صندوقها السيادي منذ إنشائه، للمساهمة في تغطية تكلفة التخفيضات الضريبية التي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد. وتمتلك النرويج أكبر صندوق سيادي في العالم بثروة تبلغ 830 مليار دولار، ويستحوذ على نحو 1.3 في المائة من الأسهم العالمية.
كما يدرس صندوق الثروة السيادي الكويتي بيع أصول لتغطية عجز الميزانية الحكومية بفعل هبوط أسعار النفط. ووفقا لتقارير إعلامية كويتية فإن الصندوق الذي تقدر أصوله بنحو 540 مليار دولار يدرس تسييل الأصول التي تقل عائداتها السنوية عن تسعة في المائة. ويستثمر الصندوق أمواله بأنحاء العالم في فئات متنوعة من الأصول مثل السندات والأسهم والعقارات. وحجم الأصول المتوقع بيعها يبلغ نحو تسعة مليارات دينار (30 مليار دولار)، إذ يعتقد مسؤولون أن بيع الأصول التي تدر عائدات أقل من تسعة في المائة هو وسيلة أقل تكلفة نسبيا لتغطية عجز الميزانية وتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى المزمعة.
في المقابل كانت أكبر ثلاثة صناديق سيادية لا تعتمد على السلع الأولية مشترية خالصة للأسهم الأوروبية، وبخاصة إدارة النقد الأجنبي الصينية التي تمتلك أسهما بقيمة 35.6 مليار دولار من أسهم الشركات في عينة «ناسداك».
* الوحدة الاقتصادية
لـ«الشرق الأوسط»



رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
TT

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)
الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما، إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي، لكنه يريد مراجعة الاتفاق لمعالجة الإنفاق الحكومي المسرف وتطوير قطاع الطاقة.

وأضاف ماهاما، الرئيس السابق الذي فاز في انتخابات 7 ديسمبر (كانون الأول) بفارق كبير، لـ«رويترز» في وقت متأخر من يوم الجمعة، أنه سيسعى أيضاً إلى معالجة التضخم وانخفاض قيمة العملة للتخفيف من أزمة تكاليف المعيشة في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وكان ماهاما قال في وقت سابق، إنه سيعيد التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي الذي حصلت عليه حكومة الرئيس المنتهية ولايته نانا أكوفو في عام 2023.

وقال ماهاما: «عندما أتحدث عن إعادة التفاوض، لا أعني أننا نتخلى عن البرنامج. نحن ملزمون به؛ ولكن ما نقوله هو أنه ضمن البرنامج، يجب أن يكون من الممكن إجراء بعض التعديلات لتناسب الواقع». وأعلنت اللجنة الانتخابية في غانا فوز ماهاما، الذي تولى منصبه من 2012 إلى 2016، بالانتخابات الرئاسية بحصوله على 56.55 في المائة من الأصوات.

وقد ورث الرئيس المنتخب لثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم، دولة خرجت من أسوأ أزمة اقتصادية منذ جيل، مع اضطرابات في صناعتي الكاكاو والذهب الحيويتين.

التركيز على الإنفاق والطاقة ساعد اتفاق صندوق النقد الدولي في خفض التضخم إلى النصف وإعادة الاقتصاد إلى النمو، لكن ماهاما قال إن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لتخفيف الصعوبات الاقتصادية.

وقال ماهاما، الذي فاز حزبه المؤتمر الوطني الديمقراطي بسهولة في تصويت برلماني عقد في 7 ديسمبر: «الوضع الاقتصادي مأساوي... وسأبذل قصارى جهدي وأبذل قصارى جهدي وأركز على تحسين حياة الغانيين».

وأوضح أن «تعدد الضرائب» المتفق عليها بوصفها جزءاً من برنامج صندوق النقد الدولي، جعل غانا «غير جاذبة للأعمال». وقال: «نعتقد أيضاً أن (صندوق النقد الدولي) لم يفرض ضغوطاً كافية على الحكومة لخفض الإنفاق المسرف»، مضيفاً أن المراجعة ستهدف إلى خفض الإنفاق، بما في ذلك من جانب مكتب الرئيس.

ولفت إلى أن صندوق النقد الدولي وافق على إرسال بعثة مبكرة لإجراء مراجعة منتظمة، مضيفاً أن المناقشات ستركز على «كيفية تسهيل إعادة هيكلة الديون» التي وصلت الآن إلى مرحلتها الأخيرة. وقال إن الاتفاق المنقح مع صندوق النقد الدولي سيسعى أيضاً إلى إيجاد حلول مستدامة لمشاكل الطاقة، لتجنب انقطاع التيار الكهربائي المستمر.

وقال ماهاما: «سنواجه موقفاً حرجاً للغاية بقطاع الطاقة. شركة الكهرباء في غانا هي الرجل المريض لسلسلة القيمة بأكملها ونحن بحاجة إلى إصلاحها بسرعة».