تونس تشهد على إعلان مبادئ لحل أزمة ليبيا.. ومؤشرات على تأهب غربي لضرب «داعش»

يتضمن إجراء انتخابات وإعادة تسمية رئيس حكومة التوافق والاتفاق على نائبين

ممثلون عن برلماني طبرق وطرابلس بعد توقيع وثيقة المبادىء في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
ممثلون عن برلماني طبرق وطرابلس بعد توقيع وثيقة المبادىء في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس تشهد على إعلان مبادئ لحل أزمة ليبيا.. ومؤشرات على تأهب غربي لضرب «داعش»

ممثلون عن برلماني طبرق وطرابلس بعد توقيع وثيقة المبادىء في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
ممثلون عن برلماني طبرق وطرابلس بعد توقيع وثيقة المبادىء في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

وقع إبراهيم فتحي عميش رئيس وفد مجلس النواب الليبي وعوض محمد عبد الصادق رئيس وفد المؤتمر الوطني العام الليبي أمس في منطقة قمرت بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية إعلان مبادئ لحل الأزمة الليبية وتسوية المعضلة السياسية. وجرى هذا الاجتماع لأول مرة دون طرف دولي يجمع بينهما وفي غياب ممثلين عن السلطات التونسية سواء من الحكومة أو وزارة الخارجية التونسية.
ووفق مصادر ليبية مشاركة في هذا الاجتماع، فإن إعلان المبادئ يشمل ثلاث نقاط هامة، وهي العودة والاحتكام إلى الشرعية الدستورية التي يمثلها الدستور الليبي السابق واعتباره الخيار الأمثل لحل النزاع حول السلطة البرلمانية وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات برلمانية في غضون سنتين.
وينص الاتفاق المبدئي في نقطة ثانية على تشكيل لجنة من عشرة أعضاء من البرلمانيين بالتساوي بين البرلمان والمؤتمر الوطني، وهي التي تتولى مهمة إعادة تسمية رئيس حكومة التوافق الوطني خلال عشرة أيام، والاتفاق على نائبين للرئيس فقط، أحدهما من مجلس النواب والآخر من المؤتمر الوطني العام السابق، وهذا خلال مجدة زمنية لا تزيد على أسبوعين.
أما النقطة الثالثة والأخيرة فهي تنص على تشكيل لجنة من عشرة أعضاء يمثلون البرلمان والمؤتمر الوطني ويعهد إليها مهمة تنقيد الدستور الليبي المشار إليه مما يمهد الطريق لحل النزاع البرلماني بما يتفق مع طبيعة المرحلة السياسية الحالية في ليبيا.
وينسف هذا الاتفاق من الأساس كل ما أعلن عنه المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون، من اختيار فائز السراج لرئاسة الحكومة الليبية.
وبشأن الأجواء التي دار فيها الاجتماع، ذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن كل الظروف أتت مواتية وقد اتسمت بالجدية وأن الطرفين الليبيين حضرا وحدهما وأمضيا الاتفاق دون تدخل أي طرف خارجي، وأضافت المصادر ذاتها أن حظوظ نجاحه قد تكون أوفر من جولات المصالحة السابقة.
ومنذ يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عينت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الألماني مارتن كوبلر مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا خلفا للمبعوث السابق برناردينو ليون. والتقى كوبلر في طبرق مع الصادق إدريس النائب الثاني لرئيس البرلمان الليبي المعترف به دوليا وأعضاء في البرلمان، وعقد المبعوث الأممي كذلك لقاءات مع مسؤولين في الحكومة الليبية في طبرق تمهيدا لحصول مشاورات حول المصالحة الليبية.
لكن الناطق الرسمي باسم مجلس النواب فرج بوهاشم قال لـ«الشرق الأوسط» إن إقدام النائب عميش على توقيع هذا الاتفاق «يمثل سذاجة سياسية وقفزا في الهواء»، مضيفا أنه «محاولة يائسة من بعض المعرقلين للاتفاق السياسي الليبي من الطرفين لإفشال الاتفاق وما وصلنا إليه حتى الآن من مرحلة متقدمة من النتائج». وشدد على أن هذا التصرف لا يمثل مجلس النواب، فهو تصرف فردي قام به صاحبه (عميش) بعيدا عن المجلس ولا علم للمجلس به، وبالتالي فإننا في مجلس النواب نطالب هيئة الرئاسة بفتح تحقيق معه». وتابع: «كما نطالب رئاسة المجلس بالنظر بمسؤولية إلى اللائحة الداخلية المنظمة لعمل المجلس وعدم الابتعاد عنها في كل إجراءاتها واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتصحيح أي إجراء مخالف».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر ليبية مطلعة أن التوقيع النهائي على اتفاق سلام ينهي الصراع على السلطة في ليبيا سيتم نهاية الشهر الحالي في منتجع الصخيرات بالمغرب. وقالت مصادر في مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له إن التوقيع على اتفاق سلام رسمي ترعاه بعثة الأمم المتحدة سيكون في الصخيرات، مشيرة إلى أن هذا هو رأي البعثة الأممية والمشاركين في الاجتماع الأخير لمحادثات السلام، والرأي النهائي للنواب بعد التشاور سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة». وأوضحت أنه من المتوقع أن يتم التوقيع على الاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة خلال الشهر الحالي.
وتابعت المصادر التي اشترطت عدم تعريفها: «لا ننسى أن (داعش ليبيا) بدأ يشكل تهديدا أكثر من ذي قبل، فالمعلومات الاستخباراتية تفيد بأنه قد يتحرك بشكل مفاجئ في أماكن في ليبيا، وهذا من شأنه أن يزيد الوضع سوءا». وكشفت النقاب عن تلقي السلطات الشرعية في ليبيا وعودا دولية برفع الحظر المفروض على إعادة تسليح الجيش الليبي في المرحلة التالية لتشكيل الحكومة رسميا حيث، وقالت: «نعم، هناك وعود واضحة بدعم الجيش الليبي بمجرد اعتماد اتفاق، بل وبعض الدول أكدت أنها ستقدم الدعم للجيش الليبي حتى قبل صدور قرار برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، وهذا سيكون بعد اعتماد الاتفاق مباشرة».
وبدا أمس أن المعلومات الاستخباراتية عن تحركات «داعش» على الأراضي الليبية قد دفعت المخططين العسكريين في حلف شمال الأطلسي إلى مباشرة البحث عن سبل التدخل في ليبيا لمنع تمدد التنظيم المتطرف الذي يستغل الانقسام السياسي هناك، وفقا لما أكدته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وانضمت الطائرات الفرنسية إلى نظيرتها الأميركية التي تنفذ طلعات استطلاع فوق مناطق سيطرة «داعش» في ليبيا، خصوصا مدينة سرت التي تشكل معقل التنظيم، بينما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا حديثة لطائرات أميركية دون طيران تحلق فوق المدينة.
وتزايد احتمال شن الغارات الجوية مع صدور تقرير أممي الأسبوع الماضي يفيد بما تقوله معطيات أجهزة استخبارات منذ عدة أشهر حول تحول ليبيا إلى مستضيف احتياط وبديل لتنظيم داعش في سوريا، إذ ذكر التقرير أن عدد مقاتلي «داعش» في ليبيا بين 2000 - 3000، ويتمركزون في سرت، قاتل نحو 800 منهم في العراق وسوريا قبل أن يعودوا إلى ليبيا، مشيرا إلى أن التنظيم يسعى لبسط سيطرته على مناطق أوسع رغم معارضة السكان له بسبب الفظاعات التي يرتكبها.
وقال ملحق عسكري غربي عمل بليبيا للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني: «كلما تعرض (داعش) للضغط في شرق المتوسط فإن فرعه في ليبيا أكثر نشاطا».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».